نجوم و أفلام

فيلم Close  لـ«لوكاس دونت».. الحميمية عندما تفهم خطأ

كان ـ «سينماتوغراف» : عبد الستار ناجي  

الحميمية.. الصداقة.. التقارب الإنساني العفوي هل يكون طريقاً إلى الموت والإنتحار، واحد من الأسئلة الكبري التى يطرحها فيلم Close  لـ«لوكاس دونت»، والإقتراب لا يعني تلك المفردة ببعدها الإقترابي بقدر ما هي الحميمية التى تحول الصداقة إلى شيء ما يشبة الكيان الواحد، علاقة من الحميمية تجمع بين صبيين في الثالثة عشر من عمرهما (ليو) و (ريمي)، وفجأة يتغير كل شئ حينما يشعر ليو بأن هناك من يتحدث عن تلك العلاقة بأنها مثلية وهي ليست كذلك، فيقرر الإبتعاد عن صديقة ريمي، وهذا ما يجعل الأخير يشعر بشىء من التغيير في طبيعة ما بينهما.

يبدأ ريمي المحاولة لإستعاده صديقة ليو الذى يسرف في الإبتعاد، رغم أن الجزء الأول من الفيلم يرصد الكثير من اللهو والمتعة والضحك الطفولي، الذي ينكمش أمام نظرة المجتمع، ومحاولة ليو إفهام الجميع أنه لا شئ أبعد من الصداقة والحميمية التى لا يعرفها البعض أو قد يفسرها البعض الآخر بمفهوم سلبي.

يعاني ريمي الكثير من أجل فهم واستيعاب ماذا حصل ويحصل وتتحول الأمور بينهما إلى شي من الصراع، أحدهم يريد الإبتعاد والآخر يحاول فهم أسباب وحيثيات ذلك الذى يتصوره وكأن روحه تخرج منه، حتى نصل إلى الشجار الذى دار بينهما في ساحة المدرسة، وحينما لا يجد ريمي السبيل لإستعاده صديقة وروحه يبدأ بالتنمر والعنف وصولاً إلى الإنتحار، عندها تأتي ردة فعل ليو بأنه من كان وراء تلك الحالة التى بلغها صديقة، ويذهب للإعتراف إلى والدة صديقة ريمي بأنه من كان وراء انتحاره وموته البطيء، والتى تقابل ذلك الإعتراف بالطرد لأنها لا تتصور أن الحميمية تصل إلى موت ابنها، سينما رائعة وثرية تلك التى يقدمها المخرج البلجيكي «لوكاس دونت» الذى عرفناه عام 2018 حينما قدم فيلم «فتاة»،

من مواليد 1991 وهو يمثل رهان متجدد للسينما في بلاده وأوروبا لما يتمتع به من فكر وبصمة سينمائية تعتمد على المشاعر الإنسانيه.

في الفيلم أداء ساحر خلاب للثنائي إيدن دامرين (ليو) وغوستاف دي وائل (ريمي)، كيف لا وخلف إدارة هذا الثنائي مخرج يعلم بأن السينما قضية.. وفكر.. ومتعة.. ودهشة الحميمية والإقتراب حينما تنفلت من معاييرها وحينما يفسر الآخر تلك العلاقة حسب معايير الآخرين الذين لا يعرفونها عندها تحل الكارثة .

أعلم جيداً بأن الفيلم مشبع بمساحة من البكائية، ولكنها مبررة حتى وهي تأتى من سينما أوروبية تجاوزت مرحلة العاطفة والأحاسيس المتأججة .

فيلم Close.. كبير ويستحق الكثير، حينما يتم التقييم بالإحترافية السينمائية العالية شكلاً ومضموناً.. سينما تجعلنا نذهب إلى ذواتنا نتعرف على معايير ومضامين الحميمية .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى