زووم ان

قبل عرضه على «نتفليكس».. The Gray Man تقليد لأفلام آكشن أفضل منه

«سينماتوغراف» ـ منى حسين

فيلم The Gray Man  ـ الرجل الرمادي (من أخراج الأخوين جو وأنتوني روسو) مجرد تقليد لأفلام آكشن أفضل منه، وهو فيلم تجسس وإثارة يفشل باستغلال طاقم ممثليه من النجوم من خلال عدم إعطائهم ما يكفي ليعملوا به خارج نطاق السخرية والتهكم. وفي حين أن الفيلم يصبح قابلاً للمشاهدة في نهاية المطاف، إلا أنه يمضي معظم وقته وهو يعاني من عدم الوضوح سواء بصرياً أو عاطفياً.

مع طاقم ممثلين مؤلف من الكثير من النجوم يقودهم رايان غوزلينغ بدور قاتل في وكالة الاستخبارات المركزية، يبني فيلم The Gray Man نفسه مستخدماً عناصر أصبحت قديمة وسطحية من أفلام آكشن أفضل منه بكثير. يأتي الفيلم من إخراج الأخوين جو وأنتوني روسو اللذين تشاركا بتأليفه مع كريستوفر ماركوس وستيفن ماكفيلي، والشهيران بإخراج الكثير من أفلام كون مارفل السينمائي منها Avengers: Endgame. لكن في حين غالباً ما يتم انتقاد أفلام مارفل لافتقارها إلى الأسلوب المتفرد، فإن الرجل الرمادي هو نتاج للعديد من الأساليب المتضاربة مع عدم وجود رؤية موحدة (بشكل شبيه لفيلمهما السابق بطولة توم هولاند Cherry)، مما ينجم عنه فيلم تجسس مختلط يستغرق وقتاً طويلاً ليصبح ممتعاً.

الفيلم مبني على سلسلة روايات من تأليف مارك غريني (والذي تعاون بشكل متكرر مع الراحل توم كلانسي)، وهو يمثل أحدث محاولات نيتفليكس لإطلاق سلسلة من هذه الأفلام. وكانت قد كشفت تقارير أن عملاق البث أعطت الأخوين روسو ميزانية ضخمة وصلت إلى 200 مليون دولار، لكن نادراً ما تنعكس هذه الميزانية في مظهر الفيلم الخالي من أي تميز مما يجعل المواقع الغريبة تبدو رخيصة، كما تبدو المشاهد القتالية المعقدة متداخلة في بعضها البعض على عجل. ويقدم الفيلم في جوهره قصة تبدو فيها كل شخصية وكأنها مفبركة من فيلم محاكاة تجسس ساخر لا يتحدث سوى بمصطلحات تجسس عامة ونادراً ما يُظهر أي إنسانية فيه. ربما هناك استثناء رئيسي واحد هو شخصية القاتل الأنيق المعتل اجتماعياً لويد هانسين (كريس إيفانز) الذي يطارد شخصية غوزلينغ الذي يحمل الاسم الرمزي Sierra Six على مدار الفيلم الممتد على 129 دقيقة. لكن في نهاية المطاف نشعر أن شخصية إيفانز تلتزم أكثر من اللازم بذلك الطابع ويبذل الكثير من الجهد لتجسيد الشرير بشكل ساخر لدرجة لا يترك انطباعاً دائماً.

هناك مشهد موجز في 2003 يصور عملية تجنيد Six من زنزانة سجن من قبل عميل الوكالة دونالد “فيتز” فيتزروي (يمثله بيلي بوب ثورنتون الذي تم تصغير سنه رقمياً) قبل أن ينتقل الفيلم للأمام 18 عاماً حيث يتم القبض على Six وسط عملية قتل في بانكوك حيث لا تبدو الأمور جيدة تماماً. وبمساعدة العميلة الميدانية داني ميراندا (آنا دي أرماس بشخصية شبيهة بدورها في No Time To Die لكن أقل عمقاً)، وتعليمات قاسية مشكوك فيها من رئيسه الجديد الذي لا يرحم ديني كارمايل (ريغيه-جون بايج من مسلسل Bridgerton)، ينفذ Six الأشياء بطريقته الخاصة ويخلق ضجة في ملهى ليلي مما يؤدي إلى معركة مع هدفه بالكاد يمكن فهمه، والذي ينتهي بحصوله على بيانات سرية تهدد عمليات الوكالة.

يستلهم ما يلي من أحداث من أفلام مثل Skyfal وثلاثية Bourne وبعض أفلام Missions: Impossible وحتى John Wick إلى حد كبير، لكن لا يتمكن الفيلم إطلاقاً من إنشاء شخصية أو مشهد آكشن لا يُنتسى مثل الأفلام التي يستلهم منها. وبالرغم من أن غوزلينغ يقود حوارات الفيلم الغريبة والهادئة، فهي تتركه كالهائم في سيناريو لا يعطي Six أي سمات شخصية مميزة، ناهيك عن هدف حقيقي يتجاوز النجاة من هجوم عسكري مرة أخرى قبل العودة إلى موقع آسيوي أو أوروبي ما بانتظار المشهد الكبير التالي. هناك محاولات لمنحه بعض المشاعر المؤثرة من خلال تقديم تعقيدات ابنة أخ فيتز المختطفة (جوليا باترز)، والتي يتم الكشف عن تاريخها مع Six من خلال لقطة فلاش باك طويلة توقف وتيرة الفيلم بالكامل. يحب فيلم The Gray Man القفزات الزمانية فيه! لكن Six ليس شخصاً بقدر ما هو مزيج من الأفكار السينمائية التي لا تحصل أياً منها على مساحة التنفس المطلوبة.

يعاني غالبية طاقم الممثلين بشكل مشابه من التقييد بسبب انتقال الفيلم من مشهد إلى آخر من دون لحظة إنسانية دائمة. دي آرماس على سبيل المثال لا تبدو محببة بقدر ما تبدو خائفة بالفيلم، إنها ممثلة رائعة لكنها تصارع هنا. حتى جيسيكا هينويك التي تلعب دور الضابط الثاني بعد كارمايكل عالقة بشخصية لا تقوم سوى بالاعتراض أو إلقاء الملاحظات العرضية حول أساليب هانسن المدمرة من أجل إعطاء الفيلم نوعاً من المعضلة الأخلاقية أو العواقب، وذلك حتى يتذكر The Gray Man أن هينويك قد تكون مفيدة في جزء ثانٍ محتمل، مما يمنحها فائدة في اللحظة الأخيرة والتي تعمل فقط على إلغاء التوتر من بعض المشاهد.

يتم تقديم شخصية هينسن للممثل كريس إيفانز على أنه معتل اجتماعي لكنه لا يعطي شعوراً برهبة كبيرة، ربما يكون السبب هو أن إيفانز فنان بأداء مباشر للغاية، أو ربما كانت هناك بعض الملاحظات من المؤلفين والمخرجين التي كان عليه استخدامها فيما يتعلق بالطابع الشرير الشيطاني للشخصية.

يبدو التناقض بين أسلوب عمله الشيطاني وبين حذائه وملابسه العادية بسيطاً للغاية بدلاً من أن يكون مثيراً للاهتمام بالنظر إلى سلوكه العدمي. لكن يعرض الفيلم في الواقع مثالاً رائعاً لهذا النموذج المطلوب وإن كان لفترة وجيزة من خلال شخصية تدعى “Lone Wolf” وهو أحد القتلة العديدين على غرار جون ويك والذي يطلقه هانسن في سعيه وراء Six. يلعب دور Lone Wolf النجم الهندي دانوش، وبالرغم من أنه لا يظهر سوى في عدد قليل من المشاهد (وسمته الوحيدة المميزة هي فكرة مستشرقة غامضة عن “الشرف”)، فإن المزيج بين البدلة المنقوشة والحركات الرشيقة خلال مشاهده القتالية تمتاز بذاك الصدام المتناغم بين القسوة والأناقة والأسلوب الذي يحتاجه الفيلم بشدة من إيفانز.

وبالحديث عن الأسلوب، يوضح فيلم The Gray Man تماماً أن أسلوب الأخوين روسو بالنسخ واللصق البصري لا ينجح. حيث أن أسلوب القطع السريع الشبيه بأفلام Bourne خلال المعارك اليدوية يفتقر للتأثير الدموي. وبالرغم من أن استلهامهما أحياناً لأسلوب معارك John Wick التي تجمع بين إطلاق النار والحركات القتالية يوفر أحياناً بعض الوضوح، لكن حتى في اللقطات متوسطة وواسعة النطاق الأكثر وضوحاً، لا يوجد إحساس بوجود تركيبة معينة تلفت النظر، مع استخدام بعض الإضاءة واللون لإبراز الحالة المزاجية. حتى أن الأخوين أضافا بعض اللقطات المأخوذة من طائرات مسيرة لكنها تبدو عشوائية. للمقارنة: استخدم فيلم Ambulance للمخرج مايكل باي الطائرات المسيرة لتحويل مطاردة إلى قطار ملاهي رباعي الأبعاد، في حين استخدم الأخوان روسو ببساطة التكنولوجيا في لقطات تأسيسية قليلة أو كوسيلة للربط بين المشاهد عندما لا يعرفان كيف ينتقلان من مشهد قتالي إلى آخر.

يتحول الرجل الرمادي في نهاية المطاف إلى فيلم إثارة قابل للمشاهدة قبل عقدين من الزمن، من النوع الذي كنا نستأجره على قرص DVD لأن الغلاف يحمل صورة منظار تصويب ووثائق سرية وربما علماً أمريكياً ذابلاً، ولكن بحلول الوقت الذي يصل فيه إلى تلك النقطة يكون قد أضاع الكثير من الجهود في إنشاء شخصيات غير ملفتة ولم تعد محاولاتها في اللحظة الأخيرة للحصول على علاقات عاطفية أمراً مجدياً. إنه فيلم عن لا شيء ولا أحد على وجه الخصوص، وليس جميلاً حتى من الناحية البصرية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى