«سعيكم مشكور».. يكشف حقيقة الارهاب
يمثل مصر فى مهرجان الاسكندرية السينمائي
المخرج عادل أديب: صورت الفيلم فى 3 أسابيع بعد بروفات امتدت شهرين
الاخوان وداعش نشروا حولنا ثقافة الموت وفيلمى يدعو الى الحياة
القاهرة ـ «سينماتوغراف»: حاورته انتصار دردير
«سعيكم مشكور يابرو» تجربة سينمائية تستحق أن تروى، لاسيما وهو يكشف حقيقة الجماعة الارهابية وعملياتها القذرة التى تتمسح فيها باسم الدين، والاسلام منها براء، خاصة وأن مخرجه وكاتب السيناريو عادل أديب يخوض من خلاله تجربة جديدة، فقد قرر أن يتحدى مخرجى السينما التجارية فى كيفية صناعة فيلم سينمائى بميزانية محدودة، مع ضغط فترة التصوير، والتحضير الجيد ليقدم فيلما حقيقيا، وليس مجرد مشاهد للاثارة والهبوط الفنى، وقد اختار لبطولته مجموعة من الممثلين الشبان، بعضهم يمثل لأول مرة، الى جانب أحمد خليل، طارق التلمسانى (كمدير تصوير وممثل)، دينا، وبيومى فؤاد.
الفيلم يمثل مصر فى المسابقة التى تحمل اسم الفنان الراحل نور الشريف المستحدثة بمهرجان الاسكندرية السينمائى، ويعرض عقب المهرجان فى صالات السينما، وهو مأخوذ عن الفيلم الأمريكى ميت فى جنازة الذى قدمته السينما العالمية عدة مرات، فى نسخة بريطانية وأخرى انجليزية وثالثة هندية، لكن الفيلم المصرى يحمل أبعادا مصرية خالصة، ويفضح حقيقة الاخوان والجماعات الارهابية التى تنتهج الفكر التكفيرى وتدعو للعنف المسلح والقتل والاغتيالات والتفجيرات وترويع الآمنين وذلك من خلال داعية ظاهره الرحمة وباطنه العذاب والخداع ، فهو رجل مزواج، يتاجر فى كل شئ، ويستبيح كل شئ، ويقوم سرا بتمويل العمليات الرهابية التى تستهدف المنشآت العامة، وأرواح الأبرياء، والشخصية الثانية لفتاة ليل تعمل على اصطياد الرجال واستدراجهم فى مكالمات جنسية، تستقطبها الجماعة مقابل أجر، والثالث حرامى غسيل تقوم الجماعة بتجنيده ليقوم بعملية ارهابية داخل سرادق العزاء.
وحول هذه التجربة التقت «سينماتوغراف» والمخرج عادل أديب الذى أكد أن الرقابة وافقت على الفيلم دون حذف أى مشهد منه.
هل تخوض بهذا الفيلم حالة تحدى ؟
– أحيانا يطلق البعض كذبة ويروج لها فيصدقها الناس، أنا شخصيا ضقت بحالة كذب فرضت نفسها على أفلامنا فنجد فيلما يعرض لاعلاقة له بفن السينما، ويتحجج أصحابه بأن ميزانيته محدودة، وأجد نفسى مندهشا ما علاقة التكلفة بالذوق الفنى وقواعد السينما، المسألة فى رأيي أن يكون الانسان عنده ضمير يقظ، استخدم ضميرك واجهد نفسك قليلا كى تقدم فنا حقيقيا حتى لو كان تافها، فحتى التهريج له أصول، حتى لو أردت تقديم افيه قبيح ممكن، لكن قدمه بطريقة فيها شياكة وفن، باختصار أنا ضد فكرة المسلمات، وحينما أنتجنا فى شركة جود نيوز فيلم عمارة يعقوبيان، قالوا استحالة أن تنجح فى تجميع كل هؤلاء النجوم الكبار فى فيلم واحد، ونجحت كمسئول انتاج لأننى أؤمن أنه لايوجد شئ مستحيل وقد أردت تقديم فيلم بميزانية محدودة لكنه ينطوى على فكر وفن، والحكاية بدأت من صديقى مهندس الديكور عادل مغربى الذى دعانى لاخراج فيلم بميزانية متوسطة، قلت له لو قدمت فيلما لابد أن يحمل قيمة وفكر حتى لو كان بميزانية محدودة، لكن سيكون عكس مايحدث، وأكتب المعالجة السينمائية فى أربعة أيام فقط .
