سيناريوهاته تقود الصورة السينمائية
أحمد عبد الله … أفلامه تعرض فضيلة الإنتماء للمكان كوثيقة اجتماعية للعلاقات
أحدث تجاربه الفنية التخلي عن كتابة السيناريو وتفضيل الأبيض والأسود
«سينماتوغراف» ـ عمار محمود
أنجز المخرج أحمد عبد الله أربعة أفلام طويلة حتى الآن، عرضت ثلاثة منها في عروض تجارية وسوف يعرض فيلمه الرابع (ديكور) تجاريا مطلع العام القادم، ومن الملاحظ تعدد القيم الجمالية في سينما أحمد عبد الله، وهو ما نحاول من خلال “سينماتوغراف” تسليط الضوء عليه حول تجربته كاملة.
هيليوبوليس
هو أول أفلام المخرج أحمد عبد الله السيد وهو واحد من أنضج أفلامه سينمائيا لمحاولته الناجحة بشكل كبير في توليف محتوى الفيلم مع طريقة تصويره.
الملامح العامة للفيلم توضح كثرة اللقطات العامة لحي هيليوبوليس (مصر الجديدة) وهو المكان الي تجتمع فيه الشخصيات الرئيسية.
أما العقدة الرئيسية لتلك الشخصيات فهامشية، لأن الموضوع الرئيسي لتلك الشخصيات، هو البحث عن الرضا بمفهومه العام، فشخصيات الفيلم كلها تحاول الوصول إلى نهاية ما، خاصة بموضوع بدأته، وهو موضوع لا يؤثر أبدا في شخصيات الفيلم ، وعندما يتخلص الفيلم من العقدة، أو المركز الذي يجذب بداية وأطراف الحكاية ، تحوم شخصيّاته في أفق أرحب.
وتتعاظم أسهم التوجيه، أي يتضح الفيلم جدا حتى يصل للشفافية، الشفافية التي عندها لا يُرى الفيلم وإنما يُرى ما وراءه، مستويات السرد المخفية التي تتقدم، ظلال المعنى.
وتتسامى الصورة على الاخضاع، لأن لها كبرياءها الناتج عن وضوحها، ولا تطلب من المشاهد التفاعل الآني الفوري، بل تتجاوز ذلك وتذهب لما هو أبعد، المشاهدة الثانية والقراءة المتأنّية.
وعندها تتكشّف حجب المعنى، ويقف الفيلم في انتظار قراءته، لأنه تخلّص من جاذبية العقدة، وتخلّص من مسألة السرد، فتجاوز الزمن الذي يأتي من السرد، وينتقل الفيلم إلى مستوى النبوءة، ويؤكد أحقية الإنسان في استمتاعه لا في شقائه، مُبعدا فكرة المجال والمركز والجاذبية، والتي تخلق عقبات أمام منظومات خلق المعنى، فيلج الفيلم مباشرة إلى المعنى دون العبور بمنطقة استخدام المجاز للتعبير عنه، ويصبح المؤقت حدثاً، والهامش متناً، أي ما نتجاهله في واقعنا هو صميم الفيلم، وما لا يؤثر فينا هو من صميم الفيلم، لأن وَسَطَنا يتمدد دائما فلا ندركه جيدا، ويتحول الفيلم إلى حياة، لأنه خَلَق حياة، توازي في عشوائيتها الناتجة عن تجاهل السرد، الحياة ذاتها، الحياة خارج الفيلم، باتساعها، لا بالتناص الحاصل بين شخوص الفيلم وشخوص العالم الذي خلق منه الفيلم.
وعندها يصل الفيلم إلى ما بعد المجاز، لأنه لم يستخدم المجاز، بل نحن نطوّع المجاز كي نلج إلى الفيلم، وفي تلك اللحظة تحدث الاستنارة .. نصّاعد إلى فضاء الفيلم ونؤمن جميعا بقدراتنا على التخلص من الحمولة الدرامية في حياتنا، وننطلق من مكاننا (هيليوبوليس).
إبراهيم (خالد أبو النجا) يحاول تكملة بحثه الخاص بمشروع تخرجه من كلية الآداب لكي يشعر بالرضا من نجاح السعي، خاصة بعد خيبة الأمل الكبيرة التي أصابته بعد انفصاله عن حبيبته ونجاحها هي في الزواج بعد انفصالها عنه، يدور في الشوارع، يذهب لمقهى ليلي، يعود لمنزله، ينتهي يومه بشكل عادي.
وكذلك هاني (هاني عادل) يحاول تكملة أوراق هجرته إلى كندا والذي يصاب بخيبة أمل هو الآخر بعد تعثر الإجراءات تلك وتعثر إجراءات بيع الشقة التي يعيش فيها، يذهب لأستوديو تصوير، ثم يعود لمنزله ويحاول النوم.
