«سور الصين العظيم».. إبهار بصري وضعف بالمحتوى
ـ محمد جابر
في عام 2003، عرفت هوليوود للمرة الأولى وعلى نطاق واسع اسم مخرج صيني، يدعى زانج يمو، بعد ترشيح فيلمه Hero لأوسكار أفضل فيلم أجنبي. قبل أن يقرر المخرج، كوينتن تارنتينو، بعدها بعام، توزيع الفيلم في صالات العرض الأميركية، ليحقق نجاحاً ملحوظاً، ويتصدَّر شبّاك التذاكر لأسبوعين متتاليين، رغم كونه ناطقاً ومن بطولة ممثلين صينيين.
ولكن، العالم الفريد والغريب والملحمي المقدّم في الفيلم كان له جاذبيّة، مما جعل اسم يمو معروفاً. بعدها بعدّة سنوات، تحمس ممثل هوليوودي هو، كريستيان بيل، أن يقوم ببطولة فيلم يمو The Flowers of War عام 2011. ورغم فشل الفيلم في شباك التذاكر، إلا أنّه فتح الباب لفيلم ثانٍ، بشراكة أميركية، ومن بطولة ممثل هوليوودي آخر هو مات ديمون، وبميزانيّة أضخم كثيراً بلغت 150 مليون دولار، لتكون النتيجة عملاً ملحميّاً جديداً يحكي إحدى أساطير سور الصين العظيم.
يبدأ فيلم The Great Wall بمعلومات عن سور الصين كأحد عجائب الدنيا على مر القرون. وأن السور المبني بطول 5800 كيلومتر يهدف لحماية الصين. وهناك بعض الأساطير المرتبطة به، وحكاية الفيلم هي إحداها. ليبدأ بعدها مع البطل ويليام جارين (مات ديمون) وصديقه بيرو (بيدرو باسكال)، ونفهم أنّهم لصوص وقطاع طرق أتوا من الغرب إلى الصين من أجل الحصول على سلاح نادر سيجعلهم أغنياء. ولكن القبض عليهم من قبل القوات الصينيّة، يتزامن مع هجوم على سور الصين من قبل مخلوقات أسطورية تسمى الـ”تاي واي”، شكلها أقرب للديناصورات، وهي عملاقة وقوية ويُقدّر عددها بالمليونين. تهاجم المخلوقات السور، وتحاول اقتحام الصين كل 60 عاماً. وتلك المرّة، ستكون الأصعب لأنها تزداد قوة وذكاءً، وسيصبح على جارين أن ينضم للقوّات الصينية في حربهم لحماية البلاد، خصوصاً مع ملامح العلاقة العاطفيّة التي تبدأ بينه وبين القائدة، لين مي.
الفيلم منذ بدايته لا يعد بأكثر من المغامرة الملحمية ذات الأجواء البصرية المختلفة، وهو أمر ذكي حين يتحقق في النصف الساعة الأولى، إذ يدخل في الحكاية مباشرة. سريعاً نتعرّف إلى الشخصيات وبالعالم، قبل أن تبدأ المعركة الأولى من هجوم مئات الآلاف من الـ”تاي واي” على السور. لا نفهم تحديداً ما يحدث، ولكننا نكون منجذبين جداً. وليس من الغريب، أن تذكّرنا المعركة الأولى بأفلام من قيبل “سيد الخواتم” و”البرجان”.
ما يحدث بعد المرحلة الأولى من الفيلم يكون هو المشكلة، على مستوى السيناريو يخفق العمل في خلق أي تعاطف أو تصديق حقيقي للبطل، والتغيّر الكبير الذي يطرأ على شخصيته، إذ نجده فجأة منتمياً لأشخاص يختلف عنهم في الثقافة واللغة والأفكار فقط بسبب حوار بسيط مع لين مي. هذا التبسيط المخل لم يكن مفيداً، ولم يساعد مات ديمون أيضاً في أدائه، لأنه جعل الفيلم كرتونياً على مستوى أحداثه وشخصياته بعد الافتتاحية القوية. ولكن الأزمة الأكبر تتمثل في أن التجديد البصري نفسه والمعركة الأولى الأخاذة (التي تنبئ بأن هناك ما هو أكثر بعد ذلك) تكون أعلى ما وصل إليه الفيلم. ما يحدث بعد ذلك، يكون مجرد تكرارٍ لا يحمل نفس الأثر.
ينحدر الفيلم قليلاً في المعركة الثانية وسط الضباب، قبل أن يصل للقاع مع تتابعات النهاية. كان من الممكن أن يكون الفيلم أفضل كثيراً، وإن كان الفيلم قد حقق نجاحاً كبيراً في الصين (حقق 170 مليوناً بعد 3 أسابيع من عرضه)، فإن الأهم هو ما سيحققه في هوليوود نفسها كي لا يؤكد على كونه فرصة ضائعة.