رمسيس نجيب.. علامة الجودة لأي فيلم مصري
المنتج الذي فهم حقيقة رسالة السينما وأكتشف أهم نجومها
«سينماتوغراف» ـ محمود درويش
يعرف الكثيرون من متابعي الأفلام المصرية، خاصة من الجيل القديم، اسم رمسيس نجيب جيدا. فالرجل كان اسمه علامة جودة تنالها الأفلام الجيدة التي يقوم بإنتاجها، ولم يكن منتجا مثل الأسماء التي نقرأها على مقدمات الأفلام في وقتنا الحالي تجار خردة أو لحوم أو كشري يدخلون صناعة السينما كـ «سبوبة» يطلعوا منها بـ «قرشين» طبقا لمفرداتهم.
ويعد الراحل نموذجا للمنتج السينمائي الفنان، فهو صاحب تاريخ حافل بالافلام الجيدة التي انتجها، وصاحب تاريخ في عدد الوجوه الجديدة التي قدمها للسينما. فقد كان منتجا جريئا في تقديم الافلام الجادة التي قد لا يغامر غيره بانتاجها وفي اعطاء فرص لنجوم جدد ليقوموا بأدوار البطولة.
دخل رمسيس نجيب، الذي توفي في مثل هذا اليوم الرابع من فبراير عام 1977، السينما من أول السلم، حيث بدأ حياته السينمائية كمساعد مخرج ثم عمل مديرا للإنتاج في شركة عزيزة أمير ومدير إنتاج استوديو نحاس، وصعد السلم من بدايته قاصدا وجهته مدركا طريقه جيدا، مثل وألف وأخرج وعمل حتى كـ«ريجسيير» ليبقى منتجا في النهاية.
ومارس رمسيس نجيب مهنته كمنتج محترف يدرك جيدا احتياجات السوق يؤثر فيه ويتأثر به، يقدم أفلاما جادة وأخرى كوميدية خفيفة تحمل رسالة ما حتى وكانت لمجرد الإضحاك. وقدم الراحل أفلاما أخرى صارت علامات في تاريخ السينما العربية، وصنع إمبراطورية خاصة حدودوها الفن والمتعة والبهجة والثقافة، لتبقى السينما المصرية مدينة لجرأته ومغامرته وصناعته حتى يومنا هذا.
وتميز رمسيس نجيب باختيار أفلام جيدة لإنتاجها بدءا من السيناريو مرورا باختيار افضل النجوم ونهاية بالمخرج ضمانا لجودة الفيلم الذي يضع عليه اسمه «فيلم من انتاج رمسيس نجيب». بل ذهب الرجل إلى أبعد من ذلك باكتشافه العديد من النجوم والنجمات وتقديمهم في أعمالهم الأولى مثل لبنى عبدالعزيز في فيلم «الوسادة الخالية» مع عبدالحليم حافظ 1957، ونادية لطفي في فيلم «سلطان» مع فريد شوقي ورشدي أباظه 1961.
وقد أشهر الراحل اسلامه ليتزوج من بطلتيه المحبوبتين إحداهما تلو الأخرى.
أنتج رمسيس نجيب للسينما حوالي 68 فيلما، وكان أول من أدخل السينما الملونة إلى مصر.
ومن أبرز أعماله كمنتج أفلام «زقاق المدق» للكاتب العالمى نجيب محفوظ بطولة شادية ويوسف شعبان وصلاح قابيل، و«وإسلاماه» للبنى عبدالعزيز وأحمد مظهر وحسين رياض، و«شباب امرأة» لتحية كاريوكا وشكري سرحان، و«أنا حرة» للبنى عبدالعزيز وشكري سرحان. وأخرج الراحل فيلم «هدى» في 1959، وفيلم «غرام الأسياد» في عام 1961.
وقدمت معه سندريلا السينما المصرية سعاد حسني، أفلام «شيء من العذاب»، و«بئر الحرمان»، و«الحب الضائع» وغيرها.