وعلي (عاطف يوسف) وخطيبته يحاولان تكملة التعاقد على شقة هي بالنسبة لهما فرصة لن تتكرر، لأن سعرها ومكانها ومساحتها مناسبين جدا لحاجاتهما، بعد خيبة الأمل التي أصابتهما عند فشلهما في الحصول على بعض مستلزمات زواجهما بأسعار معقولة، تحدث مشادة طفيفة بينهما وتنتهي على خير، تعود خطيبته لمنزلها ويبدأ هو رحلة العودة لمنزله.
وإنجي (حنان مطاوع) الأكثر ألما من كل شخصيات الفيلم، والتي أصابتها خيبة الأمل الكبيرة بعدم السفر إلى باريس، بصدمة حاولت تجاوزها بإيهام نفسها بأنها هناك، وتحاول تأكيد ذلك الوهم، بإيجاد أشخاص يصدقونه، كعائلتها التي ترسل لها برقية ومعها بضعة نقود في مضمونها أن انجي تعيش الآن في باريس، تذهب لمقهى ليلي، ثم تعود لمنزلها.
المعالجة التي قدمها الفيلم للتعبير عن مفهوم القنوط وعدم الرضا، تميزت بأنها مستترة وهامشية وتأتي بين الأحداث وليست من صميم الأحداث، كما أنها ليست الإطار العام للفيلم، وهذا ما يميز تلك التجربة بالرغم من أنها الأولى للمخرج.
كما أن الشخصيات كلها تود الرحيل، منها من يستسلم ومنها من يقرر الرحيل ومنها من يحاول الرحيل مجازيا ولم يحاول أحد الإنطلاق من المكان، الكل يحاول الإنطلاق من مكان آخر، البداية من موقع آخر غير الذي ينتمي له.
وبسبب تلك البدايات الخاطئة، أصبح حي مصر الجديدة (هيلوبوليس)، مجرد ذكريات، لأن قيمته التي نشأت من واقع إجتماعي ما، اختفت بسبب تشرذم المجتمع ذلك.
الشخص الوحيد الذي يشعر بالرضا في الفيلم، هو جندي يحرس كنيسة، يجد كلبا ضالا يبحث عن بعض الطعام، فيطعمه وتنشأ صداقة بينهما.
هو الشخص الوحيد الذي يود البقاء، لأنه ألف المكان، بسبب إمكانية خروج الشحنة الإنسانية والتواصل مع محيطه.
وذلك الجندي، هو الشخص الوحيد الثابت في الفيلم، أي الذي يمكننا أن نصفه بأنه لا يسعى، وهو بالتالي حجر الزاوية لموضوع الفيلم الأكثر عمقا، وهو قيمة المكان.
المكان في الفيلم هو الوثيقة الاجتماعية على شكل العلاقات الاجتماعية والمادية في ذلك المجتمع، أثناء وضوح المعالم الكاملة لهيليوبوليس.
فالمباني الجميلة التي تشبه مباني أوروبا، والتواجد الكثيف للأوروبيين، والحالة المادية المستقرة وأخلاق الأرستقراطيين، كانت معالم تلك الفترة في الخمسينات، والتي يقارنها الفيلم بهذه الفترة، والتي لم يتبقى منها أية شيء.
فالأرستقراطيون من كل الأعراق والبروتوكول الاجتماعي الذي تعايشوا به وسط العامة من المصريين، والرخاء المادي الذي كانت تلك البروتوكولات جزء أصيل من تزايده، كالتزام الأثرياء بالإكراميات تجاه من يقومون بتأدية أعمال المنزل وعمال المقاهي مثلا، والتواجد الكثيف للأجناس المختلفة، قد انتهى تماما، ولم يتبق منه سوى ذكريات، قد تشوّهت هي أيضا، عندما تشوّهت المعالم الرئيسية للمكان الوثيقة.
تتواجد في الفيلم الكثير من اللقطات العامة، والمشاهد التسجيلية، والمشاهد الخارجية أيضا، وكل تلك كانت محاولات لضخ الواقع بكثافة داخل صميم الفيلم، وهي في بعض الأحيان توالفت بشكل جمالي مع محتوى الفيلم، لكنها في بعض الأحيان بسبب زيادتها وتجريبيتها، أصبحت عبئا زائدا على الفيلم، كما حدث في العديد من اللقطات الخاصة بالجندي مثلا، عند كثرة استخدام أكثر من شكل حركي للكاميرا وتعدد زوايا التصوير التي لا توجد وحدة عضوية فيما بينها تحقق توالف تلك اللقطات لكي تنتج معنى خاص باستخدامها.
الفيلم يؤكد ضرورة البقاء والولاء للمكان، لأن المكان هوية، تتسع لأي أحد، ولا يسعها أحد بعينه، فهمها تغيرت مباني هيليوبوليس ومهما تغيرت الحالة الاجتماعية والثقافية للمكان، تبقى الذكريات متواجدة للأبد.
فتلك الشخصيات التي كان ولاؤها للمكان قديما، عاشت في رخاء، مهما كانت أماكن ميلادها تبتعد عن المكان ذلك، لكنهم آمنوا بقدرة المكان على استيعابهم، ومن خلال إيمانهم ذلك، تخلصوا من هم التغريب، وتبقت فيهم إنسانيتهم التي تنشر خيراً أبدي، إذا انتهى في الواقع يبقى في الذاكرة.
وتلك الذكريات، هي الوثيقة الدائمة التي تؤكد أحقية المكان بأن يختار.
ميكروفون
ثاني تجارب المخرج التي يعتمد فيها على الدوكيودراما، المحتوى التسجيلي في قالب روائي، ولكنه في هذه المرة، يكثف جرعة المادة التسجيلية التي يوجد لها مساحة سردية داخل الفيلم.
والمحتوى التسجيلي في الفيلم الروائي، هو أحد الخيارات الجمالية التي تكثف جرعة الحقيقة في الفيلم، وهي أحد الحلول الإبداعية أيضا لتجاوز التكلفة الإنتاجية العالية للفيلم الروائي.
الإطار الأكبر للفيلم هو عن الأحلام، خاصة الحلم الفني في مدينة الإسكندرية، والتي كغيرها من مدن الجمهورية تعاني من مركزية العاصمة، فتحاول شخصيات الفيلم التخلص من المركزية والسلطة الرأسمالية والبيروقراطية على نوع الفن، بخلق حالة فنية موازية تسمى نفسها الموسيقى المستقلة.
يؤكد أيضا المخرج في فيلمه الثاني على قيمة المكان، ولكن في هذه المرة بالمعنى السلبي في نقطة ما من الفيلم، والإيجابي في نقطة أخرى.
فالانتماء للمكان والحفاظ عليه في فيلم هيليوبوليس كان فضيلة لا ينفذها أحد، على عكس فيلم ميكروفون، الذي حاول المنتمون لذلك المكان أي مدينة الإسكندرية، أن ينتموا للمكان ويستمروا من خلاله ومن خلال فن هو إعلاء لقيمة المكان بالأساس.
كما أن الفيلم يعرض أيضا خطيئة مركزية القاهرة، من خلال الموضوع الرئيسي أي الموسيقى المستقلة التي تحاول التواجد بالرغم من ضعف او انعدام التمويل، والتي هي أصلا محاولة لتجاوز تلك المركزية.
الحكايات في الفيلم كثيرة، فحكايتان عن الحب واحدة بين سلمى (يسرا اللوزي) ومجدي (أحمد مجدي) تتطور مع أحداث الفيلم وتتأثر بالرحلة التي يقومان بها لتنفيذ مشروع تخرجهم وهو فيلم تسجيلي عن الموسيقى المستقلة في الإسكندرية، وتنتهي تلك الحكاية من نفس نقطة انتهاء حكاية خالد (خالد أبو النجا).
فحكاية خالد (خالد أبو النجا) وهدير (منة شلبي) حكاية حب منتهية، يسردها الفيلم من منتصفها، بعد الصراع الأخير المحسوم مسبقا من قبل هدير، بقرارها السفر وقطع علاقة الحب بخالد.
والحكاية لا تأخذ منحنى تصاعدي في دراما الفيلم، لأنه يتم حكيها بالفلاش باك، كما أنها تأتي في الفيلم، بشكلها النهائي، والذي بردت فيه مشاعر هدير.
ورد فعل خالد تجاه تلك النهاية، هو جزء من الاستسلام الذي يعرضه الفيلم، وحالة الحسرة التي تتملك من مشاعر الإنسان، حتى تفقدها تدفقها فتتوقف تماما إحدى منظومات المشاعر، وهو التواصل مع الجزء العاطفي أو النصف الآخر والجنس الآخر.
فيحاول الإنسان استغلال تلك الطاقة في مجال آخر ولكنها طاقة مشوبة ببعض الذكريات المؤلمة، والتي كانت بسبب الاستسلام، والذي كان خياراً للمقاومة لشخصيات الفيلم، فالاستسلام في بعض الأحيان، هو أصعب طرق المقاومة، لأن ألمه مضاعف، وهو تمجيد للحياة بالرغم من الموت الجزئي.
فالقيمة الأكثر كثافة في الفيلم، هي قيمة الحياة، أن يحيا الإنسان، وأن يستبدل الأجزاء التي فسدت في داخله بأجزاء أخرى تحافظ على تدفق الدم في شرايينه، مهما استمر وجود ذلك الشعور بالألم الذي يلازم الانسان بعد التجارب الفاشلة الأخرى.
وهذا كان أحد عناصر احدى حكايات الفيلم، والتي كان أبطالها هم الفنانين المستقلين في الإسكندرية، سواء مغنيين أو رسامين، والذين لم تصدهم حكايات موت أحلاهم أبدا عن ضرورة الحياة.
يستمر أيضا المخرج في عرض فضيلة الانتماء للمكان، وضرورة الحفاظ على القيمة التاريخية لأنه وثيقة فنية على تواجد شيء ما، كالمخزن الذي اشتراه خالد من أحفاد أحد فناني بوسترات الأفلام في الحقبة الكلاسيكية للسينما المصرية.
يوجزها الفيلم في صراع لا يستمر كثيرا، لأن الصراع على البيع أو الشراء لا يهم الدراما، بقدر ما يهمها توابع البيع أو الشراء.
فمن خلال المخزن، يدرك خالد ويشاهد تجلي ألم والده من خلال بعض الصور الفوتوغرافية التي أخرجها والده لتكشف العلاقة القديمة بينه وبين صاحب المخزن الأصلي الذي اشتراه خالد ليحوله لمخزن، فالمكان هنا أيضا ساهم في توثيق ألم يعاني منه أحد الموالين للمكان.
و والد خالد الذي يعاني ذلك الألم، يؤمن بفكرة التجاوز أي تخطي الألم ولكن بمعناه السلبي، أي تجاوز الحكي عن الألم، وذلك التجاوز بالنسبة له دفن للذكريات، في المشهد الذي عرض ردة فعل والد خالد عندما أخبره بأن البقاء للأحياء وليس الأموات، مؤكدا أيضا على ضرورة الحياة، مهما تماوتت الأجزاء الأكثر قيمة في مشاعرنا، ويدلل المخرج على ذلك التجاوز، أثناء بدء إجراءات تجديد المخزن وتغيير معالمه وإخراج لوحات صاحب المخزن.
والذكريات أو الماضي هو الذي يحاول الجميع الهروب منه، بداية من ذكريات العلاقات الفاشلة بين خالد وهدير ومجدي وسلمى، والفكرة المتوارثة عن الشاب العازب صاحب المعيشة الغرائبية والذي سوف يتم اتهامه بالسرقة لأنه يعيش بشكل غير تقاليدي، وكذلك الذكريات التي كان يحملها مخزن اللوحات الذي اشتراه خالد ومحاولة والد خالد تجاوز الحكي عن تلك الذكريات والاكتفاء بالتنويه عنها، ومسألة مركزية القاهرة والتي هي ميراث من الماضي أيضاً، والجائزة التي نالتها احدى الفتيات في المسابقة التي كانت لتمويل أحد ألبومات الفرق المستقلة، كانت لغنائها إحدى أغاني أم كلثوم والتي جاءت من الماضي.
تجاوز الماضي وتدارك الواقع هو الموضوع والإطار الأصغر للفيلم، والذي يستغل العديد من الأفكار المتشابكة كالولاء للقيمة التاريخية للمكان مثلا، وعدم الولاء للشكل الفني لتلك الحقبة، فالولاء للماضي هو الاستفادة منه لا الاستغراق فيه، والوفاء للمكان وقيمته الإنسانية والتي هي تطور لفكرة الولاء للماضي، وهي مشكلة شخصيات الفيلم، التي تحاول التوفيق بين ذاك وذلك، مهما كانت إحداها تحاول السفر أو الخروج من ذلك المكان ، لأن وجودهم الحقيقي في العالم، كان بالفن، وسعيهم كان لتنفيذ ذلك الفن في الإسكندرية، أي أن الإسكندرية بشكل غير مباشر، تحتفظ وحدها بإمكانية كشفهم للعالم أو دفنهم فيها.
الخط المتصاعد دائما في الفيلم، كان قصة إخراج فيلم تسجيلي عن الفرق المستقلة من (يسرا ومجدي)، وهم لا يزالوا هواة، ومن خلال تلك الفكرة، أي عدم النضج الفني لأحد شخصيات الفيلم، حاول المخرج الاتساق إخراجيا مع رؤيتهم اليافعة، التي تفتقد احترافية الاختيار والحذف، فكان الشكل في الفيلم، يتناقض مع المضمون في كل مشاهد خالد أبو النجا ومنة شلبي، وهو عيب بصري للفيلم.
فهاتان الشخصيتان، كان القلق النفسي بينهما يتصاعد دائما، وحكاياتهما عن الاستمرار والفراق والبقاء والسفر مستمرة، وكانت الكاميرا ثابتة، في حين أن الكاميرا من خلال تلك الحركة، كانت تحاول التعبير عن الاضطراب الذي يعاني منه الفنانون المستقلون ، أي ان المخرج استخدم الكاميرا من خلال منهجين متناقضين في نفس الفيلم للتعبير عن موضوع بعينه يحمل نفس الأثر النفسي.
فالقلق الذي يحمله الشارع بالنسبة للأبطال، هو نفس القلق الذي تحمله الأماكن الداخلية التي تواجدت فيها الشخصيات، لأن المحرك للأحداث في الشارع أو بعيدا عن الشارع، هي نفس مشاعر الشخصيات تلك.
ورغم كل ذلك، وبجدية واضحة، يحقق الفيلم في أسباب قتل الأوراق الخضراء، قتل الحياة قبل أن تبدأ، يحقق في وجوب السؤال قبل طرح الإجابة، يحقق في الحاضر والماضي، في الألم والألم المضاعف.
فرش وغطا
هو ثالث أفلام المخرج والأكثر نضجا من سابقيه على مستوى الإخراج أيضاً، للتكامل ما بين الصورة والمحتوى في الفيلم.
تواجدت دائما الشخصية الصامتة في الأفلام الثلاثة (فرش وغطا – ميكروفون – هيليوبوليس) وكانت في الفيلمين السابقين لهذا الفيلم هامشية وثانوية، بالرغم من أنها حجر الزاوية في حكاية هيليوبوليس، لكنها لم تكن الفاعل أو الشخصية الرئيسية.
حاول المخرج في هذا الفيلم، استغلال تلك الشخصية بطريقة أوسع، حيث حاول تعميم صفة الصمت تلك على كل شخصيات الفيلم، محاولا من خلال ذلك الصمت، التعبير عن عدم أهمية التواصل الإنساني في ذلك التوقيت بالذات، وتكثيف تواجد موضوع آخر، يستخدم القيمة التي تم تجاهلها بين الناس، ويخلق تواصلاً يعبر عن فكرة الفيلم العامة، الإنسان في وقت الأزمة.
والأزمة في الفيلم هي أزمة عامة، تشغل بال فئة كبيرة من المصريين، وتلك الأزمة أنتجت إنسان الأزمة وعبرت عن نفسها بخطاب الأزمة، وعرضت أخلاق الأزمة بصورة الأزمة.
الأزمة
الأزمة التي هي موضوع الفيلم، هي أزمة ثورة يناير، والموضوع الذي يبدأه الفيلم كمقدمة لتلك الازمة هو فتح السجون أثناء ثورة يناير، حيث في ذلك التوقيت، انسحبت الشرطة المصرية تماما من الشوارع، وانتشرت بطريقة بربرية جدا اعمال السرقة والقتل والتطهير العرقي كما حدث بين المسلمين والمسيحيين، وتخلى الناس عن فكرة القانون والأعراف الاجتماعية، وأصبحوا أكثر اتساقا مع وحشيتهم المستترة، والتي كانت الشرطة احدى أسباب اخفائها مؤقتاً.
فالأزمة دوما تظهر المعدن الحقيقي للناس، ولأن الناس معادن، ولأن الأكثر تأثيرا في أحداث الفيلم هم من كانت معادنهم صدئة، كانت صورة الفيلم متوحشة.
إنسان الأزمة وأخلاق الأزمة
في أولى المشاهد التي تجمع آسر ياسين (إنسان الأزمة) بأحد المساجين الذين تم ضربهم بالرصاص أثناء عمليات القتل العشوائي للمساجين داخل وخارج السجن، كان الكلام بينهما قليلا جدا، ويكاد يكون معدوما، بالرغم من إصابة ذلك المسجون برصاصة في بطنه، واحتياجه المعنوي للطبطبة، لكنه لم يطلبها، ولم يفعلها ياسين سوى عند مغادرته الكوخ الذي يختبئان فيه بشكل جاف، وهذه الأحداث تظهر أولى معالم إنسان الأزمة.
التواصل الإنساني منعدم، والأولوية دائما للعائلة.
وفي ثالث مشاهد الفيلم، عندما يركب ياسين إحدى المواصلات، يأخذ بعض النقود التي استأمنه عليها رفيقه المصاب، وهذه ثاني ملامح إنسان الأزمة.سرعة التصرف مهما كانت الخسائر الأخلاقية كبيرة ، لأن ما فعله ياسين، خيانة جزئية لكنها ضرورية لكي يصل بالخطاب والنقود التي حملها كأمانة لعائلة المصاب.
وفي المشاهد التالية، يتم ضرب ياسين من أهل منطقته، ثم لا يهتم ياسين بالتواصل مع عائلته لأنه لا يزال متعلقا بالأزمة التي تضاعفت بوجود أمانة رفيقه المصاب.
ويعرض الفيلم نماذج أخرى من إنسان وأخلاق الأزمة، كالخيانة الملتصقة بشخص البلطجي، والتعالي المتواجد عند ذوي السلطة، وكيف أن اتساق الإنسان الشرير مع شره وثقته الكاملة بغياب أية رادع قانوني يمكن أن تحدث بسببه أسوأ عمليات التطهير العرقية، وأكثر أعمال الفساد فسادا ووحشية، كما حدث في منطقة المسيحيين وتدمير معدات صوت المنشدين.
خطاب الأزمة
الصوت الوحيد المتواجد بوضوح داخل الفيلم، هو صوت نشرات الأخبار وأصوات المنشدين أيضاً، وخلال ظهور تلك الأصوات، تظهر إحدى الشخصيات وهي منصتة، مما يؤكد قيمة ذلك الخطاب في ذلك الوقت.
وخطاب الأزمة هو الخطاب الذي يتسق مع انفعالية الأزمة تلك، والذي يحاول الحفاظ على سرعة وقساوة أحداث الأزمة، فاللسان الوحيد أو الصوت الوحيد الذي يتواجد في الفيلم، هو اللسان السياسي في التلفاز والديني في أصوات المنشدين.
فالأخبار التي تسرد وقائع ميدان التحرير والأحداث المتصاعدة سريعا فيه دائما مسموعة، وهي المحتوى الأكثر اتساقا مع خطاب الازمة، لأن الأزمة في الفيلم عامة، واللسان السياسي هو الأعلى صوتا فيها والأكثر تأثيراً أيضا، بالإضافة للسان أو الخطاب الديني، كما يؤكد ذلك المخرج بتكراره مشاهد التلفاز وغناء المنشدين.
يحاول الخطاب الديني في تلك الأزمة أن يحافظ أولاً على قدسيته، من خلال عدم التشكيك فيه وتناسق محتواه مع أهواء الأغلبية، بأن يبقى مائعاً، كما يحدث في الفيلم من خلال الأناشيد الصوفية والتي لا يوجد لها أية تأثير ملموس أو خطاب واضح، وذلك الجزء الثاني في أساسيات الخطاب الديني وقت الأزمة، وهو ضرورية الحفاظ على التواجد، مهما كان ذلك التواجد غير مؤثر.
كل أشكال التفاعل مع الازمة تلك، هي منصة رئيسية لجمال الفيلم، لأنه عرضها بذكاء شديد لأنها بقت مستترة ومخفية وغير مؤثرة في الأحداث، لكنها موجودة بعينها، وتعبر عن فكرة الفيلم.
ولا يتناسى المخرج أيضا احدى همومه الفنية من خلال التعبير عن قيمة المكان، فالميدان الرئيسي للأحداث كان ميدان التحرير، ويحاول من خلال المقارنة أن يعرض خطأ فكرة المركزية أيضاً، بسرده أحداث أكثر قساوة من نظيرتها في ميدان التحرير ولكنها تفتقد التغطية الإعلامية الضرورية، كمشاهد قتل المساجين.
الأجمل في الفيلم هو تعدد مستويات المعنى، والذي يأتي من نضج الرؤية الخاصة بالمخرج للأحداث، مهما كانت وقائع تلك الأحداث حتى وقتنا هذا يشوبها الكثير من الغموض.
والتناسق الحاصل بين المحتوى وطريقة عرضه مع عدم تجاهل المضمون الأعمق وعدم غموض الحدث الرئيسي المباشر أيضاً، هو الذي حقق النجاح الفني للفيلم.
صورة الأزمة
يقول الفيلسوف الألماني آرثر شوبنهاور، إن الجمال صفة للشيء الذي يبعث في أنفسنا اللذة، بصرف النظر عن منفعته أو فائدته، ويشيع لوناً من السعادة الخالصة، حيث يكمن سر الجمال في هذا الإحساس الموضوعي البريء من الهوى، وفيه تكمن أيضاً العبقرية الفنية، ويتحرر العقل بعض الوقت من الرغبة فيحقق تلك الصورة الخالـدة أو المثل الأفلاطونية التي تُكون المظاهر الخارجية للإرادة الكلية، وعليه فإن الجمال هو الشكل الدال أو المثال المعطى إلى الإدراك الحسي في حدود الواقـع، وبالتالي فإن العمل الفني هو تعبيـر الفنـان عـن مـدى فهمـه وإدراكـه للمثـال”
أما المعالم الأكثر وضوحا للأزمة موضوع الفيلم،فإنها الخشونة ، والتصرفات الأكثر تواجدا في الفيلم، خشنة أيضا، قاسية ومتوحشة، والرهان الأصعب للمخرج، بسبب محاولة اتساق رؤيته مع موضوع الفيلم، فلا بد من صورة خشنة، تعبر عن مضمون الفيلم القاسي.
استخدم المخرج للتعبير عن إدراكه الحسي لواقع الفيلم، حركات عنيفة للكاميرا، خاصة في مشهد البداية، وكذلك الإضاءة الساخنة جدا في المشاهد الأولى في الكوخ، ثم الشوارع المليئة بالقمامة والمباني الآيلة للسقوط، والإضاءة الطبيعية في العديد من المشاهد الخارجية، كثيفة الظلال وعشوائية التكوينات، والمونتاج الذي كان يتنقل بحدة شديدة بين ألوان الخلفيات، وبين مخالفة اتجاه الحركة، حقق الجزء الجمالي الناتج من الصدمة والتنبيه المستمر وتسريع إيقاع الفيلم.
وشريط الصوت في الفيلم هو واحد من أهم عناصره، فأولى مشاهد الفيلم، عندما قتل رجل وهو يعتلي عربة الرمل بجوار آسر ياسين، كان صوت الرصاصة أطول من صوتها في الواقع، وهو يكثف أثر ذلك القتل، ويضاعف وحشيته، وكذلك في المشاهد اللاحقة، تتواجد أصوات دائما تكثف القسوة للصورة، والتي لا تحاول الموسيقى تخفيفها، بل إضافة بعد إنساني لها.
الجمال في هذا الفيلم، بالإضافة لأنه ينبع من تناسق الموضوع مع طريقة تصويره، له دور تربوي ، فالصورة المتوحشة، من الصعب استيعابها أو فهمها على أنها صورة جميلة، فالجميل كما يقول شوبنهاور، يسبب شعورا بالسعادة واللذة، والصورة في الفيلم قاسية جدا.
إلا أن صورة أحمد عبد الله، تمكنت من تحقيق الجمال ذلك، والذي يعيد ترتيب ذائقة المشاهد، من خلال اتحاد المشاهد الكامل مع حالة الفيلم، والتي تم عرضها بشكل متماسك جدا، يسبب للمشاهد حالة اللذة الناتجة من تفاعله الكامل مع الصورة والتي سوف يعتبرها جميلة.
ديكور
عرض فيلم ديكور في مهرجان القاهرة في قسم عروض خاصة، وهو آخر أفلام المخرج أحمد عبد الله، وأحدث تجاربه الفنية أيضاً، لأنه كما ألزم نفسه دائما بالتجريب، يجرب في هذا الفيلم التخلي عن كتابة السيناريو أولا وثانيا اختياره للأبيض والأسود لشكل الفيلم.
لاتزال شخصيات أحمد عبد الله حتى هذا الفيلم، تبحث عن الرضا، مرة من خلال إنجاز عمل تم بدؤه في هيليوبوليس، ومرة من خلال السعي لتحقيق حلم مستحيل في ميكروفون، ومرة من خلال إيصال أمانة في فرش وغطا، وفي هذه المرة، الرضا يأتي من حرية الاختيار.
تسعى مها (حورية فرغلي) لتحقيق فرصة أخيرة لها في الاختيار على اعتبار أنها سوف تتزوج من شخص لا يتسق مع مبادئها الخاصة بإنجاز عمل متقن لا أن تنجز عمل وحسب.
من خلال توحدها التام مع فكرة التمثيل السينمائي، والذي يتخلى تماما عن واقعه لصالح الاستغراق في دراما شخصيته التي يؤدي دورها، والذي بسبب عملها كمهندسة ديكور سينمائية، كانت قريبة جدا من تلك التجربة، تأثرت بشدة بها.
فمن خلال تلك الفكرة، والتي هي من ضمن التطور النفسي لحالة النوستالجيا التي تفصل الإنسان عن الحاضر وتجعله يتمسك بالماضي، وتسبب له السعادة التي يتمناها، تستغرق مها في التفكير بها وتتمنى أن تمثل الدور التي تلعبه شهيرة.
بالإضافة للحس النوستاليجي عند مها وحنينها إلى الماضي، على اعتبار ان الماضي كانت فيه الأيام جميلة في العموم والسينما أجمل على وجه الخصوص، وشغفها بفاتن حمامة والكلاسيكيات الأبيض والأسود في السينما المصرية التي عرضها الفيلم، تحاول مها أن تجد من أفكار الماضي حلاّ لحاضرها.
المشكلة الإنسانية في هذا الفيلم، هي انفصال الإنسان عن واقعه، وهي تطور للفكرة التي كانت في فرش وغطا من خلال انفصال الانسان عن محيطه الاجتماعي فقط وادراكه لواقعه.
تتفاجأ مها برد فعل شريف (خالد أبو النجا) تجاه تهميش دورهما كفناني ديكور أثناء تصميم ديكورات الفيلم، من قبل المخرج ونجمة الفيلم، اللذان يهتمان بالواقع التجاري للحالة وليس الواقع النفسي الفني.
وهذه المفاجأة تصدمها بالواقع بشدة، وتضعها تحت ضغط عصبي، يكثف وجوده وأثره، الفيلم التي تعمل على تصميم ديكوراته، وهو فيلم أيضا ينتمي للحقبة الكلاسيكية، ويظهر ذلك من خلال ملابس بطلة الفيلم شهيرة (يارا جبران).
ولأن مها تحب الكلاسيكيات وتحب الفيلم الذي تعمل فيه، وتكره واقعها الحياتي وتشعر بأن وجودها الإنساني يقتصر على عملها في تصميم ديكورات الفيلم، تبدأ شيئا فشيئا في التماهي تماما مع شخصية شهيرة في الفيلم، فتتوحد تماما معها، ويخلق لا وعيها عالما افتراضيا كاملاً، يصيبها بانفصام نفسي.
ومن خلال تلك الحالة المرضية التي أصابت مها، يبدأ السيناريو في تصميم مشاهد لاحقة، تضع مها في مأزق نفسي شديد، بسبب تخليها عن الواقع، ومحاولتها للبحث عن واقع حياتي جديد، فتقسوا الأحداث شيئا فشيئا، إلى أن يأتي الحدث الأكثر قسوة، وهو الذي سيمثل الصفعة التي سوف تزلزل وعي ولاوعي مها، عندما تتكرر الأحداث بنفس السياق والسرد والحوار، وهو من أجمل مشاهد الفيلم، وأكثرها إيلاماً، وهو الذي تحققت فيه الذروة الأكثر كمالا.
وفي هذا الفيلم، يتحقق السيناريو الكامل، الذي يثير التعايش مع الشخصية وألمها النفسي من خلال كل التفاصيل المهمة والهامشية، كأعراض المرض، وكشف حقيقة المرض، وحياتها مع الشخصيتين شريف ومصطفى (ماجد الكدواني).
واختيار الأبيض والأسود للفيلم، هو الاختيار اللوني الأمثل، الذي تجاوز صعوبة تنفيذ اللون الدرامي أولاً، وثانيا حقق الاتساق الشكلي بين طموحات وأمنيات مها لعالمها الخاص.
فالنوستالجيا هي استدعاء للماضي، والماضي كان بالأبيض والأسود، والنوستالجيا تسبب سعادة لمها، كما تسبب فاتن حمامة وحضورها في السينما سعادة أيضا.
يستخدم المخرج فكرة الديكور والعالم الغير مكتمل، كمعادل نفسي للحالة التي سوف تصاب بها مها، ويؤكد تواجدها بعرضه لقطات عامة للديكور الغير مكتمل في موقع التصوير التي تعمل فيه مها.
ورغبة مها دائما في تعديل أماكن العناصر المكونة للديكور وتعديل إضاءته أيضاً، هو أحد الصور المجازية لفكرة الشغف بالترتيب والتفكيك، التي سوف تتطور إلى درجة التطرف في ذهن مها، حتى تنفصم مها تماما عن واقعها عندما تحاول في داخل ذهنها تفكيكه وترتيبه.
وفي الديكور، يستمر المخرج في تأكيد قيمة المكان، لأن المكان هنا كانت وظيفة مها هي أن تعيد ترتيبه بما يتوافق مع الفيلم وما يتوافق أيضا مع رغبتها الفنية، ومن المكان ذلك، اختلط الواقع بالخيال على مها.
وهنا الانتماء للديكور خطيئة، باعتباره العالم الغير مكتمل، أو العالم المزيف بالرغم من أنه الواقع الذي تعيش فيه شخصيات الفيلم.
هذا الواقع، الذي يستمر في مجاراة الرأسمالية، ويستمر في تفريغ الأشياء من قيمتها لصالح شكلها، كما يبدو من ملاحظات مخرج وممثلة الفيلم التي تعمل مها في تصميم ديكوراته.
فـمها تبحث عن ذاتها، في عالم خرب، فيصيبها شغفها بذلك البحث، أن تنفصم تماما عن الواقع وتخلق واقع تستمر فيه فكرة البحث، لأن البحث في ذاته مرادف للحركة ومرادف للحياة.
فكما استسلم أعضاء الفرق المستقلة في ميكروفون للواقع الذي ترفض فيه الشركات تمويلهم لتحقيق ألبومات غنائية، استمروا في الغناء بالرغم من ذلك، وكذلك تستسلم مها أو تتسق مع حالتها المرضية، وتتأكد من أن لذة البحث هو الموضوع الأهم بالنسبة لها، عندما ترفض أن تختار من بين زوجيها الحقيقي والافتراضي.
ونجح المخرج في الحفاظ على ذلك التساؤل حتى انتهاء الفيلم، لأنه تمكن من خطوط وأدوات حكايته جيدا.
فبالرغم من تواجد المشاهد التسجيلية في أفلامه الثلاثة السابقة، لم تتواجد في هذا الفيلم، لأنه يهمه عدم ضخ الواقع الحقيقة، وكذلك التصوير في الأماكن الخارجية، حيث عددها في ذلك الفيلم قليل جدا، لأنها تعبر عن الصورة الكاملة، ومها لم تصل بعد للصورة الكاملة.
سيناريو الفيلم كان أحد قادة الصورة السينمائية، ثم اختيار الأبيض والأسود، ثم المونتاج العضوي أو القطع للمتحدث، وهو الشكل الكلاسيكي من المونتاج، وهو متسق بالطبع مع موضوع الفيلم، والذي يشكل الحوار فيه دورا رئيسي.
الأجمل في الفيلم، أنه يقدس قيمة الحياة، ويؤمن بقيمة السعي ومحاولة تحقيق الذات دائما، ففي البحث حركة، وفي الحركة حياة.