كم بلغت ميزانية الفيلم وفترة التصوير ؟
– ميزانية الفيلم تراوحت بين ثلاثة ونصف وأربعة ملايين جنيه، وهى ميزانية متوسطة، وتم التصوير فى أسبوعين، لكن سبقته فترة تحضير طويلة استغرقت شهرين، ولم نبدأ التصوير الا ونحن جاهزون تماما، وهذا ماكان يتم فى زمن أفلام الأبيض وأسود حيث يقوم المخرج ببروفات طويلة تختصر كثيرا من الوقت المهدر، وأنا فى عملى أرفض «الأوردرات الطويلة» التى تضيع الوقت والجهد بلا معنى، ويكون حصادها بعد يوم شاق مشهد واحد تم تصويره، كان المفترض آلا يستغرق ساعة واحدة لكننا أدمننا إهدار الوقت والميزانية، ولا أفهم لماذا يتأخر تصوير المسلسلات حتى شهر رمضان، فقد أخرجت ثلاث مسلسلات رمضانية، انهيت تصويرها فى توقيت مناسب قبل رمضان بوقت كاف، ورفضت هذا العام 3 مسلسلات لم يكتب منها سوى حلقات أولى ومطلوب بدء تصويرها فورا، ويشكو المنتجون من بعض المخرجين لتأخرهم فى التصوير ثم يعودون ويعملون معهم من جديد وبنفس الطريقة، ولاجديد تحت الشمس.
وكيف كثفت برنامج التصوير؟
– الممثلون الشبان كان بعضهم مرتبطا بعرض مسرحى، وكنا نصور مشاهدهم قبل موعد عروضهم، وقد أعجبنى التزامهم وتعلمت منهم الكثير، والكبار التزموا تماما، دينا وافقت قبل أن تقرأ الاسكريبت، وأحمد خليل موجود معى من البداية، وبيومى فؤاد تفرغ للتصوير رغم جدوله المشحون، وقد عملنا تيست على الملابس والماكياج والشعر وكنت أكتب تفاصيل الشخصية خلال البروفات، حتى «الافيه» كان مكتوبا، لأننى أرفض تماما نظرية البعض «انزل صور وقل اللى فى نفسك»، ووضعت برنامجا مكثفا للتصوير، لأننى لا أحب الرحرحة .
كيف دفعت من خلال الفيلم ب14 ممثل وممثلة من الوجوه الجديدة ؟
-كان نوعا من التحدى أيضا وقد اخترتهم من أماكن متعددة، من مركز الابداع الذى يشرف عليه خالد جلال، ومن معهد الفنون المسرحية والاعلانات و خضعوا جميعهم لاختبارات كاميرا، وهم يتمتعون بمواهب حقيقية.
لماذا اخترت أن تعيد فكرة فيلم «ميت فى جنازة»؟
نحن شعب يحيا بالنكت حتى فى أزماته، والفيلم يسخر من فكر الجهاديين الذين يدعون الى الموت، وقد صار الموت يحاصرنا من كل مكان، فهم يدفعوننا الى ثقافة الموت، الاخوان وداعش والجماعات الجهادية لهذا نشروا الذبح والقتل والتدمير فى كل مكان، وكلهم ينتمون لفكر واحد من أيام حسن البنا، ونحن ندعو لثقافة الحياة وليس الموت، الفيلم يتخذ من النسخة الأجنبية فكرة الجنازة وينطلق بشخصيات وتفاصيل وأحداث عديدة تمس حياتنا فى الوقت الحالى.
هل تتوقع نجاحا كبيرا له فى عرضه التجارى ؟
– كلنا نعلم أن هذه النوعية من الأفلام لا تمكث طويلا فى دور العرض وبعد ذلك يباع للفضائيات.
