«قاتل العقيدة».. فيلم ضعيف تجارياً مرتبك فنياً
ـ محمد جابر
خلال العقدين الأخيرين، تم إنتاج العديد من الأفلام السينمائية المقتبسة عن ألعاب شهيرة، وتبدو المنفعة دائماً متبادلة: يستفيد الفيلم من جمهور اللعبة.. وتزداد شعبية اللعبة بين من لا يعرفونها.
لكن على المستوى الفني تأتي التجارب دائماً متواضعة، ولا تستطيع أبداً أن ترتقي للمستوى المطلوب، وآخر تلك الأعمال هو Assassin’s Creed أو قاتل العقيدة، وهو الفيلم الذي يعاني من مشكلة أكبر لها علاقة بالـ”توقعات”. فقد ضم طاقم تمثيل مهمّاً وضمن أكبر المواهب في السنوات الأخيرة مثل مايكل فاسبندر وماريون كوتيار، مع المخرج جاستين كيرزل الذي أخرج لنفس الثنائي فيلم “ماكبث” في العام الماضي. ومع إصدار الفيلم في ديسمبر الماضي (وهو الشهر المرتبط بالأفلام الفنية والجوائز بقدر ارتباط الصيف بأفلام الحركة والتسلية) فإن الشعور العام كان محاولة الفيلم تجاوز طموحات أفلام الألعاب، وتقديم تجربة سينمائية حقيقية، وهو ما لم يحدث تماماً.
قصة الفيلم تدور حول كالوم لينش، المجرم المحكوم عليه بالإعدام ويذهب لتنفيذه خلال دقائق الفيلم الأولى، ولكن بدلاً من الموت يجد “لينش” نفسه ضمن تجربة علمية غريبة، ومهمة تشرف عليها الطبيبة صوفيا ريكن، ويكون المطلوب منه خلالها أن يحل –عن طريق الحمض النووي والذكريات الوراثية- في جسد جده الأكبر “أغيلار” الذي توفى منذ 500 عام، وأن يحصل على “تفاحة عدن” التي تستطيع التحكم في عقول البشر، وذلك من أجل مساعدة منظمة “أبسترغو” التي وظفته، فيخوض الكثير من الصراعات الخارجية في الماضي، مع صراعات نفسية في الحاضر.
مشكلة هذا الفيلم الكبرى، هي أنه لم يحدد بالضبط ومنذ البداية الفئة التي يتوجه لها، أو “الأهداف التي يسعى لإنجازها”، وهو الأمر الذي يظهر تماماً في مسألة اختيار المخرج والأبطال وحتى تاريخ العرض. فالفيلم حاول أن يرقص على كل السلالم: يمتلئ بعالم اللعبة وبعض لحظاتها وشخصياتها ويحافظ على تلك الأجواء. وفي نفس الوقت يصنع عملاً مستقلاً يمكن التواصل معه من قبل جمهور السينما.
على صعيد الإيقاع مثلاً تبدو تلك المشكلة بأكثر أشكالها وضوحاً، يحاول “كيرزل” أن يملأ عمله بالمشهديات والتحديات والشكل البصري المرتبط باللعبة، الكثير من القفز والقتل والقنص والحركة في إسبانيا القديمة ومع شخصيات وطوائف لها مظهر “كرتوني” كما اللعبة، يداعب ذلك الشعور بالألفة في الكثير من التفاصيل العابرة، وهو في تلك المراحل لا يستحوذ على اهتمام متفرج على غير دراية باللعبة، ستتوه تلك النوعية أحياناً بين الكثير من الأسماء وشكل الصراعات.
“فرسان المعبد” و”القتلة” و”التفاحة” والعديد من الأماكن والشخصيات أو حتى الجمل الحوارية أو التعبيرات المرتبطة بقرارات في اللعبة الأصلية، كلها من كلاسيكيات الـ”جيم”، وسيلتقطها أي شخص قضى وقتاً أمامها، ولكن من لم يفعل؟ سيتوه وسط كل هذا ولن تكون حتى مشاهد الحركة –المنفذة بشكل معقول- مثيرة بالنسبة له، سيشعر أنه ضيف في مكان لا يخصه.
على الناحية الأخرى يحاول الفيلم جداً الإعلاء من أهمية شخصية “كالوم لينش” في الوقت الحاضر، يفسح المجال بشكل متكرر للعودة إليه، ومتابعة حالته، وخلق قصة داخلية لها علاقة بتصالحه مع نفسه وتاريخه وماضيه من خلال الرحلة الغريبة التي يقوم بها في جسدٍ آخر، ويميل العمل لكونه “فيلم خيال علمي” في تلك الأوقات أكثر من الفانتازيا في عالم اللعبة، ولذلك تحديداً يفقد إيقاعه ويفقد معه حتى محبي اللعبة الذين يريدون شيئاً على صلة بالعالم الذي يعرفونه والمغامرات التي عاشوها مسبقاً، وفي النهاية يخسر الجانبين.
وبنفس القدر من إرتباك الفيلم يأتي أداء الثنائي فاسبندر ــ كوتيارد، ويكون السؤال الأكبر هو سبب موافقتهما من الأصل على بطولة العمل، فلا هما استطاعا صنع فيلم تجاري ناجح، ولا قدما فيلما آخر يضيف لمسيرتهما الفنية المبهرة، بل فشلاً كاملاً على كل المستويات.