قراءة في كتاب: هل أسقط هيتشكوك هوسه الجنسي على بطلة «الطيور»؟
الوكالات ـ مها عبد العظيم
كشفت الممثلة الأمريكية تيبي هيدرين في سيرتها الذاتية أن المخرج الكبير ألفرد هيتشكوك، الذي صورت معه أفلاما شهيرة على غرار “الطيور” و”مارني”، اعتدى عليها جنسيا في ستينات القرن الماضي.
وصدر أمس الثلاثاء سيرة ذاتية للممثلة الأمريكية تيبي هيدرين بعنوان “مذكرة تيبي” Tippi, a memoir ذكرت فيها بطلة “الطيور” (1963) و”مارني” (1964) أن المخرج البريطاني الشهير ألفريد هيتشكوك كان مهووسا بها إلى حد التحرش ثم الاعتداء عليها جنسيا.
ويعتبر العديد أن هيتشكوك، الذي توفي العام 1980، هو أكبر مخرج عرفته المملكة المتحدة. ويذهب البعض حتى الجزم بأن “الدوار” (1958) هو أفضل فيلم أنتج في التاريخ. وذكرت صحيفتا “نيويورك بوست” و”ديلي ميل” اللتان حصلتا على الكتاب قبل صدوره، أن سلوك “معلم الإثارة” مع تيبي هيدرين خلال تعاونهما السينمائي في الستينات كان مريبا. فانقض عليها يوما في سيارة ليموزين وحاول تقبيلها، وحشرها في زاوية خلال تصوير شريط وطلب منها أن تداعبه.
وسبق للممثلة أن اتهمت المخرج بالتحرش بها جنسيا لا سيما في مقابلات في العام 2012، لكنها المرة الأولى التي تصف تفاصيل هذه المرحلة من حياتها حيث انطلق هوس هيتشكوك بها بعيد توقيعهما عقدا من خمس سنوات.
وتؤكد تيبي في شهاداتها أن السينمائي أعرب لها عن حبه لكنه أصبح وبصفة تدريجية عدائيا حين حاولت إرساء مسافة بينهما. فتصف في كتابها حادثة صادمة: “أمسك بي فجأة ووضع يديه علي. كان الأمر جنسي الطابع ومنحرفا وقبيحا”. وتابعت أنها لم تتطرق من قبل إلى هذه الحوادث لأن عبارة “التحرش الجنسي” في تلك الفترة لم تكن موجودة.
وأوضحت الممثلة الشقراء أنها في كل مرة تواجدت فيها معه بمفردها “كان يجد طريقة ليعبر فيها عن هوسه بي كما لو كنت مدينة له بشيء”. يدور فيلم “مارني” حول امرأة تعاني من هوس السرقة فتحير أحد الرجال الذي ينفق جهده وماله لفك لغزها ويتزوجها فيغتصبها ليلة زفافها.
وكان تصوير “مارني” الأصعب في مسيرة هيتشكوك، كما أثر في بقية أفلامه. ففي كتاب “الوجه المظلم للعبقرية: حياة ألفرد هيتشكوك” (1983) يروي دونالد سبوتو كيف ألقى تهجم المخرج على بطلته بظلاله على البلاتوهات. فكان “المعلم” يمنعها من الزيارات أثناء التصوير ويحمل الشمبانيا يوميا إلى غرفة لباسها.
وفي أحد الأيام روى للممثلة حلما: “كنت في بيتي في سانتا كروز، وكان هناك ضوء قوس قزح حولك. اقتربت مني وهمست: هيتش، أحبك، سأحبك دائما.. ألا تدركين أنك كل ما حلمت بنيله؟”، وفق ما جاء في كتاب سبوتو. وحاولت هيدرين صده بالقول “لكن كان ذلك حلما يا هيتش، مجرد حلم”.
بعد أن رفضته، تعرضت الممثلة لشتى المضايقات فكان هيتشكوك يطلب من الفريق تجنبها ويشير إليها بـ “تلك الفتاة” حتى لا يلفظ اسمها. وكان يغضب حين تخاطب الرجال فيما كان سائقه يراقبها، وذهب “هيتش” حتى تحليل خطها اعتمادا على توقيعها. وتقول تيبي هيدرين إنها على علم بأن المشهد الذي يرغم فيه الرجل زوجته الشابة “مارني” البعيدة المنال على ممارسة الجنس تعكس فانتازما هيتشكوك الجنسية حيالها. وإن كانت سينما هيتشكوك غالبا ساحة لبسط وبحث تخيلاته، يبدو أن الفن لم يكن كافيا هذه المرة لاستيعاب رغباته الدفينة التي أجهضت على حدود “مارني”.
وإن كانت الترجمة الفرنسية لعنوان الفيلم هي “لا ربيع لمارني” Pas de printemps pour Marnie فلنقل أن لا ربيع لهيتشكوك بعد مارني. وبسبب صدود هيدرين هدد هيتشكوك بخفض مداخيلها وبالقضاء على مسيرتها الفنية وقد نجح في ذلك نوعا ما. وكتبت تيبي في مذكراتها: “وضعت هدفا لنفسي منذ ذلك الحين أني لن أعطي هيتشكوك سلطة القضاء على حياتي بعدما قضى ربما على مسيرتي الفنية”.