صناعة السينما اللبنانية تكافح للصمود بانتظار تحسن الأوضاع
الوكالات ـ «سينماتوغراف»
تكافح صناعة السينما في لبنان كغيرها من الصناعات للحفاظ على وجودها ومن ثم تطوير آدائها، خصوصاً وأنها قطاع واعد في ظل توفر الكفاءات البشرية المبدعة التي تدفع بها الجامعات في مجال الإخراج السينمائي والتلفزيوني.
ويعود تاريخ صناعة السينما في لبنان إلى ثلاثينيات القرن الماضي وهي صناعة تميزت في كثير منها بإنتاجات مشتركة بين لبنانيين وآخرين إلا أنها تمر بمراحل غير منتظمة وفقاً للظروف التي يمر بها البلد من حين إلى آخر نظراً لفقد هذه الصناعة العامل الأبرز في تطويرها وهو توفر التمويل الكبير الذي تحتاجه لرعاية الإنتاج.
ورأت المنتجة ميريم ساسين منتجة فيلم (كوستا برافا) الذي سيعرض الشهر المقبل في تصريح لـ (كونا) أمس الأربعاء أن واقع السينما اللبنانية أخذ يتطور بعد عام 2000 إذ كان الانتاج يصل إلى فيلمين طويلين في السنة ليبلغ في عام 2019 ما بين 20 الى 30 فيلماً طويلاً موزعة بين وثائقي وروائي مشيرة إلى مشاركة هذه الأعمال في مهرجانات عالمية مثل كان وفينسيا وبرلين.
واعتبرت ساسين أن «ثمة مواهب فنية ومخرجين برزت أعمالهم في المهرجانات العالمية إلا أن الأزمة الاقتصادية التي دخلت فيها البلاد الى جانب جائحة كورونا أصابت القطاع السينمائي خصوصا وأنه يحتاج إلى تمويل كبير إذ أن كلفة انتاج فيلم روائي يحتاج الى 200 الف دولار امريكي على أقل تقدير».
وأوضحت أنه بإمكان صناعة السينما أن تكون قطاعاً رافداً للاقتصاد نظراً لحجم الانفاق الذي تتطلبه الأفلام وما توفره من فرص عمل ولا سيما مع غنى لبنان بالمواهب الفنية في حال تأمين الدعم المالي المطلوب.
من جهته قال المخرج سمير حبشي أن «مشكلة السينما في لبنان منذ انطلاقتها وحتى الآن هي التمويل وتحديداً تمويل الأفلام التي تعالج مواضيع اجتماعية هادفة او ما يعرف بـ (الأفلام الجدية)».
واعتبر حبشي أن السوق اللبنانية غير قادرة على إنتاج الأفلام من دون وجود إنتاج مشترك مع دول أخرى أو بتمويل من صناديق أجنبية لأنه سوق صغير نظراً لعدد السكان ولا يمكن لنسب المشاهدة فيه أن تغطي تكاليف الفيلم إذ «أن تكلفة الفيلم تبلغ نصف مليون دولار وتحتاج الى 300 الف مشاهد لتعويض تكاليف الفيلم».
وأضاف أن «كل مخرج يعاني للبحث عن تمويل لفيلمه فعملية البحث عن منتجين تستغرق فترات زمنية طويلة لاقناع الجهات الداعمة بالفيلم المراد تصويره ليحصل على الانتاج».
وشدد على «أن السينما في لبنان تحتاج الى الدعم بغض النظر عن الظروف الاقتصادية وسواها من الامور وذلك لأن السوق المحلي اللبناني صغير لا يمكنه تأمين العدد اللازم من المشاهدين لتغطية تكاليف الفيلم كما هو الحال في مصر والولايات المتحدة حتى ان السينما الاوروبية لديها صناديق دعم ومشاريع دعم من الدول».
من ناحيتها رأت رئيسة (مؤسسة سينما لبنان) مايا دو فريج أنه «من الضروري مع هذه الأزمة غير المسبوقة اعادة اطلاق اقتصاد ابداعي جديد لتمهيد الطريق أمام هذه الصناعة وتشجيعها كونها احدى المقومات الرئيسية التي تمكن لبنان من ان يكون حاضرا في الحلقات التجارية والمالية للعولمة».
وكشفت عن أن (مؤسسة سينما لبنان) اطلقت في الفترة الاخيرة مبادرة بتمويل من الاتحاد الاوروبي تهدف لاحياء الانتاج السينمائي اللبناني في ظل الازمات المتعددة التي يشهدها لبنان وهي مبادرة من شقين أولهما برنامج توجيهي وتدريبي اطلق في يونيو الماضي لتعزيز قدرات المنتجين اللبنانيين لتمكينهم من انجاح مشاريعهم والثاني صندوق يوفر الدعم المالي لعدد من مشاريع الأفلام حيث سيصار الى فتح باب تقديم الطلبات للصندوق في نوفمبر المقبل.
ويشمل البرنامج منتجين سينمائيين واعلاميين قاموا بإنتاج أفلاماً أو أعمالا ًسمعية بصرية أخرى ويرغبون في تطوير مهاراتهم في ريادة الأعمال لتوفير ظروف النجاح لمشاريعهم.
أما الصندوق فهو عبارة عن اطلاق صندوق لمرة واحدة استثنائية لدعم مشاريع الأفلام الطويلة اللبنانية ممول من الاتحاد الأوروبي وتبلغ قيمته الاجمالية 75 ألف يورو (مايعادل 76 الف دولار) ويهدف إلى توفير جزء من التمويل لأفلام تحتاج الى دعم لاستكمال تنفيذها. وسيفتح باب تقديم الطلبات اعتباراً من نوفمبر المقبل للافلام الروائية والوثائقية التي بلغت مرحلة الإنتاج وما بعد الإنتاج.
ولفتت إلى ما تقوم به المؤسسة للمساهمة بتنشيط صناعة السينما وايجاد فرص عمل تستوعب المواهب والقدرات اللبنانية.
وسلطت الضوء على قلة عدد المنتجين الأمر الذي يقف عائقاً أمام تطور الانتاج مؤكدة سعي (مؤسسة سينما لبنان) لتدريب المنتجين في كيفية تمويل أعمالهم.
وشددت على أن الإنتاج السينمائي في بعض الدول من ضمنها أوروبية يتجه إلى الإنتاج المشترك لتوفير التمويل المالي المطلوب لإنجاح الأفلام.