مراجعات فيلمية

فيلم Marry Me.. يفتقر إلى الكوميديا والرومانسية

«سينماتوغراف» ـ منى حسين

تجمع الصدفة بين امرأة غنية ومشهورة، ورجل مغمور متواضع الحال، وتضطرهما الظروف لتمثيل دور الزوج والزوجة بشكل مؤقت، ولكن المسافة الشاسعة بين عالميهما تتحول إلى إنجذاب عاطفي وعلاقة حب لم يعمل أحد حساباً لها، وتكون الأزمة الرئيسية درامياً هى: من سينتقل من عالمه الآمن إلى عالم الأخر المجهول؟ والسؤال الملح هو: هل يكفي الحب للتكيف مع المتناقضات بين كل عالم من العالمين؟ هذه هى حبكة فيلم الكوميديا الرومانسية Marry Me (هل تتزوجيني؟)، بطولة “جينيفر لوبيز” في دور “كيت”، و”أوين ويلسون” في دور “شارلي”، والعمل الأول الذي تُخرجه “كيت كويرو” للسينما، والقصة مأخوذة عن رواية مُصورة كتبها “بوبي كروسبي”، ونجد بها كثير من ملامح حبكات أعمال درامية سابقة، جسدت حكايات رومانسية شبيهة بقصة “كيت” و”شارلي“.

 سيحضر إلى الذهن بالتأكيد نموذج فيلم مثل Notting Hill، حيث يلتقي بائع كتب بريطاني مغمور (هيو جرانت) بنجمة أمريكية شهيرة (جوليا روبرتس) ويقعا في غرام بعضهما البعض، وفي تراث الدراما المصرية كثير من الأعمال المُشابهة بشكل مُدهش؛ منها مسرحية (أنا فين وانت فين) بطولة “فؤاد المهندس” و”شويكار”، وفيها يُمثل الموظف المتواضع “أيوب” دور زوج صاحبة العمل الثرية لأن إبنتها الصغيرة ظنت أنه والدها الراحل؛ بسبب الشبه الكبير بينهما، وأيضاً فيلم (سكرتير ماما) بطولة “فريد شوقي” و”نادية لطفي”، وحبكته قريبة الشبه بحبكة مسرحية (أنا فين وانت فين)، وربما يكون العملين لهما جذور مقتبسة من نص عالمي، ورغم إعتماد العملين على فكرة الشبه بين البطل والزوج السابق، لكن يظل محور تلك الأعمال هو قصة الحب المستحيلة بين صُعلوك وإمرأة من الطبقة الراقية.

تُقدم “جينيفر لوبيز” في فيلم Marry Me شخصية “كيت”، وهى أشبه بشخصيتها الحقيقية؛ نجمة البوب الشهيرة، الذي تحولت تفاصيل حياتها اليومية وزيجاتها وطلاقها إلى مادة للسوشيال ميديا، وأصبح كل ما تفعله يرتبط بالدعاية والترويج لمُنتجات شركات الرعاية التي تُمثلها، وبعد عدة زيجات فاشلة تجمعها قصة حب بمغني شاب شهير، ويقررا الزواج في حفل إستعراضي غنائي على المسرح أمام الجمهور، بالإضافة إلى ملايين المتابعين على مواقع السوشيال ميديا، وحينما تكتشف خيانة خطيبها قبل صعودها على المسرح مباشرة، تختار – عشوائياً – أحد الحضور وتكمل معه مراسم الزواج، ويبدأ فصل جديد من حياة “كيت”، حينما يتحول تصرفها الطائش إلى تريند عليها التعامل معه بسيناريوهات تُرضي جمهورها.

لا يُقدم لنا الفيلم قصة حب مُبهرة أو برؤية مختلفة، وتتجاوز بعض أحداث العمل المنطق أحياناً ليصنع مادة للحبكة؛ فهو لا يبحث عن منطق مقبول لبداية العلاقة بين البطل والبطلة، بل يجعل لحظة بداية علاقتهما بناء على قرار عروس غاضبة تكتشف خيانة خطيبها وهى تقوم بمراسم الزواج، وهى تُشير لواحد من الجمهور يحمل لافتة (هل تتزوجيني؟)، ورغم انه حضر الحفل بالصدفة، وليس من المعجبين بنجمة البوب ولا يُتابع أخبارها، وحمل اللافتة بالصدفة، إلا انه وافق على الإرتجال الجنوني الذي قامت به “كيت”، وأكمله حتى النهاية.

يُجسد “أوين ويلسون” شخصية “شارلي”، مدرس الرياضيات المُطلق، الذي يعيش مع إبنته الصغيرة حياة رتيبة ومملة، ويجد نفسه فجأة تحت الأضواء، وبصحبة واحدة من أشهر نجمات البوب في أمريكا، ولا يجمع بين الإثنين أى شىء سوى سوء الحظ في العلاقات العاطفية والزواج، وهذه البذرة يُمكن أن نتوقع من خلالها باقي أحداث الفيلم؛ فدخول شخص عادي يتصرف بعفوية في حياة نجمة عالمية تُدار حياتها على مسرح السوشيال ميديا يصنع مُفارقة تُغير حياة الإثنين، وبينما تحتاج النجمة إلى التصرف بعفوية دون حسابات مسبقة لشكل صورتها المصنوعة، ودون كاميرا تُوثق كل لحظات حياتها، يبحث المدرس عن حب حقيقي يُعيد إلي حياته البهجة المفقودة.

على عكس الأعمال الشبيهة، وهى تبرر تمثيلية الزواج المُزيف بحجة إسعاد الإبنة، تحرص بطلة Marry Me على إرضاء جمهور السوشيال ميديا، وأرضاء الفريق الذي يدير أعمالها وحياتها، وتستمر في تمثيلية زواجها بالمدرس البسيط حتى لا تبدو حمقاء أمام الجميع، ويعتمد الفيلم على حوارات “كيت” و”شارلي”، وإكتشاف كل منهما عالم غريب عنه، ولا ينجح ثنائي “أوين ويلسون” و”جينيفر لوبيز” في تخطي حاجز أداء الواجب الدرامي، فلا يوجد شىء لامع في تصوير الشخصيتين، أو رسم العلاقة بينهما، ولا يبدو رد فعل كل منهما على الموقف الذي تورطا فيه ملائماً، وبدت إنفعالات “ويلسون” باردة في كثير من المواقف التي تحتاج تلوين ردود أفعاله على التحولات المفاجئة في حياته الرتيبة.

يُقدم الفيلم حكاية تنتمي لنوع الكوميديا الرومانسية، ولكنه يفتقر إلى الكوميديا وينقصه لمسات الرومانسية الأصيلة، ورغم أنه إجمالاً عمل بسيط ومُسلي، لكنه لا ينجح في تقديم دراما حب لامعة وجذابة لا تُنسى، ولا يستطيع تعويض ذلك بمواقف كوميدية مُبهجة وطازجة، ولأن كل شىء في الفيلم مُتوقع بعد مرور أول ربع ساعة، فعملية مُشاهدة الفيلم تصبح مجرد تحصيل حاصل، أو تمضية أمسية لطيفة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى