إضاءات

«سينما فاتن حمامة».. 34 عاماً من التاريخ والفن الجميل

القاهرة ـ «سينماتوغراف»

في حضور سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة، وعدد كبير من الشخصيات العامة ونجوم السينما المصرية، افتتح عبد الحميد رضوان، وزير الثقافة آنذاك، في الثامنة من مساء 29 ديسمبر 1984، دار سينما فاتن حمامة بحي المنيل أمام كوبري الملك الصالح، لتكون أول دار عرض سينمائي قطاع عام من الدرجة الأولى يتم إطلاق اسم أحد نجوم السينما المصرية عليها، تقديرًا للفنانة القديرة الراحلة التي عرفها الجميع نموذجًا للعطاء الفني الجيد. قبل ذلك التاريخ كانت تُسمى السينما بـ”ميراندا” وقبلها بـ”ربع لبة”، واستخدمها الرئيس الراحل محمد أنور السادات للتمويه ليلة اندلاع ثورة 23 يوليو 1952، حيث حضر فيها فيلما ليختفي عن أنظار المراقبة.

وزير الثقافة الذي أعاد افتتاحها هو من أعاد أيضًا تسميتها فاتن حمامة بقرار من الرئيس الأسبق حسني مبارك، حيث كانت دار العرض تتبع وزارة الثقافة المصرية وقتها، وبلغت تكاليف إعادة بنائها 600 ألف جنيه، وتضم 1100 كرسي في دار عرض واحدة فقط، وهي مُكيفة الهواء، وكان بها أحدث ماكينة للعرض السينمائي مستوردة من ألمانيا. أول فيلم عُرض بسينما فاتن حمامة كان “عندما يبكي الرجال” من بطولة فريد شوقي ونور الشريف وفاروق الفيشاوي ومديحة كامل وإخراج حسام الدين مصطفى، وتأليف أحمد فريد محمود ومصطفى محرم.

تميزت عن مثيلاتها بما لها من بريق يخطف الأنظار، وصور النجوم المرسومة يدويًا بعناية شديدة تتصدر واجهة دار العرض، وموقعها العبقري في حي المنيل العريق، قدّمت أفلامًا متنوعة ومدارس إخراجية مختلفة، وكان يرتادها الطلاب، ما أكسبها اسم “سينما الطلبة”.

بعد نحو 34 عامًا من وجودها كأول سينما قطاع عام من الدرجة الأولى تحمل اسم نجم، أُغلقت سينما فاتن حمامة، مساء يوم 31 يناير 2015، بعد انتهاء فترة تعاقد الشركة العربية للإنتاج والتوزيع السينمائي على استئجارها، وقام ملاك السينما بلصق إعلان على واجهة دار العرض تُفيد بعرضها للبيع. آخر فيلم كان يُعرض على شاشتها قبل إغلاقها “ريجاتا” بطولة عمرو سعد وإلهام شاهين ومحمود حميدة وفتحي عبد الوهاب ورانيا يوسف وأحمد مالك، إخراج وتأليف محمد سامي. ومنذ ذلك الحين، وأصبحت سينما فاتن حمامة، التي اشتُهر بها حي المنيل بالقاهرة، عبارة عن مخزن للأغراض القديمة ومكان لـ “ركن” الدراجات البخارية، إضافة إلى تحويل مدخل السينما إلى “غية” لتربية الحمام، قبل أن يُبت في هدمها حاليًا.

وبعد عقود ظلت خلالها سينما فاتن حمامة الشهيرة، شاهدة على مرحلة مهمة من تاريخ الفن المصري، كونها أحد مراكز التنوير والثقافة في قلب العاصمة، تقف السينما اليوم، لتواجه مصير الهدم، مع اعتراف رسمي بأنها ليست طرازًا معماريًا، رغم أن عمرها يتجاوز نصف القرن، كانت خلالها شاهدًا على تاريخ صناعة السينما، واستضافت الكثير من العروض الخاصة لنجوم زمن الفن الجميل، إلا أنها حاليًا أصبحت تحت الأنقاض بعد هدمها لاستبدالها بمولات وأبراج سكنية شاهقة الارتفاع في المستقبل القريب، وهكذا كُتب شهادة وفاة دار عرض جديدة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى