رحلة نتفليكس مع الأوسكار.. 8 سنوات و89 ترشيحاً و16 جائزة
«سينماتوغراف» ـ متابعات
رغم التوقعات بحصول فيلم “The Power of the dog” للمخرجة جين كامبيون وإنتاج منصة “نتفليكس”، على جائزة أفضل فيلم روائي طويل، خلال حفل جوائز الأوسكار الـ94، فإن فوز فيلم “كودا – Coda” إنتاج “أبل تي في+” بالجائزة، بدّد حلم “نتفليكس” لأن تكون المنصة الرقمية الأولى التي تفوز بهذه الجائزة.
ويعتبر حصول منصة رقمية على أهم وسام في هوليوود، لحظة رمزية في تاريخ صناعة الترفيه.
وكانت الجائزة، بمثابة حلم كبير، لسكوت ستوبر، رئيس قسم الأفلام العالمية في “نتفليكس”، إذ قال لموقع “بي بي سي”: “كبرنا كلنا ونحن نحمل ذلك الحلم أو الأمل، فهل نستطيع صناعة فيلم من الدرجة الأولى؟”.
وسعى ستوبر لاستقطاب كبار المخرجين وسيناريوهات وقصص جديدة وفريدة لاستثماره في مكتبة نتفليكس السينمائية، ويُساعدوه في تنفيذ حلمه، إذ تعاون مع المخرجين ألفونسو كوارون، ومارتن سكورسيزي، وسبايك لي، وجين كامبيون.
وتحاول نتفليكس، منذ عام 2014، الترشيح للفوز بجائزة في الأوسكار، إلا أنّ تلك المحاولات باءت جميعها بالفشل لمدة 4 أعوام متتالية، لذلك الفوز هذه المرة يُعد حلمًا طويلًا بالنسبة لها.
وكانت نتفليكس أعلنت إنتاج نحو 90 فيلماً أصلياً هذا العام، وهو رقم اعتبره نقاد السينما ضخماً ويستحق الوقوف عنده في عالم لم يتعافَ بعد من آثار الجائحة.
المنافسة هذا العام كانت محتدمة بين المنصات التي اعتبرها صنّاع السينما وكبار المخرجين بأنها “تقتل” السينما، فيما قاد أعضاء في الأكاديمية، وأبرزهم ستيفن سبيلبيرج، قبل 3 سنوات حملة لمنع المنصات من المنافسة على جوائز الأوسكار، من دون أن تعرض أفلامهم في الصالات أولاً.
لكن منصة “أبل” التي دفعت 25 مليون دولار للحصول على حقوق إصدار “كودا”، استطاعت أن تكسب الرهان وتثبت احترافها وقوّتها، لتصبح أول منصة بث رقمية تحصل على جائزة أفضل فيلم.
و”كودا” أول فيلم يترشح من قبل منصة “أبل”، الحديثة نسبياً التي انطلقت في 2019، لجائزة أفضل فيلم. ونشر موقع “LA Times” أن هذا الفوز أثار شكوكاً في هوليوود من صعوبة فوزه في الأوسكار، لكن منصة “أبل” صرفت نحو 10 ملايين دولار للترويج للفيلم الفائز. وهو ما اعتبره الموقع “رقماً نموذجياً من أجل لقب أول منصة تفوز بجائزة أفضل فيلم“.
وترشّح “كودا” لثلاث جوائز فاز بها كلها، مع جائزة أفضل سيناريو مقتبس مأخوذ عن فيلم فرنسي إنتاج 2014 حصدها شيان هيدير، وجائزة أفضل ممثل مساعد ذهبت للممثل الأصم تروي كوتسور، إضافة إلى جائزة أفضل أفلام العام.
لكن نتفليكس لم تخرج من حفل الأوسكار خالية الوفاض، مع فوز مخرجة “The Power of Te Dog” جين كامبيون بجائزة أفضل إخراج، لتكون ثالث امرأة تفوز بالجائزة، بعدما سبقتها العام الماضي كلوي زهاو مخرجة “أرض الرحّل” (Nomad land)، وكذلك فعلت مخرجة “خزانة الألم – The Hurt Locker” كاثرين بيجلوو في العام 2009.
وترشح 11 عملاً من أعمال نتفليكس، ما بين روائي ووثائقي، لـ27 جائزة ضمن فروع الأوسكار في دورته الـ94، لتتفوق على شركات الإنتاج كلها بهذا العدد.
وكان فيلم “قوة الكلب” بحسب غالبية توقعات النقاد والمتابعين والصحافيين، أقرب الأفلام للفوز بجائزة أفضل فيلم روائي طويل، وهو يحكي قصة شقيقين متقاتلين تدور أحداثها في حقبة العشرينات من القرن الماضي بولاية مونتانا الأميركية.
وكذلك نال كل نجومه من الممثلين بنديكت كومبرباتش وكودي سميت-ماكفي وجيسي بليمونس وكيرستين دانست، ترشيحات عن فئة التمثيل، لكن الحظ لم يحالفهم جميعاً.
وحصد الممثل الأصم تروي كوتسور عن دوره في فيلم “كودا” جائزة أفضل ممثل مساعد. وعن أدائها المميز في الفيلم الموسيقي “قصة الحي الغربي” (The West Side Srory)، خطفت آريانا ديبوز جائزة أفضل ممثلة مساعدة من كيرستين دانست في “قوّة الكلب“.
وحاول سكوت ستوبر، منافسة شركات الإنتاج الكبرى في هوليوود التي بدأ يتراجع زخمها في السنوات الـ5 الأخيرة، وبدأت تخفّض في ميزانياتها نوعاً ما، لتُصبح تلك المنصة من أكبر شركات الإنتاج الكبرى عالمياً دون الاكتفاء باعتبارها منصة بث فقط.
ونجح ستوبر، عام 2018، في رفع عدد ترشيحات نتفليكس إلى 8، بعد عدة إخفاقات لمدة 5 سنوات متتالية، لكن الحظ لم يحالفه إلا في الفوز بجائزة أفضل فيلم وثائقي هو “إيكاروس – Icarus”، فيما ارتفع عدد الترشيحات 2019 إلى 14 ترشيحاً.
وفازت “نتفليكس” آنذاك بـ4 جوائز أوسكار، وهي سابقة كأول منصة بثّ رقمية تحصل على هذا العدد من الجوائز في الأوسكار. وذهبت 3 جوائز لفيلم “روما – Roma” لألفونسو كوارون (أفضل فيلم بلغة أجنبية وأفضل تصوير سينمائي وأفضل مخرج)، إضافة إلى جائزة أفضل فيلم وثائقي قصير لفيلم “فترة – Period”.
وفي عام 2020 حصلت المنصة الأشهر عالمياً على 24 ترشيحاً، وهو الرقم المهول بالنسبة لمنصة رقمية، وفازت بجائزتين فقط، كانت الأولى من نصيب الممثلة لورا ديرن كأفضل ممثلة بدور ثانوي في فيلم “قصة زواج – Marriage Story”، أما الثانية فكانت من نصيب “مصنع أميركي – American Factory” كأفضل فيلم وثائقي.
في الدورة الماضية، تصدرت نتفليكس ترشيحات الأوسكار، بـ36 ترشيحاً متفوقة على “ديزني” (3 أفلام جمعت وحدها 21 ترشيحاً) وفازت بـ7 جوائز.
وفازت نتفليكس بأوسكار عن أفضل فيلم وثائقي روائي عن “معلمي الأخطبوط -My Octopus teacher”، وجائزة أفضل فيلم واقعي قصير عن “اثنين من الغرباء البعيدين – Two Distant Strangers”، إضافة إلى جائزة أفضل فيلم رسوم متحركة قصير وهو “إذا كان أي شيء، أحبك – If Anything I love you”.
لكن يبدو أن العام 2022 أعاد نتفليكس إلى الوراء مع فوزها بجائزة واحدة فقط لأفضل إخراج عن “قوة الكلب The Power of The Dog”.