«سربنكا» فيلم عن ندوب حرب البلقان لدى جيل جديد لم يعشها
الوكالات ـ «سينماتوغراف»
بعد أكثر من عشرين عاماً على انتهاء الحرب التي مزّقت يوغسلافيا السابقة، ما تزال صفحة النزاع لم تطو تماماً لدى الأقلية الصربية في كرواتيا، وهو ما يصوّره فيلم “سربنكا” الوثائقي عن فتاة صربية تغرق في حالة نفسية صعبة حين تدرك انتماءها العرقي.
يستند المخرج نيبويسا سليبسفيتش على قصة فتاة في السادسة عشرة تدعى نينا باتينيتش، ليصوّر جيلاً لم يعش حرب البلقان في التسعينيات لكنه ما يزال يحمل ندوبها.
ويقول المخرج إن نينا ضحية أمر لا ينبغي أن يكون من في سنّها منتبهين له.
ويضيف “في نظري، أن يبكي طفل ولد في كرواتيا بعد سنوات على الحرب لأنه ليس من العرق الكرواتي، فهذا أمر مرعب”.
في العام 2013 دخلت كرواتيا الاتحاد الأوروبي، وهي اضطرت في سبيل ذلك إلى تقديم ضمانات حول حماية الأقليات ولاسيما الصرب.
لكن العلاقات بين الكروات والأقلية الصربية ما تزال متوتّرة، بعد أكثر من عشرين عاما على الحرب التي أعقبت إعلان الكروات استقلالهم في العام 1991، وهو ما كان المتمردون الصرب يعارضونه.
وفي الآونة الأخيرة، أطلقت جماعة يمينية في كرواتيا نداء يطالب السلطات بتقليص الحقوق التي يمنحها الدستور للصرب، وقد جمع هذا النداء 390 ألف توقيع، أي عُشر عدد الناخبين.
يروي المخرج أنه التقى الفتاة نينا فيما كان يصوّر مسرحيّة كانت تمثّل فيها، وكانت تلك المسرحية عن قضية أليكسندرا زيتس، أحد الفصول القاتمة في الحرب بين الكروات والصرب.
فبعدما شاهدت تلك الطفلة البالغة آنذاك 12 عاماً عملية إعدام والدها على يد مقاتلين كروات في زغرب، قتلت هي بستّ رصاصات في رأسها مع والدتها.. وقد عُرفت هوية القَتَلة واعترفوا بفعلتهم، لكنّ أحدا منهم لم يصدر في حقّه حكم، لأسباب إجرائية.
وفيما كان المخرج البالغ 44 عاماً يصوّر المسرحية، لاحظ بعض الأمور الغريبة في نينا، وبعد بضعة أيام عرف قصّتها.
ويقول “كانت هي الوحيدة الصربية، وهي تذكر تماما اليوم الذي علمت فيه أنها ليست كرواتية”.
كانت نينا آنذاك في السابعة من العمر، وقد سمعت حوارا دار بين والديها عن ذلك، فبكت أياماً طويلة، خوفا من أن تتعرّض للمضايقات من رفاقها.
وتقول “لم أكن مسرورة أبدا. كنت أبحث عن طرق لأظهر للآخرين أنني كرواتية ولست صربية”.
وتضيف “حلمت بأنني ألكسندرا زيتس، وأني أقتل أختي”.
أثار عرض تلك المسرحية عن قتل ألكسندر زيتس جدلا حادا في كرواتيا، وكان ذلك في العام 2014.
أوقعت الحرب بين الصرب والكروات بين العامين 1991 و1995 عشرين ألف قتيل منهم آلاف المدنيين.
ومع أن كثيرا من الصرب غادروا كرواتيا في ذلك الوقت، لكن الأقلية الصربية ما زالت كبرى الأقليات في كرواتيا، إذ تبلغ نسبتهم 4 % من أصل أربعة ملايين و200 ألف يشكّلون سكان كرواتيا.
ويقول المخرج “في كرواتيا من الصعب الانتماء إلى أي أقلية، سواء كانت أقلية جنسيّة أو من طالبي اللجوء…”.
وهو لا يرى أن المشكلة تكمن في حادث من هنا أو حادث من هناك، إذ “يوجد حمقى في كل مكان”، لكن المشكلة الحقيقية برأيه هو تعامل النخب السياسية.
ففي مناخ شابه تصاعد التطرّف والتوتّر في السنوات الأخيرة، تُبدي السلطة السياسية برودة في التحرّك.
ويقول المخرج “التساهل مع خطاب الكراهية والتعابير الداعمة لنظام ألاوستاشي المؤيد للنازيين خلال الحرب العالمية الثانية كلّ هذا أوجد مناخا يخيف الناس بسبب هويّتهم”.
وارتكب ألاوستاشي خلال الحرب العالمية الثانية مذابح في حقّ الصرب واليهود والغجر والمعارضين الكروات أيضاً.
يعرب المخرج عن قناعته بأن هذه المشكلة تتجاوز بلده، ويقول “الكراهية للأجانب وتصاعد القوميات موجودان في الغرب منذ سنوات”.