كتاب الموقع

عندما يصبح للتفاهة ثمن

لا أفهم كيف يصر ممثل كان نجما يوما واعتلى القمة، على أن يقتل نفسه بيديه ويضيع كل ما حققه من نجاح بسبب رفضه الاستماع إلى أي صوت بخلاف صوته وحده، وعدم التفاته لآراء النقاد والجمهور في ما يقدمه.

فبعد سلسة طويلة من الفشل السينمائي، واصل محمد سعد توسيع الهوة بينه وبين جمهوره بتقديمه برنامج «وش السعد» على قناة «ام بي سي مصر» والذي قيل إنه حصل مقابله على 16 مليون جنيه ليقدم للمشاهدين غثاء وسماجة بل وخروجا عن الآداب ويوسع الهوة بينه وبين الجمهور الذي أبدي قطاع كبير منه امتعاضه مما يقدمه سعد ويحصل مقابله على الملايين.

وقد جاء البرنامج باهتا وصادما للجمهور لاسيما للعائلات الملتفة حول الشاشات بسبب خروجه عن النص وتقديمه إيحاءات جنسية لا تناسب المشاهدين في المنازل.

وكان النقاد والمتخصصون قد أجمعوا على أن محمد سعد يتمتع بموهبة كبيرة في مجال التمثيل، وأنه كان مؤهلا ليكون نجما كوميديا لا يضارع، بل وتراجيديا أيضا، تماما كما كان الضاحك الباكي العظيم نجيب الريحاني.

ورغم ذلك أصر محمد سعد على أن يبدد طاقته ويحرق موهبته بأداء شخصيات عفى عليها الزمن ولم تعد تناسب جمهور اليوم الذي تغيرت جيناته وأمزجته.

وكانت بداية سعد مبشرة مع أدوار بسيطة في أفلام ضعيفة، حيث ظهر لأول مرة على شاشة السينما عام 1989 في فيلم «عليش دخل الجيش» من تأليف يسري غريب وإخراج يوسف إبراهيم ومن بطولة يونس شلبي وسعاد نصر، ثم «المشاغبون في البحرية» عام 1992 من تأليف وإخراج ناصر حسين، وكان من بطولة حاتم ذوالفقار ومحمد رضا.

ويلاحظ أن الفيلمين من أفلام المقاولات التي ازدهرت في تلك الفترة وكانت تتميز بالضعف الفني من ناحية الإخراج والإنتاج وحتى أبطالها الذين انحصروا في نجوم الكوميديا في ذلك الزمن، مثل سمير غانم وسعيد صالح ويونس شلبي وضياء الميرغني ومظهر أبوالنجا ومن على شاكلتهم.

ثم حصل سعد على دور بسيط في مسلسل «مازال النيل يجري» عام 1992، من تأليف المبدع أسامة أنور عكاشة ومن إخراج محمد فاضل، وكان من بطولة فردوس عبدالحميد هشام سليم. وتلى ذلك في نفس العام مسلسل «من الذي لا يحب فاطمة» من تأليف الراحل أنيس منصور ومن إخراج أحمد صقر، وبطولة أحمد عبدالعزيز وشيرين سيف النصر ومجموعة كبيرة من الممثلين الجدد الذين صاروا نجوما تباعا.

وفي العام التالي، قام بلعب دور الجندي “قناوي” في فيلم «الطرق إلى إيلات» من تأليف فايز غالي ومن إخراج إنعام محمد علي بطولة عزت العلايلي ونبيل الحلفاوي ومجموعة من الشباب.

وجاء فيلم الناظر من إخراج شريف عرفة وبطولة علاء ولي الدين وأحمد حلمي عام 2001 ليمهد الطريق لنجومية محمد سعد حين جسد شخصية اللمبي، والتي لم يتنازل عنها واستقل بها ليؤديها بعد ذلك في فيلم حمل اسمها في عام 2002 من تأليف أحمد عبدالله وإخراج وائل إحسان ومن بطولة حلا شيحة وعبلة كامل وحسن حسني.

وقد ظهر اللمبي صاحب هذه الشخصية شخصا بطئ الفهم قليل الإدراك يتكلم بصعوبة وهو ما لقى هوى لدى الجمهور وساهم في نجاح الفيلم، ليحقق أعلى دخل لفيلم مصري في تاريخ السينما المصرية بلغ 22 مليون جنيه.

وقد أغرى هذا النجاح الكبير محمد سعد ليقرر الاستمرار في أداء شخصية «اللمبي» في فيلمين بعد ذلك هما «اللي بالي بالك» الذي حمل في البداية اسم «اللمبي2» قبل أن تغيره الرقابة، و«اللمبي 8 جيجا».

كما كان بطلا لافلام عديدة اعتمدت على شخصيات غريبة الأطوار ابتدعها بنفسه واطلق عليها اسماء غريبة ايضا مثل وعوكل، وبوحة، وكتكوت، وكركر، وبوشكاش، وتك تك بوم، وتتح، وأخيرا حياتي مبهدلة.

وقد أحرق محمد سعد موهبته وفقد جمهوره الذي رفعه إلى القمة وذلك بإصراره على تقديم أفلام أقل ما توصف به أنها تافهة وبلا قيمة وعلى أن يكون البطل الأوحد في أي فيلم. بل واكثر من ذلك إصراره على أن يؤدي شخصيتين بل وثلاثا في بعض الأفلام مثل اللي بالي بالك، وعوكل، وكتكوت، وكركر الذي أدى فيه ثلاث شخصيات، وأيضا تك تك بوم (شخصيتان).

وأصر محمد سعد على الاستمرار في هذه الطريق رغم تأكده من فشل افلامه واحدا بعد الآخر وتراجع إيراداتها بدرجة كبيرة بعد ظهور نجوم جدد من الشباب قدموا للجمهور ما يبحث عنه في افلام تتسم بالعنف والحركة، وأيضا بالأغاني الهابطة والرقص الخليع، حتى أن فيلمه الأخير «حياتي مبهدلة» فشل ولم يحقق أكثر من 6 ملايين جنيه رغم مشاركة نيكول سابا معه البطولة إلى جتنب حسن حسني وسامي مغاوري، وكان الفيلم من تأليف سامح سر الختم ومن إخراج شادي علي.

حتى أنه عندما أراد أن يقدم مسلسلا تليفزيونيا حمل اسم «شمس الأنصاري» عام 2012، واختار أن يؤدي أيضا شخصيتين إحداهما شمس الأنصاري الذي لا يشق له غبار والثانية شخصية بلهاء.

ورغم فشل المسلسل، إلا أنه اختار شخصية «أطاطا» التي ابتدعها في فيلم عوكل ليؤديها في مسلسل حمل اسم “فيفا اطاطا” في 2014 حاملة أيضا سمات التخلف والبله.

فهل يستفيق محمد سعد قبل فوات الأوان ويتروى في اختيار ادواره ليعود إلى الجمهور الذي قاطعه ويستمع إلى صوت العقل وأن يقبل النصيحة من محبيه لا أن يناصبهم العداء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى