أحداث و تقاريرأهم العناوينسينما عربية

رمضان والسينما المصرية في 30 عامًا (1 من 30)

حلقات يومية يكتبها ناصر عراق لـ «سينماتوغراف» 

الجماهير تشاهد أم كلثوم في فيلم «دنانير» خلال رمضان عام 1940

عرف المصريون السينما مع مطلع القرن العشرين، كما عرف المصريون صناعة الأفلام الروائية وقدموها للجمهور بدءًا من عام 1923 عندما عرض فيلم «في بلاد توت عنخ آمون» للمخرج الإيطالي فيكتور روسيتي، لكن لم يحدثنا أحد عن كيفية تعامل المصريين قديمًا مع السينما في شهر رمضان المبارك؟ خاصة وأنها كانت الوسيلة الأهم للمتعة والسهر، فلم يكن هناك تلفزيون ولا فضائيات ولا يحزنون!

ترى… هل كانت تعرض أفلام جديدة مع حلول هذا الشهر الكريم؟ أم أن دور السينما كانت تغلق أبوابها إذا هل الهلال الشهير كما يحدث في مصر منذ ربع قرن تقريبًا؟ وهل عبرت السينما عن الأجواء التي كانت سائدة آنذاك، أم أنها آثرت السلامة وابتعدت عن القضايا الساخنة والمناطق الحرجة؟

في هذه الحلقات سنحاول الإجابة عن الأسئلة التي طرحناها، على أن نخصص كل حلقة لعام واحد فقط، بمعنى أننا اليوم سنتكلم عن السينما ورمضان في عام 1940، وغدًا نتحدث عن رمضان سنة 1941 وكيف كانت السينما آنذاك، وهكذا لنصل إلى رمضان والسينما في عام 1970!

دنانير 2

غرام وحروب

هلّ علينا أول أيام رمضان من عام 1359 للهجرة في يوم الخميس 3 أكتوبر من سنة 1940، وكانت سينما ستوديو مصر قد عرضت قبل ذلك بأربعة أيام فقط وتحديدًا يوم الأحد 29 سبتمبر فيلم «دنانير» للسيدة أم كلثوم والمخرج أحمد بدرخان. وإذا اعتبرنا أن الفيلم ظل معروضا لمدة أسبوعين كما هي العادة في ذلك الزمن، فهذا يعني أن الناس ظلت تذهب لمشاهدة الفيلم الجديد لأم كلثوم في الشهر الكريم، إذ لم يجدوا غضاضة في ارتياد السينما والاستماع إلى الأغاني في ذلك الشهر المبارك، لأنه لا تعارض بين الفن الرفيع والدين الحنيف.

في ذلك الوقت – أول رمضان – كانت الحرب العالمية الثانية قد اندلعت منذ عام، وكانت مصر تعيش كابوس الاحتلال الإنجليزي، وكان عدد المصريين نحو 16 مليون إنسان يعيش أكثر من ثلاثة أرباعهم في فقر مدقع، وكان الملك فاروق قد بلغ عشرين سنة فقط ويحكم شعبًا عريقا لم يعرف أبوه – فؤاد ولا جده محمد علي باشا – لغته العربية!

بدر لاما

في الرابع من رمضان من العام نفسه الموافق 7 أكتوبر 1940 تم عرض فيلم «رجل بين امرأتين» في سينما كوزمو للمخرج الفلسطيني إبراهيم لاما وبطولة شقيقه بدر لاما وأمينة رزق وفردوس محمد ومحمود المليجي، وهو فيلم مترع بأجواء الغرام، أي أن الذوق العام لجمهور السينما والفكر السائد للمصريين كان يقبل أن يشاهد على الشاشة البيضاء لوعة العشق بين حبيبين في نهار الشهر المبارك!

دنانير

 اللافت للانتباه أن فيلم «دنانير» قد نأى بنفسه عن حاضر مصر وماضيها، وتقهقر إلى الخلف أكثر من ألف سنة ليستل من كتاب التاريخ صفحة عن بغداد في زمن هارون الرشيد والصراع على السلطة مع البرامكة وبطلهم جعفر، على هامش قصة غرام ملتهبة يعيشها الوزير المتهم بالخيانة مع الجارية دنانير. وقد شارك أم كلثوم في بطولة الفيلم كل من سليمان نجيب وعباس فارس، والقصة والأغاني من تأليف رامي والموسيقى والألحان للقصبجي وزكريا والسنباطي.

من المفارقات الطريفة أن سجاجيد قصري الخليفة هارون أو الوزير جعفر في الفيلم قدمت هدية من محلات كارزوني بك وأولاده كما جاء في المقدمة! ويبدو من اسم صاحب المحل أنه أحد الإيطاليين أو اليونانيين  الذين أقاموا وعملوا بالقاهرة، الأمر الذي يوضح لك كيف كانت عاصمة المعز مدينة فريدة متسامحة تستقبل البشر من كل جنس ولون بغض النظر عن الدين أو اللغة!

هذه رحلة موجزة مع السينما المصرية في شهر رمضان في عام 1940 !

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى