المهرجانات

«سنة أولى».. افتتاح فرنسي لأحلام الشباب وتحديات «الجونة السينمائي»

الجونة ـ  انتصار دردير

هذا الفيلم مفعم بحيوية أبطاله من الشباب في سن العشرينات وبمشاهده السريعة المتلاحقة، وحركة المجاميع الهائلة التي تتنقل فيها الكاميرا لترصد أدق انفعالاتهم وهم يخوضون اختبارات مستقبلهم تصاحبهم موسيقي صاخبة تعبر عنهم وعن أحلامهم وتحدياتهم.

لم يكن اختيار الفيلم الفرنسي (سنة أولي) ليكون فيلم افتتاح الدورة الثانية لمهرجان الجونة السينمائي بالمصادفة، ولم يتم بشكل عشوائي وإنما بقصدية تريد أن تنفتح من خلاله إدارة المهرجان على السينما الفرنسية بكل تاريخها الكبير منذ اكتشاف فن الصور المتحركة، ورغم طغيان الفيلم الأمريكي حتى في فرنسا نفسها، لكن يبقي للسينما الفرنسية نجاحاتها واسماء مخرجيها وفنانيها ذوي البريق الساحر.

من خلال مشاهد الفيلم الأولي تشعر بحالة من الحيوية تنتقل إليك، خصوصاً مع هذا الجمع الكبير من الممثلين الشباب الذين يقع على عاتقهم مسئولية الفيلم، والذي يقوم ببطولته اثنان من الممثلين الواعدين هما فنسنت لاكوست ووليام  ليفنبيل، ويشاركهما عشرات الوجوه الشابة الذي اختار المخرج بعضها من طلبة الكلية داخل مدرجات ومعامل كلية الطب الفرنسية.

تبدأ وتنتهي أحداث فيلم (سنة أولي) لتكشف لنا الاختبارات الصعبة التي يخوضها الطالب الذي يرغب في دراسة الطب، والشفافية التي تتم بها هذه الاختبارات وروح التنافس التي تسيطر عليها، حيث يداعب الحلم المتقدمين لكن لا يناله سوي الأكثر كفاءة، ويحق للآخرين معاودة دخول الاختبارات من جديد.

بينما انطوان يتقدم للمرة الثالثة لهذه الاختبارات وهي الفرصة الأخيرة له، مع صديقه بنجامين المتخرج حديثاً من المدرسة الثانوية والذي يخوض الاختبارات للمرة الأولي، ورغم علمه المسبق بمراحلها الصعبة فإنه يتفاجأ بأن عليه بذل أقصي طاقته لتحقيق حلمه، ونتفاجأ معه بهذا السباق الذي يتسم بالدقة والشفافية في اختيار طالب الطب الذي لا يعتمد على تفوقه في المرحلة الثانوية، وإنما لابد أن يخوض سباقاً علمياً ومعملياً بإشراف لجان من الأساتذة الذين لا يتهاونون في مهمتهم بل يبالغون فيها ويؤكدون عليها.

ورغم أن بنجامين تعلق بدراسة الطب من خلال والده الجراح الكبير، لكنه لا يبدو سعيداً وهو يمضي في الاستعداد للاختبارات، فثمة أشياء تكشف عدم حماسه وتقوده لعدم دخولها.

يحفل الفيلم بمصطلحات طبية قد لا يستوعبها المشاهد العادي، لكن مخرج الفيلم وهو طبيب هجر الطب من أجل السينما، يعكس تجربته على كل تفصيله في هذا العمل الذي يعد الثالث في مسيرة أفلامه.

تميزت عناصر عديدة في الفيلم، ويأتي في مقدمتها التمثيل والتصوير البارع، وأيضاً الموسيقي التصويرية التي جاءت معبرة عن الصراع الذي يعيشه الطلبة والتوتر والقلق الذي يسيطر عليهم والمخاوف من النتيجة واليأس والتعلق بالأمل، وفي أحد المشاهد الهامة ينتقد بنجامين طريقة إحدى الاساتذة ويقوم بمسح ما كتبته ويوضح لها طريقة أخري للحل فيحظى بتصفيق وإعجاب الطلبة بينما تنفعل هي بشدة وتستدعي له الأمن.

ويكشف الفيلم عن براعة مخرجه في السيطرة على حركة المجاميع، حيث يستعين بنحو 400 شاب وفتاة ويصوره داخل مدرجات الجامعة وفي طرقاتها ومعاملها ومع أساتذتها، ليقدم لنا بذكاء كيف تبدأ رحلة تأهيل وإعداد الطبيب الذي سيكون مسئولاً عن أرواح مرضاه في المستقبل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى