«سينماتوغراف» تنفرد بأسرار فيلم «بتوقيت القاهرة»
«سينماتوغراف» تنفرد بأسرار فيلم «بتوقيت القاهرة»
أمير رمسيس: غيرت عنوان فيلمي من أجل محمد خان
نور الشريف يلعب شخصية يوسف شاهين وميرفت أمين«خائفة من شئ ما»
«سينماتوغراف»ـ القاهرة: حاوره أحمد شوقي
فى رابع أفلامه يخوض المخرج أمير رمسيس تجربة مغايرة تماما عما قدمه فى أفلامه الثلاثة السابقة، تستمد خصوصيتها من الفكرة ونجومها، إذ تعيد نور الشريف ومرفت أمين وسمير صبرى إلى السينما بعد غياب إلى جانب شريف رمزى وأيتن عامر، وتدور الكاميرات فى أجواء حميمية تضفى على التجربة خصوصية أكبر، وفى إطار تكريم مهرجان دبى للفنان نور الشريف يقام العرض العالمى الأول لفيلم “بتوقيت القاهرة ” وقد انفرد موقع “سينماتوغراف” بلقاء أمير قبل سفره مع فيلمه الى دبى السينمائي، وفيما يلي تفاصيل الحوار:
- نشرت “سينماتوغراف” عند انطلاقها على فيس بوك في مطلع سبتمبر الماضي تغطية خاصة لأول أيام تصوير فيلم “بتوقيت القاهرة”، وها هو الموقع الإلكتروني لها ينطلق بحوار قبل عرض الفيلم في بداية ديسمبر. ثلاثة أشهر فقط هل كانت كافية لخروج الفيلم للنور، الرقم أقل بكثير من المعتاد، ما السبب؟
فترة صناعة الفيلم قصيرة بالفعل، ربما ساعد في ذلك قلة عدد الممثلين، صحيح أن هناك ست شخصيات رئيسية، لكن عدد الممثلين الثانويين محدود جدا، عدد مواقع التصوير محدود أيضا، وقد ساعدنا في تسريع عجلة العمل. فقد بدأنا أول يوم تصوير فى 30 أغسطس الماضي، ببلوغ نهاية سبتمبر كنا قد أنهينا حوالي 60 بالمائة من التصوير، وهو رقم ممتاز. الستة ممثلين الرئيسيين كانوا أيضا متفرغين تماما للفيلم، باستثناء أيتن أمين التي كان لديها فيلم آخر لم تتقاطع أيام تصويره أبدا معنا.
بالطبع كان لدينا بعض الوقفات كأي فيلم، لكن استغلينا خلالها الوقت في المونتاج والتحضيرات. وبشكل عام الفيلم لم يكن صعب التنفيذ بما يجعلنا مضطرين للتوقف لفترات طويلة طالما لم يكن هناك توقف إنتاجي.
“بتوقيت القاهرة” هو فيلمك الروائي الطويل الرابع، لكنه أول فيلم تقوم بكتابة السيناريو الخاص به بنفسك. لماذا قررت الكتابة بنفسك؟ وما الذي حركك تجاه هذا المشروع؟
أعتقد أن كتابة أفلامي كانت خطوة مؤجلة وإن كان من البديهي أن أمر بها يوما ما. في بداية مشوارى كانت لدي رغبة في تنفيذ أفلام قد لا أملك في المستقبل رفاهية صنعها، كأن أقدم ثلاثة من أفلام الأنواع Genre films هي “ورقة شفرة” و”كشف حساب” و”آخر الدنيا”. هذه أفلام يصعب جدا أن تقدم عليها إذا ما عرفك الناس كمخرج لسينما المؤلف. وبالتالي فإن كتابة فيلمي كان أمرا لابد وأن أفعله لكني أجلته من أجل خوض تجارب مختلفة.
أما عن موضوع الفيلم نفسه فقد بدأ عندما قرأت في جريدة الشروق فتوى لشيخ يقول أن زواج الممثلين والممثلات في الأفلام يعتبر زواجا شرعيا والجمهور هم الشهود عليه، هذا هو اليوم الذي قررت فيه كتابة الفيلم وأخذت هذه الفتوى لتكون محركا لأحد الخطوط الدرامية الثلاثة في الفيلم، مع حكايتين أخرتين كنت أمتلكهما مسبقا.
بالحديث عن الرغبة في التجارب المختلفة، بالنسبة لي أفيش فيلم بطولة نور الشريف وميرفت أمين وسمير صبري، يبدو أقرب لأفيش فيلم من السبعينيات. هل كان لديك رغبة في عمل شكل من أشكال الإهداء لتاريخ السينما، هل كان في الأمر لعبة ما تخوضها؟
من جهة كانت لدي رغبة حقيقية في العمل مع نور الشريف، منذ أن كنت مساعدا عملت معه في فيلمين من أفلام يوسف شاهين. من الجهة الأخرى نور يلعب في الفيلم شخصية “يحيى شكري مراد”، الشخصية التي طالما استخدمها شاهين في أفلام السيرة الذاتية الخاصة به، وعندما يكون لديك هذه الشخصية، من الطبيعي جدا أن يكون أول من يقفز في ذهنك هو نور الشريف.
هل كنت تقصد من البداية أن تجعل الشخصية مهداة ليوسف شاهين؟
لم تظهر الشخصية باسم يحيى شكري مراد إلا في نسخة السيناريو الثالثة. خلال كتابة النسختين الأولى والثانية كان شاهين دائما في ذهني، كنت أتخيله جسديا ونفسيا وأنا أكتب الشخصية، وعندما بدأت كتابة ثالث نسخة قلت لنفسي لماذا لا يكون هو يحيى نفسه طالما كنت أفكر فيه طوال عملية الكتابة، فالإهداء كان موجودا داخلي طوال الوقت، حتى لحظة قررت فيها أن أخرجه للناس، وهي اللحظة التي صار نور الشريف فيها هو الاختيار البديهي والمنطقي.
لا أريد أن أتجاوز فكرة الرغبة في “اللعب” بتجريب صناعة أفلام لا تشبهك خلال بداياتك. بعد جزئي “عن يهود مصر”، اللذان وضعا اسمك كواحد من المخرجين الجادين وأصحاب المشروع السينمائي، ألم تندم على تجارب البداية التي ربما جعلتك تُصنف في مكان يختلف عن رغبتك الشخصية؟
إطلاقا، الأفلام الثلاثة التي قدمتها كان من المستحيل فعليا أن أخرجها بعد جزئي “عن يهود مصر” وفيلم “بتوقيت القاهرة”، لأن الناس سيكونون غير مستعدين لقبولها من الأساس، وفي نفس الوقت كان بالفعل لدي رغبة في صناعة أفلام نوع، لذلك كان من الأفضل أن أخوض التجربة وأنا أبدأ، بدلا من أن يخوضها المخرج الذي قدم أفلام صنفته في مكان ما. بالمناسبة هذه الإشكالية كانت لدي منذ أن كنت طالبا في معهد السينما، كنت أصنع مشروعين تستغرب لجنة التحكيم كون صانعهما هو نفس المخرج، لكني كنت راغبا في صناعة هذا وذاك.
لكن مع الوقت اختيارات المخرج تصبح أكثر دقة، أو لنقل يصبح أكثر قدرة على فلترة أفكاره وإدراك نوعية الأعمال التي تشبهه والتي يرغب في تقديمها، هل من الممكن الآن أن تعود لتقدم فيلم من أفلام الأنواع؟
يمكن بالطبع أن أعود لصناعتها مجددا، لكن دعني أؤكد أنها ستكون معركة أصعب مع ميكنة الإنتاج التي تصنف كل مخرج في نوعية أفلام محددة، أصعب بكثير مما واجهته عندما صنعت فيلمي الأول “ورقة شفرة”. وإن كان وقت صناعة هذا الفيلم لم يكن أحد يعتقد أني قادر على صناعة فيلم كوميدي، باعتبارانى مخرج ذهني ثقيل الظل!
الفيلم الجديد كما أعلم لم يكن اسمه في البداية “بتوقيت القاهرة”، ما هو الاسم القديم ولماذا قمت بتغييره؟
بالفعل السيناريو في نسخته الأولى التي بدأت العمل عليها في 2011، كان يحمل عنوانا آخر هو “في الهند أم العجايب”، وهو اسم إحدى أغنيات سعاد حسني التي كان أحد خطوط الفيلم مهدى بالكامل لها، وكان شريط الصوت يعتمد على الكثير من أغنياتها. لكن كل هذا توقف عندما ظهر فيلم “فتاة المصنع” ووجدت المخرج الكبير محمد خان يقدم اهداءً مماثلا لسعاد حسني ويدعم فيلمه بأغنياتها. رأيت وقتها أنه سيكون من الغريب جدا أن يتكرر نفس الشيء في فترة زمنية متقاربة، وبشكل عام خان أولى بالطبع بسعاد حسني، فلديهما تاريخ معا جعل إهداءه لها أكثر شخصية وحميمية.
وفي المقابل اخترت أنت إهداء شخصي بالنسبة لك موجهة ليوسف شاهين..
بالظبط، وإن كان من الضروري أن أشير أن صوت سعاد حسني لم يكن مجرد إهداء، ولكنه كان متعلق بدراما الفيلم، وكان صوتها يعقد مقارنة منطقية مع أحداث الخط الدرامي الثاني والمتعلق بزواج الممثلين على الشاشة، كصورة للعبث المسيطر حاليا على علاقة البشر بالفن. لم يكن مجرد إهداء لكني استعضت عنه بأشياء أخرى سنراها في الفيلم.
كيف كان التعامل مع نور الشريف وميرفت أمين وسمير صبري، الذين ينتمون لمدارس أدائية مختلفة ولأجيال تسبقك بكثير؟ هل واجهت صعوبة في التعامل معهم؟
بالنسبة لآليات التعامل كمخرج مع الممثلين لم يمثل فارق السن أي مشكلة، فالثلاثة شديدي الاحتراف ويعلمون حدود الممثل والمخرج. أسهلهم بالطبع كان نور الشريف الذي تجمعنا علاقة طويلة، بروفات وتصوير وسفرات مع شاهين. العلاقة جعلتنا نبدأ العمل وكل منا يعلم جيدا ما يمكن أن يتوقعه من الطرف الثاني، وهو ما سهل كل مراحل العمل. بالإضافة بالطبع لأنه ممثل بالغ الذكاء والحرفية، يمكنه دائما معرفة ما يدور في ذهن المخرج وتنفيذه.
سمير صبري لم أعمل معه من قبل، لكني أملك حبا خاصا ناحيته، وأعتقد أني اخترته في دور قريب جدا من شخصيته الحقيقية، وكنت مستمتع كطفل بالعمل معه، خاصة وأنه يلعب دور ممثل قديم، بما يترتب على ذلك من استخدام لصوره وأغنياته القديمة.
أصعب التجارب كانت العمل مع ميرفت أمين التي لم أكن أعرفها من قبل، خاصة وأنها كانت تملك قدرا من الخوف من الشخصية الجديدة عليها. لم يكن هناك أي توتر في العلاقة بيننا، ولكن كل منا كان لديه علاقة متوترة مع الشخصية التي تلعبها هي وكيف سنتعامل معها، لكن أعتقد أن الأمر تم في النهاية بنجاح.
“بتوقيت القاهرة” فيلم مؤلف، وهو مؤلف ذهني كما وصفت نفسك، لديه رؤية وطرح واضح حول ما يحدث في المجتمع المعاصر، لكن ما شاهدناه في الإعلان الدعائي أن الفيلم به حس شعبي واضح يكاد يجعله مرشح لأن يكون فيلم ناجح في شباك التذاكر. هل كان هذا هدفا وضعته من البداية؟
كلمة فيلم المؤلف كلمة يساء فهمها في كثير من الأحيان، فباختصار هناك مؤلف خفيف الظل وآخر ثقيل الظل. أفلام وودي آلين كلها تندرج تحت تصنيف سينما المؤلف، بل أن أمير كوستوريكا نفسه يصنع أفلام لو جردناها لعناصرها الأولية فسنجدها نفس عناصر أفلام السبكي: عالم العشوائيات الغجري، الموسيقى الشعبية، الحس الكوميدي العنيف، هي بالضبط خلطة أفلام العيد الخاصة بالسبكي، لكنه يصنع منها فيلم مؤلف بديع على شاكلة “تحت الأرض” و”زمن الغجر”. لا أعتقد أن هناك انفصال بين ينتمي الفيلم لسينما المؤلف وأن يكون في نفس الوقت عملا كوميديا، بل أعتبر نفسي شخصية تسخر طوال الوقت من كل ما حولها، وهو ما أحاول صنعه في فيلمي.
الفيلم سيعرض في قسم ليال عربية بمهرجان دبي المقبل، ما خططك بعد عرضه هناك؟
من المفترض أن يطرح للعرض التجاري في القاعات المصرية خلال يناير المقبل، لكن تاريخ العرض لم يتحدد بدقة حتى الآن.