وما صدى مشاركته فى المسابقة الرسمية لمهرجان الاسكندرية السينمائى ؟
– سعدت للغاية باختيار المهرجان للفيلم وكنا سنعرضه تجاريا فى أغسطس، لكننا أرجأنا عرضه لمابعد مشاركته فى المهرجان، وأنا أعتبر اختيار الفيلم فى مسابقة المهرجان بمثابة شهادة نجاح له لأنه لأول مرة يختاروا فيلما كوميديا بالمسابقة، كما سيحقق مشاركته بالمهرجان ترويج جيد للفيلم.
هل تعتقد أن فيلمك يمكن أن يؤثر ايجابيا لدى بعض مخرجى ومنتجى الأفلام التجارية الهابطة ؟
– التأثير لن يتحقق من فيلم ولكن من تيار سينمائى، وقد أردت أن أضع خطا عريضا لأصحاب نظرية (أصل الميزانية محدودة) فما علاقة قلة الذوق بالميزانية، وفى العالم كله توجد الأفلام التجارية الهابطة لكن مائدة الانتاج متنوعة، أما عندنا فهناك نوعا واحدا، وأنا شخصيا لست ضد الكيفية التى ينتج بها السبكى أفلامه، بالعكس هو منتج شاطر لأنه استطاع أن يخاطب فئة من الشعب لم نكن نراها، لكننى ضد ثقافة السبكى.
لماذا توقفت شركتكم عن الانتاج ، هل بسبب مالحق بها من خسائر ؟
– أنا الذى طلبت هذا الأمر وكان ذلك ضد رغبة رئيس مجلس إدارتها عماد أديب، ونحن كأشقاء تربينا تربية انجليزى، أشقاء فى البيت والأسرة لكن فى العمل هناك رئيس ومرؤوس، وقد وجدت أن شركات التوزيع لاتريد أن تدفع لنا، وهناك قوانين كثيرة ضد صناعة السينما ولا شئ يحمى المنتج، فمثلا دور العرض تحصل على 50 فى المائة والموزع 35 فى المائة من حجم الايرادات، وأغلب عقودنا عقود إذعان، واذا لجأت للقانون ستنتظرى طويلا، فقد رفعنا قضية ضد عقد خاص بنا وانتظرنا 6 سنوات حتى تقرر المحكمة خبيرا.
لكن شركتكم اتهمت من قبل بعض المنتجين بأنها رفعت أجور النجوم بشكل أفسد العملية الانتاجية ؟
-اذا كنا نحن أفسدنا السينما فماذا فعلوا هم؟، نحن أنتجنا فى وقت أسوأ من الحالى، كانت دور العرض خاوية من الجمهور وبعضها لم يحقق فى حفلة واحدة كومبليه، بينما جاءت أفلامنا لتعيد لافتة كامل العدد لأسابيع طويلة، وقبل فيلم عمارة يعقوبيان كان محمد هنيدى يتقاضى أجر 12مليون، وكان عادل إمام يتقاضى أربعة ملايين ونصف، فحينما نجمع كل نجوم يعقوبيان بأجر ممثل واحد، أليس هذا ذكاء منا، وحين واجهنى بعضهم فى غرفة صناعة السينما قلت لهم ماذا فعلتم أنتم وما تاريخكم فى الانتاج، هل أفدتم صناعة السينما أم قمتم باحتكارها.
لماذا لم يحققفيلم ليلة البيبى دول نجاحا فى دور العرض؟
– لأنه ليس فيلما تجاريا ونحن نعلم ذلك، لكننا أردنا أن نقدم آخر ماكتبه أبى الكاتب عبد الحى أديب، وقد اختير الفيلم ضمن أفضل عشرة أفلام فى العالم، وهو يعد قيمة مضافة لشركتنا، ومع ذلك فالفيلم لم يحقق خسائر، لأن الفيلم السينمائى هو المنتج الوحيد الذى لايحقق خسارة ويظل يباع أبد الدهر.