«سوس الدولي للفيلم القصير» يعيد السينما إلى فضائها العمومي
المغرب ـ «سينماتوغراف»
انطلقت في مدينة أيت ملول التابعة لمحافظة أغادير المغربية فعاليات الدورة الرابعة عشرة من مهرجان سوس الدولي للفيلم القصير، الذي يتواصل من العاشر إلى الرابع عشر من مايو الجاري، والمنظم من قبل محترف كوميديا للإبداع السينمائي بشراكة مع المجلس الجماعي لأيت ملول وكلية اللغات والفنون والعلوم الإنسانية ابن زهر أيت ملول، وبدعم من المركز السينمائي المغربي.
وتدور فعاليات هذه الدورة، التي تعرف مشاركة 18 دولة وتتوزع بين الفيلم الروائي القصير والفيلم الوثائقي القصير، حول محور “السينما والفضاء العمومي” بوصفه مجالا للتفكير في راهنية الفضاء العمومي وطرائق تشكله في الأعمال السينمائية.
وتأتي الثيمة الجديدة للمهرجان بناء على محور دورته السابقة الذي كان “السينما والتحولات الاجتماعية” ومثل محاولة من القائمين على المهرجان لرصد راهن الفعل السينمائي في سياق التحولات الاجتماعية المرتبطة بجائحة كورونا وتداعياتها السوسيوثقافية على المنطقة العربية والقارة الأفريقية.
و”السينما والفضاء العمومي” علاقة مشتركة وطيدة وأكيدة ترسخها الوظيفة الاجتماعية الهامة للسينما، ويناقش هذا المحور الكثير من التفاصيل مثل القضايا المتعلّقة بالجمهور وقاعات العرض وما تخلقه من حركية اجتماعية توفرها الأمكنة والفضاءات العمومية ممثلة بشكل خاص في دور السينما التي تضرر أغلبها بسبب الجائحة التي عصفت بأهم وظيفة للفن السينمائي ألا وهي المشاهدة الجماعية.
وأوضح مدير المهرجان نورالدين العلوي أن الدورة الرابعة عشرة تشكل تحديا كبيرا، لأنها تنعقد في ظروف استثنائية ترتبط بتداعيات كوفيد – 19، وبتعطيل للحياة العامة ناهز سنتين، واستعادة فن العيش خاصة في الفضاء العمومي رهان الفن السينمائي والفنون التعبيرية.
وتأتي ثيمة هذه الدورة انطلاقا من أن قوة السينما العظمى اجتماعية، فهي تمنح كلا منا إمكانية ومتعة الحديث عن الأفلام التي نحبها أو نكرهها دون أي حرج. السينما، هذا الفن الذي يعتمد على التشارك مع الجمهور في الحيز العام، تسمح بإطلاق الأحكام والتعليقات ببساطة، فتسقط الحدود بين الخطاب العلمي وخطاب العامة.
ولا يمكن فصل التاريخ الاجتماعي للسينما ولجماهيرها عن تاريخ إنشاء قاعاتها وتحولاتها وانتقالاتها أو اختفائها؛ فمع التطورات الحضرية تمكنت السينما من إيجاد مكان لنفسها في المدينة إلى جانب المباني الأخرى ذات الطبيعة المعمارية الدالة مؤسسيا، مثل مبنى البلدية أو مجلس المدينة وقاعات المسرح، ولذا رسخت مكانتها لا كفن اجتماعي فقط بل في حضور عام راسخ في بنية المدينة المادية والثقافية.
وأضاف العلوي أن الأولوية كانت بمعية خبراء ومنتجي السينما لهذا المحور “السينما والفضاء العمومي” بغية رصد تحولات الحياة والتغيرات الاجتماعية والنفسية المرتبطة بالجائحة، والتفكير في ما يتعين علينا تعلمه والتمسك به في المستقبل.
وتضم لجنة تحكيم الفيلم الروائي القصير للمهرجان المخرج السينمائي والأكاديمي المغربي عز العرب العلوي رئيسا، وعضوية الفنانة أمينة أشاوي والفنان العراقي فائق العبودي.
أما لجنة تحكيم الفيلم الوثائقي القصير للمهرجان فهي برئاسة السيناريست والكاتبة السورية لبنى ياسين من هولندا، وعضوية الكاتب محمد زيطان من المغرب، والمخرج والناقد السينمائي نجيب الأسد.
وافتتح المهرجان الفيلم الروائي القصير”علاش” للمخرج نورالدين العلوي في عرضه الأول، بينما تدخل الأفلام المشاركة في هذه الدورة غمار المسابقة الرسمية للفوز بجوائز المهرجان، وهي في صنف الفيلم الروائي القصير: جائزة سوس الدولية لأحسن فيلم روائي قصير، جائزة سوس الدولية لأفضل إخراج سينمائي، جائزة سوس الدولية لأحسن سيناريو.
أما جوائز المهرجان في صنف الفيلم الوثائقي القصير فهي: جائزة سوس الدولية لأحسن فيلم وثائقي قصير، جائزة سوس الدولية لأفضل إخراج سينمائي، ثم جائزة سوس الدولية لأحسن تصوير سينمائي.
وتقديرا للمسار الفني والأكاديمي والتقني في مجال الفن السينمائي تكرم الدورة الرابعة عشرة من المهرجان الممثل المغربي ياسين أحجام، والفنانة أمينة أشاوي، والمتخصص في جماليات السينما الدكتور محمد شويكة، والتقني في المركز السينمائي المغربي الحاج إدريس التركي.
وتعرف فعاليات الدورة الـ14، التي تنظم بتنسيق مع مركز سوس للدراسات والأبحاث ووفق مقتضيات البروتوكول الصحي، ندوتين علميتين بفضاء كلية اللغات والفنون والعلوم الإنسانية ابن زهر، بالإضافة إلى ماستر كلاس موسوم بـ”السينما والفضاء العمومي“.
ويحتضن فضاء المركز الثقافي لمدينة آيت ملول وفق مقتضيات البروتوكول الصحي فعاليات العروض الرسمية للمهرجان، ومعارض تشكيلية وفنية، فضلا عن عروض موازية لـ”سينما القرب” وورشات تكوينية في مجال الإنتاج السينمائي.
وضمن فعاليات المهرجان تستضيف كلية اللغات والفنون والعلوم الإنسانية ابن زهر أيت ملول فعاليات “تجارب سينمائية” بحضور نخبة من الأسماء الفنية في مجال الصناعة السينمائية، والكتابة الإبداعية، وتوقيع الإصدارات الجديدة، وزيارات إنسانية من قبل ضيوف المهرجان إلى تعاونيات ذات طابع اجتماعي وتنموي، بغية التعرف على فن العيش لدى سكان المدينة، ورصد الغنى الثقافي للهوية الأمازيغية المغربية.