وتحكي نادية لطفي عن دور رمسيس نجيب في دخولها عالم السينما بالقول إنها التقت المنتج الراحل رمسيس نجيب في إحدى المناسبات العائلية وكانت في مرحلة الشباب، فأبدى إعجابه الشديد بها وتوقع لها مستقبلاً في التمثيل كبيراً، بعدما تحدثت معه. وتكررت اللقاءات بينهما إلى أن رشحها للمشاركة في فيلم سينمائي مع المخرج الراحل نيازي مصطفى.
وكان الفيلم يحمل اسم «سلطان» مع الفنانين الكبيرين فريد شوقي ورشدي أباظة. وظهرت في دور صحافية تسعى إلى إجراء حوار مع شخص مطارد من الشرطة بمساعدة خطيبها الذي جسد دوره أباظة وظهر في شخصية ضابط شرطة.
وتشير إلى أن اسمها الحقيقي بولا شفيق، لم يكن مناسباً للسينما آنذاك واعتبره رمسيس نجيب لا يليق بفنانة سينمائية جديدة. وفي تلك الفترة، كان يعرض فيلم «لا أنام» للفنانة الراحلة فاتن حمامة وكانت شخصيتها نادية لطفي قد حققت نجاحاً كبيراً، لذا فضل رمسيس أنجيب أن يسميها نادية لطفي، لتحمل هذا الاسم منذ ذلك الوقت.
أما نبيلة عبيد فتحدثت عن بداياتها الفنية، قائلة إن المنتج نجيب رمسيس عرفها على إحسان عبدالقدوس، لتقدم عددا من رواياته، وبالفعل قامت بشراء بعض الروايات.
وكان رمسيس نجيب، أول من غامر بتقديمه نجلاء فتحي كبطلة في الأفلام على الرغم منذ أن كان عمرها 17 عاماً فقط، فقد رأى فيها مواصفات النجمة السينمائية، فجلب لها من أعطاها دروساً فى اللغة وضبط طبقات الصوت ومخارج الألفاظ، كما استعان بعبد الرحيم الزرقاني ليعلمها الإلقاء وأصول التمثيل، ثم أعطى لها أول بطولة سينمائية في حياتها من خلال فيلم «أفراح» للمخرج أحمد بدرخان مع حسن يوسف وعادل أدهم. ورغم سنها الصغيرة وخبرتها المحدودة، إلا أنها نجحت في أول بطولة سينمائية لها، وفى العام التالي قدمت «أسرار البنات» مع حسن يوسف ونيللي وإخراج محمود ذو الفقار.
واقتحمت ليلي طاهر عالم التمثيل بعد أن اكتشفها رمسيس نجيب، حيث ظهرت لأول مرة معه عام 1958م من خلال فيلم «أبو حديد» الذي أدت فيه دور البطولة أمام الفنان فريد شوقي.
وبدأ محمود عبد العزيز بدايته في السينما من خلال رمسيس نجيب أيضا الذي وقع معه عقدا لبطولة فيلم «حتى آخر العمر» بعد نجاحه في مسلسل «الدوامة» مع نيللي ومحمود ياسين.
كما بدأت صفية العمري عملها في السينما مع رمسيس نجيب في فيلم «العذاب فوق شفاة تبتسم» حيث كان هو مكتشفها.
وشارك المنتج الراحل في تخليد انتصار أكتوبر، حيث قدم نجلاء فتحى فى فيلمين أمام محمود ياسين هما «بدور»، و«الوفاء العظيم»، وقدم نجوى إبراهيم في فيلمين أيضا هما «الرصاصة لاتزال فى جيبى»، و«حتى آخر العمر».
وهكذا يظل نجيب رمسيس علامة بارزة في تاريخ السينما المصرية، واسما خالدا في سوق الانتاج يتمنى صناع السينما أن يتكرر أو يوجد شبيه له، بعد ان غاب الزمان بأمثاله، وتعرض حال الفيلم المصري لما نراه اليوم.