بلاتوهات

فيلم «يعقوب الصغير» وعذابات الطفولة.. في ندوة بـ «القاهرة السينمائي»

القاهرة ـ «سينماتوغراف»: انتصار دردير

هل يمكن لنا أن نتجاوز عذابات الطفولة حتي لا نصبح جلادين لأنفسنا وللآخرين، هذا ما يطرحه الفيلم البولندي يعقوب الصغير أو little Jacob أحد أفلام المسابقة الرسمية بمهرجان القاهرة السينمائي في دورته الـ38 والذي عرض مساء اليوم بالمسرح الكبير بدار الأوبرا المصرية.

يقوم الفيلم علي أكتاف طفل صغير لم يتجاوز العاشرة لكنه يكشف عن موهبة كبيرة للغاية، فقد وصل بأدائه الي درجة التوحد مع الشخصية التي يقوم بها لطفل تعرض لعذابات شديدة في طفولته لم يبرأ منها حتي بعد أن صار رجلا، تعذبه مواقف والده ورغبته في الانتقام منه والتشفي فيه.

جاكوب الذي فقد حنان الأم ثم الجدة التي طالما حكت له عن طفولة والده، تموت الجدة ويعيش الطفل حياة معذبة مع والده شديد القسوة الذي لايتورع عن ضربه بالحزام ثم يطلب منه في برود مثير أن يعيد الحزام الي مكانه بالدولاب.

المشهد نفسه يتكرر حين يقع الأب المزارع داخل المخزن مصابا عاجزا عن الحركة ويطلب من طفله احضار شخص آخر لرفع ماكينة الدريس، وتتولد لدي الطفل رغبة الإنتقام فيترك والده بالمخزن ويطفئ النور وينام في غرفته هادئا مطمئا وقد تخلص من مصدر الخوف، غير مكترس بتوسلات الأب وشعوره المتفاقم بالألم، بل انه يحضر الحزام ويهوي به علي الأرض وكأنه ينتقم من قسوة الأب الذي طالما عنفه وضربه لاسقاطه اناء ممتلأ بغذاء البقرة حيث كان يشعر أن الأب يهتم بحيواناته أكثر من إهتمامه بابنه. وعلي الجانب الآخر فإن الأب الذي يتسم بالقسوة لايشعر بذلك في قرارة نفسه بل انه يريد لابنه ان يكون رجلا، ويستعيد جاكوب ازماته في المدرسة الداخلية خلال تلك المرحلة بعد دخول والده المستشفي للعلاج،

الفيلم رحلة عن امكانية ان نتسامح ونتجاوز عذابات الطفوله، ويأتي مشهد النهاية حين يلتقي الاب والابن بعد ان صار رجلا وهو يذهب لابيه مؤكدا انه كان يبحث عنه ويرد عليه الأب بنفس العبارة، وانا كنت ابحث عنك بينما يشعل نور الغرفة ايذانا بحالة التصالح التي تغمر كل منهما.

يبرع في الفيلم مدير التصوير ارك تومياك في التعامل مع درجات الإضاءة، حيث يستعين بشكل رائع بمصابيح الكهرباء داخل الكوخ الذي يعيش به جاكوب ووالده.

15153079_10205727492146376_8777733_o

وخلال الندوة التي اقيمت بعد عرض الفيلم وأدارها الناقد محمود مهدي اكد المخرج والمؤلف ماريوش بلسنكي، انه تعامل مع الطفل بطل الفيلم كممثل كبير وانه رغم توجيهاته كان الطفل يفاجئه بأداء جديد أمام الكاميرا، مشيرا إلى ان الفيلم ليس عن الوحدة وليس توثيقا لأحداث حقيقية بل انه قرأ كتابا كان مدخله لكتابة الفيلم حيث اكتشف من خلاله أن الاطفال في عمر العاشرة يبدأون النظر للعالم بشكل معقد يتجاوز سنواتهم الصغيرة، وأضاف ان الفيلم يبدأ عنده بفكرة ثم يبحث عن طريقة سرد ملائمة وانه تعلم ذلك من المسرح فهو مخرج وكاتب مسرحي ايضا.

وحول اللقطات المكبرة لوجه الطفل في بعض المشاهد قال المخرج ان كل تحركات الكاميرا تمت بعد مناقشات مع مدير التصوير لتعبر عن الهدف منها، ولم يكن ذلك بهدف اظهار وجه الطفل والتركيز عليه.

واذا كان الفيلم تميز بالفعل بأداء الطفل الموهوب والتصوير البارع، فانه تميز ايضا بموسيقاه التي جاءت كأحد العناصر المهمة في توصيل كثير من المفاهيم في رسالة أو مضمون هذا العمل الممتع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى