أحداث و تقارير

فيلم «العائد».. أزمة الفرد الوجودية وقدرته على النجاه

نادين

الدكتورة ـ نادين ايهاب 

«يعرف غالباً الشاعر ما يريد التعبير عنه، ولكنه لن يعرف أبداً كيف تم كتابته»..

 تترجم لنا تلك المقولة علي لسان المخرج «أليخاندرو غونزاليز إيناريتو» تلك الحالة الخاصة التي خاضها في صناعة فيلم «العائد ـ The Revenant»، فالفيلم مثله مثل أى وسيله فنيه أخرى يستطيع ان يترجم ما بداخل الفنان ونستطيع نحن المشاهدين التعرف على البصمة الأسلوبيه لكل فنان من خلال خوض تجربته الفيلميه.

 فإذا كان الفن السابع فن الفيلم يجمع بداخله كل الفنون الأخرى، فهو يمتلك تلك القدرة السحرية لكل الفنون على ان يتشكل بذاته، ذلك التشكل ينتج عن تلك الحالة من التعمق والذوبان الذي يخوضها الفنان في كل مرحله من مراحل العمل، خاصة مع فن الفيلم الذي يمر بمراحل عده تشكل الصورة النهائيه للعمل، والتي ليست بالضرورة ان تطابق الشكل التحضيرى الذي تشكّل عبر العملية الأبداعيه الأوليه، ففى أغلب الأحيان يخوض الفنان تلك التجربة المدهشه في التعرف على مناطق جديده في ذاته عبر تطور العمل لينتج العمل الفنى بتلك الصورة الخلّاقة التي أستحوذت على صانع العمل بشكل تلقائى أثناء تنفيذه، وتتفجر من خلالها كل التراكمات والأنفعالات الأبداعيه أثناء مراحل العمل المختلفه، وهو ما يميز فنان عن فناناً أخر، أو مجرد مخرج عن مخرج مبدع، وهو إثقال الموهبة والطاقة السحرية بداخله بالتفاني في إدراك كل تفاصيل العمل المختلفه.

a-dedicated-director-and-a-breathtaking-performance-make-the-revenant-2015-s-fine-fearl-769717

 وهو ما أصر عليه المخرج «أليخاندرو غونزاليز إيناريتو» ليحصد جائزة الأوسكار لسنتين متتالتين، عام 2014 عن فيلم «Birdman»، يعقبه فيلم «The Revenant» عام 2015، محققاً بذلك ليس النجاح الجماهيري أو الأكاديمي فقط، بل الأنتصار الأبداعي للنضال الفنى، وهو ما أوضحه عندما قال: «لو أنتهى المطاف بنا أمام شاشة خضراء والجميع مرتاح ويشرب القهوة، سيكون الجميع سعيداً، لكن على الارجح سيكون الفيلم فظيع».

رحله مرهقه

لقد أراد «إيناريتو» أن يذيب جبل الجليد ليكتشف ما تحته، مؤمنآً ومحترماً قدرة المشاهدين علي التميز، ضارباً عرض الحائط بموضة العصر في أستخدام «الشاشة الخضراء» بشكل مبالغ فيه، وهو ما أكده عندما أصر علي التصوير في أماكن تشبه التي حدثت فيها القصة الحقيقيه التي تصل درجات البرودة فيها اقل من 20 درجة تحت الصفر، لينقلنا ببراعه إلى حقبة الفيلم الزمنيه لعام 1823 وأجوائها البيئيه البرية الجليديه في ولاية لويزانا، مع أخضاع كل طاقم الفيلم لتلك الظروف لمدة عام، خاصة الشخصية المحوريه «هيو جلاس» صائد الدببة المستوحاة عن قصه حقيقيه، التي قام بأدائها النجم «ليوناردوا ديكابريو» الذي أشعل وقود الدراما الفيلميه وأستحق من خلالها على جائزة الأوسكار بعد مسيره فنيه ثريه.

 وقد أنتقل طاقم الفيلم من كندا حيث ذاب الجليد إلى أقاصي الأرجنتين لتوافر ظروف مناخية تشبه التي يحتاجها المخرج مما تسبب في تأخر وقت تصوير الفيلم وتعطل اكثر من مرة بالإضافة إلى زيادة ميزانية إنتاج الفيلم اكثر من مرة من 60 مليون، إلى 95 مليون، ثم إلى 135 مليون دولار.

revenant-movie-2015-001f-730x365

 كل ذلك لينقلنا ببراعه عبر فيلم «العائد» في رحله مرهقه، مربكه ومشوقه ممتده عبر 320 كيلومتر تستغرق ساعتين ونصف، لنسكن تحت جلد الشخصية في رحلة نضالها القاسيه، والتي تغلفها رؤيه شاعريه و فنيه في غايه الروعه، بحرفيه تقنيه عالية الجوده، رغم بساطة الحبكه، والتي تبدو تقليديه، إلا اننا لا نستطيع سوى الاستسلام لتلك الصورة السينمائيه التي تُشركنا بشراسه داخل الأحداث الدراميه من أول وهله، ليخوض المشاهد مع البطل رحلة أنهياره الجسدي والنفسي ونضاله لتحقيق هدفه في الأنتقام، نختبر ما يختبره ونشعر بمشاعره، فبينما لا يستطيع المشاهد التوحد الكامل مع البطل، فالألام التي عاشها «هيو جلاس» لا يمكن تحملها برغم براعة المخرج والمصور في توظيف كل الأمكانيات الفنيه والتقنية الممكنه لإشراك المشاهد داخل الأحداث بإتقاناً مزهل، وهو ما يرغم المشاهد على التعاطف مع البطل ليخوض معه رحلته للخلاص، والتي تتشكل عبر جرعه مكثفه من الأنفعالات والصراعات المختلفه.

3qA1Y2CxnPeg7pPqnGDnNpHxQK9

افتتاحيه استثنائيه

«أعلم يا بنى انك تريد ان ينتهى كل ذلك»..

 تبدو تلك الجملة افتتاحيه استثنائيه، لساعتين ونصف من العنف، والفقدان، والآلام النفسيه والجسديه التي لا تحتمل، يبدأ بها مشهد ما قبل التترات، الذي يتضمن سبعة لقطات تختزل من خلالها قصة عائلة «هيو جلاس» الصغيره عبر صوت «هيو جلاس» المختنق يتحدث باللغة الهنديه القديمه، يتبين لنا من خلال تلك اللقطات أن «هيو جلاس» متزوج من إمرآه تنتمي للهنود الحمر وأبنه يحمل نفس ملامحها، وتنتهى بلقطه يحمل «هيو» طفله الصغير والنيران مشتعله من حولهما مختتماً تعليقه الصوتى بـ «مادمت تستطيع أنتزاع أنفاسك، أنت تقاوم…….أنت تتنفس، أستمر في التنفس».

 تلك اللقطات مزيج بين الرؤية الشاعرية للحلم وقسوة الواقع، عبر إيقاع بطىء مستخدماً تقنية تبطىء الحركه، مما يزيد من البعد النفسى للمشهد معمقاً ذلك عبر حركة الكاميرا التي تتابع أنفاس الشخصيات لنتوحد مع شعورهما بالخطر، وهو ما أبدعت في تصويره الصورة السينمائيه من خلال تقليل نسبة التشبع اللونى من الصوره، و ليس بأستخدام تأثير الأبيض والأسود فقط كما أعتدنا في حكى أحداث ماضيه أو أحلام وهلاوس الشخصيات، إنما إستخدام ذلك المؤثر كنايه عن أنتزاع الحياه والبهجة من تلك العائلة الصغيره وهو ما يؤكد عليه المؤثر الصوتى الذي يمتزج بصوت «هيو»، وينتهي المشهد بأختفاء تدريجى على شاشه مظلمه، تتكرر تلك الصور الشاعرية التي يتذكّر فيها «هيو» زوجته وأبنه أثناء الأحداث الفيلميه «أربعة مرات» مقتطعاً بها مجريات الأحداث في لحظات هامه تعبر عن هلاوس الشخصية و تؤكد علي صراعها بين الحياة والموت، لنكتشف بعد مرور جزء من الأحداث الفيلميه، أنه سيتم التعمق في حكي قصة العائلة الذي تم عرضه في مشهد ما قبل التترات بالتفصيل عبر تقديم اللقطات التي تم حجبها، تعد تلك اللقطات التي تتداخل بأنسيابيه في لحظات هامه داخل البنيه الفيلميه من أهم ما يميز بنية ذلك العمل، رغم قسوتها إلا انها تعد فترات هامه يستطيع المشاهد ان يلتقط فيها أنفاسه ويتعاطف أكثر مع البطل.

revenant2015

الانقلابات الدراميه

 ينتهى مشهد ما قبل التترات بأختفاء تدريجى على ظهور تدريجى مع أول لقطه من مشاهد الفيلم لتعبر عن مرور فتره زمنيه، ينقلنا من خلالها إلى أحداث أخري في زمان ومكان أخرين، وتأتى أهمية مشهد ما قبل التترات ليس فقط في أختزال أحداث ماضيه، بل مكثفاً لكل الأحداث الفيلميه، منذراً بما هو قادم، ويتركنا في اللقطة الأخيره من المشهد، لا نعلم هل فقد أبنه أم انه مازال علي قيد الحياه كما يحسه على المقاومة والنضال، وذلك من خلال براعة أستخدام زوايا التصوير، أنها تلك العلاقة بين الأب والأبن التي ستشكل كل الأحداث القادمه وستشعل صراع الدراما الأساسي، وتأتي براعة المخرج إنه ينقلنا مع بداية أول مشاهد الفيلم التي تلي مشهد ما قبل التترات إلى قلب الأحداث بمنتهي السرعه، خاصة مشهد التقاتل مع الهنود الحمر، ويصور لنا المخرج من خلال عين مصور مبدع كل تفاصيل ذلك النزاع، وكأننا في قلب الحدث، فكلما تتبعنا مع الكاميرا شخصيه وشعرنا انها ستنجو، يفاجأنا بمقتلها، ليؤكد على حالة الفوضى عندما نجدنا لا نملك وجهة نظر «جماعه ما» نري من خلالها الأحداث، فتاره نجدنا نتابع تاجرى الفراء، وتارة أخرى نجد الكاميرا تتبع أحدى الهنود، ليتملكنا ذلك الشعور بالفوضى والذعر اللذان يسيطران على المشهد، فأسلوب التصوير المتبع المعتمد على الأضاءه الطبيعيه، وحركة الكاميرا في الغابات، بالإضافه إلى أنتقاء أماكن التصوير بمنتهى الدقة والأهتمام بتصوير تفاصيل المكان وعلاقتها بالشخصية، إنها طريقة التحضير والتفكير في كل التفاصيل الصغيره هي التي صنعت ذلك الفيلم.

the-revenant-trailer-screencaps-dicaprio-hardy2

صراع المواجهة

 إننا أمام قصه حقيقيه أراد المخرج ان يعيد لها الحياة مره أخرى، فيتحول فيها المكان إلي البطل الرئيسى الذي تسجل من خلالها الشخصية رحلة نضالها، ليلتحم الجانب التسجيلي بالروائى، متلاعباً بقدرتنا على الأستنتاج والبقاء أمام تلك الدراما الصادمه، فبعدما تصورنا أننا سنتابع رحله الصراع بين تاجرى الفراء والهنود الحمر جاءت الأنقلابه الدراميه ضاربه بالمشاهدين عرض الحائط في مشهد، من أروع المشاهد وأكثرها صدمه على الأطلاق، و هو يعد من مشاهد الفيلم الرئيسيه، أو مايطلق عليه Master scene، ذلك المشهد الذي سيأخذ الأحداث إلي منحنى أخر، وهو مشهد المواجهة المميته لهيو مع الدبه لحماية أبنائها، يحمل ذلك المشهد مضموناً درامياً هاماً، ليس لكونه من أقسي وأروع مشاهد الفيلم، إنما لكونه كنايه دراميه هامه عما سيفعله «هيو» فيما بعد أنتقاماً لمقتل أبنه، وهو يماثل تقاتل الدبه الشرس لحماية أبنائها، إنه شيئاً مربك في هذا الفيلم يتكرر دائماً بشكل متوازي، الصراع الدائم بين الحياة والموت، بين الوحشية والجمال، ويعد ذلك المشهد من أقوي المشاهد الفلميه علي الأطلاق التي أستطاعت ان تصور التقاتل بين عنصر بشرى وحيوان بري، بتلك الدقة المرعبه والخانقه، فالمخرج و المصور نفذوا المشهد، بحيث يشعر المشاهد انه يختبر ما يختبره البطل في تلك اللحظه، وهو شيئاً في منتهي القسوه، أن تصبح كمشاهد في تلك اللحظة بالتحديد مرغم علي التوحد مع الشخصية ، ليجد المشاهد نفسه لا يملك أمام هذا المشهد إلا أن يصارع هو الأخر بين التلصص وعدم القدرة علي مواجهة ما يراه، فنحن نسمع صوت العظام وهي تنكسر، ونرى مخالب الدبه تنغرس بوحشيه في لحم «هيو»، ونشعر بكل قطره من بصاقها عليه، في الحقيقة نحن نصارع معه، نصارع الموت، ذلك المشهد مواجهة قاسيه بين الموت والتمسك بالحياه، والذى نفذ ببراعه، حتى اننا شعرنا اننا نواجهة حقيقة، تقع أستثنائية ذلك المشهد أنه يضع المشاهد في موقف مربك عندما نري الدبه تدافع عن صغارها في مواجهه شرسه مع «هيو»، مما يشعرنا ان الوحشية والقسوة هي شيمة بنى البشر أكثر من الحيوانات البرية التي تدافع عن صغارها بأستماته.

the-revenant-leo-dicaprio-2

واقعية المشهد

يلعب المكياج في هذا المشهد دوراً هاماً لانه يرينا تطور حالة التقاتل المرعبه علي وجه وجسد «هيو»، خاصة وقد أستخدمت غالباً زوايا أماميه وأحجام قريبه لوجه هيو وهو يتعرض لمهاجمة الدبه، لنري ذلك النضال الجسدي والنفسي عن قرب، حتي مؤثر صوت الذبابه نشعر به إلي درجه مخيفه، ليؤكد ذلك الشعور بواقعية المشهد، لينتهى المشهد بطعنه للدبه بالسكين عندما بائت محاولته السابقه بقتلها بالفشل ليسقط من منحدر وتسقط هي فوقه، يعد ذلك المشهد أنقلاب درامى هام في مجريات الأحداث، يعقبه الأنقلابه الدراميه الثانيه، والتي تعد وقود الأحداث الرئيسى، والذي تم التمهيد لها بإتقان حتي نتوحد مع الشخصية في رحلة نضالها المحفوف بالمخاطر، وهي علاقة «هيو» بولده التي ظهرت من خلال تلك الرؤية الشعرية في مشهد ما قبل التترات، وأستكملت ببراعه بعد أنقاذه، ومحاولة أبنه في حثه علي المقاومة باللغة الهنديه التي يتواصلوا بها مع بعضهما، لتبدأ تلك الرؤية الثانية التي تستكمل اللقطات التي حجبت في مشهد ما قبل التترات، وتدعمنا بكل التفصيلات المؤلمه من قتل زوجته، إلي حرق وجه أبنه، وترينا تلك الآلام التي عاشها «هيو» عن قرب، من خلال ثلاثة وعشرون لقطه، مقتطعه بثلاثة لقطات قريبه لوجهه في تلك الحالة من الأعياء التام، لتأتى بعد ذلك الأنقلابه الدراميه الثانية، مشهد قتل أبنه وخيانة رفيقه له ودفنه حياً.

therevenant

 تتلخص قسوة ذلك المشهد أنه رأى أبنه يقتل أمام عينه غدراً ولم يستطع أن يدافع عنه، لتبدأ رحلة نضال «هيو» مع الجروح البالغة التي يعاني منها وقسوة موسم الشتاء للعوده والأنتقام لقتل أبنه، لتستكمل أحداث الفيلم بدون حوار تقريباً أكثر من ساعتين، فقد لعب التمثيل دوراً هاماً في التعبير عن الإنفعالات المختلفه والمتناقضه عبر تعبيرات الوجه و الأداء الجسدى  المتقن للشخصية، نحن نتابع أنهيار «هيو» ليلاً ونهاراً وصراعه مع الظروف المناخيه والبيئيه في مشاهد غاية في الأتقان والروعة أستحق عليها كلاً من المخرج «أليخاندرو غونزاليز إيناريتو» والمصور «إيمانويل لوبيزك» والممثل «ليوناردو دي كابريو» جائزة الأوسكار.

revenant.dicaprio

العزله والأمل

يتابع المشاهد بشغف لمدة ساعتين رحله نضال «هيو» رغم قلة الحوار وقسوة المشاهد، لنكتشف ان نضاله الأول والأساسى مع الطبيعه، إلا أنه لم يستسلم رغم كل الصعوبات التي واجهها، فالحافز للأنتقام لأبنه هو والمحرك الرئيسي له، و هو ما يؤكد علي أن الحبكة التي تتضمن قصة الفرد الذي يصارع للخلاص أو النجاة وحيداً في العالم، بعد مواجهة صراعات قاسيه وعنيفه مع من حوله أجتذبت صناع الأفلام منذ أمداً بعيد، وكأن العالم ضد «بقاءه»، فتمسك البطل بالبقاء ليس مرهوناً هنا بالأمل كما يبدو للبعض، بل شرطاً أساسياً لتحقيق هدف ما، غالبا ما يتلخص فى «الأنتقام» الذي يشعل وقود الأحداث الدراميه ويصبح المحرك الرئيسى للأثارة الفيلميه.

the-revenant-trailer-screencaps-dicaprio-hardy40

وتأتى الأثارة هنا من توحد قلق المشاهد الفطرى مع قلق البطل المنبعث من رهاب الوحدة وعدم القدرة على البقاء، وهو جزء لا يتجزأ من روح العصر الذي أصبحت فيه قدرة الفرد على النجاة مبعث قلق دائم، وهو ما يفسر تشارك موضوعات الثلاثة الأفلام التي سيطرت علي ترشيحات جوائز الأوسكار لذلك العام (The Revenant – The Martian – Mad Max)، والتي تتمحور حول قلق الفرد من قدرته على النجاة في هذا العالم وهو أنعكاس طبيعي لعصر يشهد فيه الفرد تهديدات عده، من الأرهاب إلى الأنهيار البيئى المحتمل، والأسلحة النوويه، والفيروسات المعدله وراثياً، فالجنس البشرى يواجه واحداً من القرون الأكثر خطوره على الأطلاق، بالرغم من الأختلافات الجوهريه بين الثلاثة الأفلام السابق ذكرها إلا انهم تشاركوا في نفس «التيمه» حول أزمة الفرد الوجودية وقدرته على النجاه، والتي أبدعت الصورة السينمائيه في تصويرها للتأكيد علي ذلك المضمون، من أحجام واسعه للبطل وحيداً وسط مساحات شاسعه تبتلعه بداخلها، ذلك التناقض التي تخلقه أبعاد الصورة بين علاقة الفرد بالمكان تؤكد على قوة الفرد في المواجهة مع ضعف البشرية، سواء كان ذلك وسط صحراء قاحله ضبابيه من عالم دمرته الحرب النوويه كما في فيلم «Mad Max»، أو علي سطح هائل وقاحل من كوكب المريخ كما في فيلم «The Martian»، أو كما رأينا «هيو جلاس» في فيلم «العائد» وهو يصارع للعوده والأنتقام وسط توحش البرية الجليديه لولاية لويزانا، كل تلك الصور السينمائيه تؤكد على ضروره نجاة الفرد وصراعه للبقاء سواء كان ذلك بهدف الأنتقام، أو الأمل في بدايات جديده محتمله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى