عروض «القاهرة السينمائي»: كيف تنسى أهوال الحرب في «استراحة قصيرة»؟
«سينماتوغراف»: انتصار دردير
كيف يمكن ان تنسي أهوال الحرب التي عشتها بكل مرارتها، وكيف يمكن ان تتغاضى عن القتلي والجرحي، لحظات الرعب والموت، وتتجاوز ما عشته من مآسيها، وتستأنف حياتك دون ان تصبح ذكري اليمة تطاردك طوال مشوار الحياة.
هذا ما يطرحه فيلم «استراحة قصيرة أو Stopover» أحد أفلام المسابقة الرسمية بمهرجان القاهرة السينمائي في دورته الـ38 والذي عرض أول أمس بالمسرح الكبير، الفيلم انتاج مشترك بين فرنسا واليونان وهو من اخراج الشقيقتان، ديفليين كولان ومورييل كولان، وهما أيضا كاتبتا السيناريو.
هو فيلم عن الحروب بكل مآسيها، وكيف يمكن ان يظل جنودها أسري لأهوالها، حين تتحول مشاهدها المفزعة الي كوابيس تطاردهم، بطلتا الفيلم أورور ومارين مجندتان متطوعتان في صفوف الجيش الفرنسي خلال حرب أفغانستان، تحصلان علي اجازة لعدة أيام بأحد المنتجعات بقبرص، العطلة هدفها تأهيلهما مع عدد من الجنود الذين شاركوا بهذه الحرب وعادوا بروح متخاذلة بسبب أهوال ماشاهدوه، حيث يخضعون لجلسات نفسية يتحرر فيها الجميع من هواجسهم ويحكون لحظات الرعب والخوف كما عاشوها.
الذين ذهبوا للحرب في أفغانستان خرجوا يتساءلون لماذا جئنا الي هنا ولمن نحارب، وتتساءل احدي المجندتين وهي تروي تجربتها، ماذا علي أن أفعل في افغانستان، لقد رأيت صديقتي علي الأرض شعرت بالبرد وكنت اتصبب عرقا حاولت ان اتحرك تجاهها لم استطع لأكتشف إصابة في ساقي واقتنعت تماما اني سأموت هنا، بينما تنتفض عروقها يحدد المعالج النفسي درجة توترها بـ9 درجات، ثم تكتشف ان صديقتها اخفت عنها امر انسحابها من المعركة مما يجعلها تواجهها وتقع بينهما أزمة كبيرة.
في المنتج العلاجي الذي يستقبل المجندين في رحلة استجمامية قبل عودتهم لفرنسا حتي يعودوا لذويهم اكثر اقبالا علي الحياة، ينقل الفيلم شهادات المجندين وآرائهم وأزماتهم، وكيف يمكن أن تكون هذه الفضفضة وسيلة للعلاج، وتحكي الجندية المتطوعة كيف مات زميلها ولم تستطع ان تغلق عينيه بعد مقتله، وانه كان عليها ان تفعل ذلك، هنا يأتي دور الطبيب الذي يناقشها ويفند ارائها ويبث فيها روح البطولة.
وتتوالي شهادات المجندين الذين يتركهم الطبيب يتحدثوا وان يخفوا أعينهم خلال هذا الحكي حتي يستعيدوا تلك اللحظات كاملة ويروا تجاربهم أمام بعضهم البعض.
يقترب الفيلم من الشكل الوثائقي، وهو يكشف ذاكرة الجنود الذين عاشوا اهوال الحرب وبينما اطمئن الطبيب ان شيئا تغير داخل كل منهم، يسمح اخيرا بالسفر والعودة لبلادهم، وفي الحافلة التي تقلهم الي المطار تقرر احدي المجندات ان تترك الخدمة وتقول لصديقتها لقد كرهت الحرب والعسكرية.
وفي مشهد النهاية يعلو صوت الجنود وهم في طريقهم لبلدهم ويغنون نشيدا يؤكد تمسكهم بدورهم في حماية بلادهم، وقد عرض الفليم لاول مرة في قسم «نظرة ما» بمهرجان كان السينمائي، وقد حصلتا مخرجتاه علي جائزة احسن سيناريو وهو ثاني افلامهما بعد فيلمهما الاول «سبعة عشر فتاة».