مقابلات

رئيس «مالمو السينمائي»: لا نحتاج إلى دعم للمهرجان ونرحب بالرعاة

القاهرة ـ «سينماتوغراف»: انتصار دردير

لا شك أن وجود تظاهرات للسينما العربية في أوروبا يفتح آفاقاً جديدة للسينمائيين العرب إذ يتيح لهم جمهوراً مختلفاً واحتكاكاً ضرورياً لتبادل الرؤى والخبرات، ومن جهة أخرى فهذه التظاهرات تعمل على تصحيح كثير من الصور المغلوطة عن المجتمعات العربية التي ساهم الإعلام الغربي والعربي أيضاً في تشويهها.

قبل ثماني سنوات انطلق مهرجان «مالمو» للسينما العربية بالسويد كأول مهرجان يختص بالأفلام العربية بين الدول الاسكندنافية، وخلال هذه السنوات استطاع أن يحقق خطوات ناجحة ليس فقط في استقطاب جمهور من كافة الجنسيات وإنما في مبادراته المتتالية، وأهمها انشاء صندوق لدعم الإنتاج السينمائي وتشجيع الإنتاج المشترك بين السويد والسينمائيين العرب، وعرض الأفلام العربية ليس في السويد فقط بل والدول الاسكندنافية أيضاً.

وفي دورته لهذا العام (3 إلى 9 أكتوبر2018) اختار مهرجان مالمو السينما المصرية كضيف شرف، حيث سيكون فيلما الافتتاح والختام مصرياً وكذلك الندوة الرئيسية التي تطرح مناقشة «السينما المصرية بين عراقة الماضي وطموحات المستقبل».

التقت «سينماتوغراف» رئيس مهرجان مالمو في حوار خاص خلال زيارته للقاهرة، وكان اللقاء التالي:

* قلت له: ونحن على مشارف الدورة الثامنة، هل استطاع المهرجان أن يحقق شعاره كجسر هام للحوار في بلد متنوع الثقافات، وما هو انطباع الجمهور السويدي عن السينما العربية قبل وبعد دورات المهرجان السبع الماضية؟

– أجاب قائلاً: حين أطلقنا المهرجان كان لدينا هدفاً أساسياً وهو الوصول للجمهور السويدي والجنسيات المختلفة، فمدينة مالمو التي يقام بها تضم أكثر من 150 جنسية، وكان تفكيرنا هل جمهور الحضور سيقتصر على الجاليات ذوى الأصول العربية فقط بالطبع لا وكان استهدافنا أيضاً للجمهور السويدي لأن السينما لغة عالمية وهى جسر ثقافي وحضاري بين المجتمعات، وخلال سبع دورات من المهرجان كان الجمهور من أصول سويدية أكثر بكثير من الجمهور من أصول عربية، واستطعنا أن نحقق هذا الهدف وبات هناك طلباً على السينما العربية من شمال السويد إلى جنوبها وامتدت إلى بقية الدول الاسكندنافية، وقد كنا قبل مالمو نشاهد فيلماً أو فيلمين عربيين كل عدة سنوات، اليوم نشاهد أكثر من مائة فيلم وبدأت الحالة تنتقل لدول أخرى لتقيم أياماً للسينما العربية في الدانمرك والنرويج وهذا يعكس إقبال وإعجاب بالسينما العربية، ولولا هذا الاقبال ما استطعنا الاستمرار لأن المهرجان لن ينجح اعتماداً فقط على الجمهور العربي، فهدفنا حوار حضاري بين المجتمعات يمد أواصر المعرفة والتعايش معاً.

* من هذا المنطلق، هل يتم ترجمة بعض الأفلام العربية للمشاهد السويدي؟

– نعرض نسخاً لكل الأفلام مترجمة إلى الإنجليزية، لكن من دورة إلى أخرى هناك بعض الأفلام تترجم إلى السويدية خاصة لطلاب المدارس، فلدينا برنامجاً دائماً لتقديم بعض أفلام المهرجان داخل المدارس السويدية ليتعرفوا على السينما العربية، وهذه الأفلام تحديداً نحرص على ترجمتها إلى اللغة السويدية.

* أعلنت مؤخراً أن ميزانية المهرجان 400 ألف يورو فما مصادر تمويله، وهل تكفي هذه الميزانية؟، وما رأيك فيما طرحه رجل الأعمال نجيب ساويرس مؤسس مهرجان الجونة السينمائي من رغبته في دعم المهرجانات العربية التي تقام في دول غربية؟، هل يحتاج مهرجانك إلى دعم؟ وكيف ترى هذه الدعوة؟

– مالمو للسينما العربية مهرجان سويدي وليس عربياً، لذا فهو يعتمد بنسبة 100% في تمويله على دعم الدولة، وهناك عدة جهات تدعمه وهي مدينة مالمو ومقاطعة سكوني والحكومة ممثلة في المعهد السويدي للأفلام، إضافة إلى بعض الرعاة السويديين، وأمر جيد بالطبع أن يقوم رجل أعمال عربي مثل نجيب ساويرس بدعم المهرجانات العربية خارج الحدود من منطلق إيمانه بدورها الحيوي لكن مالمو لا يحتاج إلى دعم لأن تمويله يتم من الحكومة السويدية كما قلت، لكننا نرحب بالرعاة.

* هل الأسهل أن تقيم مهرجاناً عربياً في أوروبا أم في دولة عربية، وكيف تصف تجربتك في تأسيس مالمو؟

– لا أعرف لكن تجربتي في إقامة المهرجان وجدت اهتماماً كبيراً منذ كان فكرة على الورق، وقوبلت بالتشجيع والاهتمام ولم أواجه رفضاً من أي جهة حكومية، بالعكس فالسويد بلد يهتم بقضية الاندماج وتقارب الحضارات وخاصة أنها تحتضن أعداداً كبيرة من الأقليات العربية وصلواً حاليا للجيل الرابع، لذا قوبلت فكرة المهرجان بالترحيب والدعم ودائماً نتناقش معهم حول الدعم وكيفيته ومقداره لإيمانهم بأهمية المهرجان.

* وهل تواجه مشكلة في استقبال بعض ضيوف المهرجان خاصة القادمين من مناطق عربية ساخنة بالأحداث السياسية؟

– حتى الآن لم نواجه مشكلة في استقبال ضيوفنا، وقد حاولنا أن نستخرج تأشيرات الإقامة لهم من خلال المهرجان كما كان يفعل مهرجان دبي، لكن السلطات رفضت ليكون على كل مدعو استخراج تأشيرته بنفسه، وهي تتم وفقاً لقوانين الدولة، فإذا لم يتقدم أحد المدعوين بأوراقه المطلوبة كاملة فلا نملك له أي شيء.

* يحمل مالمو السينمائي ضمن آلياته مسئولية إيجاد قنوات لدعم الإنتاج المشترك بين السينما العربية والسويدية، وأنشأتم قبل سنوات صندوقاً لدعم إنتاج الأفلام، فكيف تقيم هذه الخطوة؟

– في دورته الخامسة استطعنا العمل على نشر السينما العربية بالسويد، وكانت هناك قفزة أخرى بإنشاء صندوق لدعم الإنتاج بالتعاون مع المعهد السويدي للسينما الذى يضم قسماً لتمويل الإنتاج المشترك، وقد بدأنا بمرحلة تطوير الإنتاج والفيلم مجرد فكرة على الورق ونمنح للأفلام الفائزة ثلاثة جوائز مالية إحداها للفيلم الروائي الطويل وقيمتها 16 ألف يورو، والثانية للفيلم الوثائقي الطويل وقيمتها ستة آلاف يورو، والثالثة للفيلم القصير ونمنح الفيلم الفائز 3500 يورو، واستحدثنا هذا العام  مسابقة لأفلام بعد الإنتاج التي تحتاج دعما في التوزيع أو خلافه، وسنمنح جائزتين للأفلام الفائزة الأولى وقيمتها خمسة آلاف دولار والثانية وقيمتها ثلاثة آلاف دولار.

* لكن شروط الإنتاج المشترك تتطلب بأن يوجه نحو 60 بالمائة من هذا الدعم -بحسب بعض المؤسسات -لسويديين عاملين بالفيلم ما يفرض على المنتج العربي الاستعانة بجزء من طاقم الإنتاج من السويديين، فهل ترى ذلك في صالح الفيلم العربي أم العكس؟

– آلية الإنتاج السينمائي المشترك تقتضي وجود شريك سويدي وآخر عربي، وكل ما ذكرتيه يرتبط بشروط الدعم الذي يحكم العمل في السويد، ويحصل الفيلم على جواز مرور من خلال مالمو ليتقدم للإنتاج المشترك، وقد يتحصل على ميزانية تصل 100 ألف يورو.

* أطلقتم في الدورة الخامسة للمهرجان ملتقى الصحفيين والنقاد، فما الهدف من تنظيمه؟

– الهدف التقاء النقاد العرب مع نظرائهم من السويد والدول الاسكندنافية لتبادل الخبرات والأفكار وقد أطلقناه في 2015، وتوقف في العام الذي يليه لعدم وجود تمويل وعاد في 2017 وكان ضيوفه من مصر، وهذا العام سيكون مع نقاد من دول المغرب العربي حيث يتم تحديد ورقة نقدية للمناقشة وإثراء الحوار ونسعى لجمع هذه الأوراق في كتاب.

* ينظم مهرجان مالمو عدداً من العروض والمهرجانات الموازية في مختلف المدن السويدية على مدار العام وعلى رأسها مهرجان سينما المرأة العربية، كيف استفاد مالمو من فكرة المهرجانات الموازية، وما الجديد والمختلف في مهرجان سينما المرأة العربية؟

– في دورة 2014 قدمنا برنامجاً خاصاً عن سينما المرأة العربية حظي بإقبال كبير فاق كل توقعاتنا من العرب والسويديين، فقلنا نقيم مهرجاناً لمدة يوم أو يومين تزامنا مع احتفال الامم المتحدة بيوم المرأة العالمي والهدف تقديم صورة واقعية للمرأة العربية للمجتمع الأوروبي، ونحن حريصون في كل دورات المهرجان على دعم المرأة فيتساوى لدينا عدد أفلام النساء والرجال وكذلك في الضيوف أيضاً.

* تستعين بثلاثة من شباب النقاد العرب كمبرمجين وأعضاء لجنة مشاهدة، وهم الفلسطينية علا الشيخ مبرمجة لمهرجان سينما المرأة، والناقدان المصريان أحمد شوقي ومحمد عاطف كمبرمجين ومسئولي الإعلام، فكيف يستفيد مالمو من مجهوداتهم؟

– اشتركت علا الشيخ في دورة واحدة كمبرمجة لأفلام المرأة، أما أحمد شوقي فانضم إلينا قبل عامين وكذلك محمد عاطف، ولا شك أنهما أضافا للمهرجان وأنا سعيد بتجربتهما وأتمنى أن تستمر.

* كيف ترى قرار إلغاء أو تأجيل مهرجان دبي السينمائي هذا العام؟

– صدمة حقيقية، فمهرجان دبي كان يعنى الكثير لنا في مالمو منذ بدأنا كان هناك تعاون معه ومع مديره مسعود أمر الله، وكان المصدر الأساسي الذي نحصل على الأفلام من خلاله حيث ينفرد بأحدث إنتاجات السينما العربية والعالمية، وكان مهرجاناً ناجحاً بكل معنى الكلمة لذا لا عجب أن يعلن اتحاد السينمائيين الأوروبيين عن أسفه لتوقف المهرجان، ونتمنى أن يعود للانعقاد وأن يتخطى أزمته، والأصل في المهرجانات العربية أن يكون بينها تعاوناً باعتبار أن هدفها واحد.

 * ما هو تقييمك للسينما العربية في الآونة الأخيرة؟

– متفائل جداً بما تحققه من نجاح وتواجد في المهرجانات العالمية هذا العام، ففي كان شاركت أربعة أفلام عربية وفى فينيسيا شاركت ستة أفلام وفى تورنتو ثمانية، فالفيلم العربي أثبت وجوده على الساحة الدولية وقدم تجارب مصنوعة بشكل جيد وعلى ما يبدو أننا كنا مقصرين في ذلك، وإذا كانت السينما الأمريكية تقدم سنوياً أكثر من 300 فيلم لا يتجاوز الجيد منها 20 فإننا بإنتاجنا المحدود إذا قدمنا عشرة أفلام جيدة فهذا إنجاز كبير.

* اختيارك كأول عربي في لجنة تحكيم أفضل فيلم وثائقي بالسويد، هل تراه يمثل دعماً لمهرجان مالمو الذي ترأسه؟

لا شك أنه كذلك، فقد تم اختياري بصفتي رئيساً لمالمو السينمائي، وهو ما يدعوني للفخر لإحساسي أن هناك من يقدر جهودي، وقد شاركت كعضو لمدة ثلاث سنوات في هذه اللجنة التي تشبه الأوسكار.

* أخيراً هناك من يرى أن المهرجانات العربية في أوروبا تحمل طابعاً تجارياً، وأنها كما نقول في مصر «سبوبة»، فما رأيك؟

– أساساً التجارة ليست عيباً، وإذا جاء فنان لأي مهرجان وعمل إعلانات فهذا شيء يخصه، لكن مالمو تقيمه مؤسسة غير ربحية، وإذا حضر عروضه مائة ألف مشاهد فلن يغطى ميزانيته فهو مهرجان ثقافي بالأساس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى