«قمرة 2» يستعرض أعمال صنّاع الأفلام الناشئين في العالم العربي
الدوحة ـ «سينماتوغراف»
تسلّط الدورة الثانية من «قمرة»، الحدث السنوي الـذي تنظّمه «مؤسسة الدوحة للأفلام» لدعم تطوير صنّاع الأفلام الواعدين، الضوء على سبل تمكين السينمائيين العرب من إيجاد موطئ قدم لهم في سوق الأفلام العالمية، وخاصةً مع إنتاج أكثر من 5 آلاف فيلم سنوياً على المستوى الدولي.
ويطرح ” قمرة” رؤية متعمّقة حول ترسيخ حضور الأفلام العربية في قطاع السينما العالمي، وذلك عبر سلسلة من اللقاءات الشخصية المباشرة والمشاورات والدروس التعليميّة وبحضور فاعل من المشاركين في الفعالية، إضافة إلى منتجي ومخرجي 33 مشروعاً سينمائياً من 19 دولة تم اختيارها ضمن إطار برنامج العاملين في صناعة الأفلام.
وفي معرض ترحيبها بالمشاركين وخبراء القطاع، قالت فاطمة الرميحي، الرئيس التنفيذي لـ”مؤسسة الدوحة للأفلام”: “يبشّر ’قمرة‘ بمرحلة واعدة من التعاون والصداقة والشراكات المبتكرة. ويهدف المهرجان بشكل رئيسي إلى دعم صنّاع السينما الناشئين في العالم العربي، وتوفير مساحة تضمن دعم وتطوير مشاريعهم، فضلاً عن إتاحة الفرصة أمامهم للإستفادة قدر المستطاع من الإمكانات المعرفية لأهم خبراء القطاع في العالم”.
بدوره، قال إيليا سليمان، المستشار الفني لـ “مؤسسة الدوحة للأفلام”: ” يشكل ’قمرة‘ منصة فريدة تدعم وتلهم صنّاع الأفلام الشباب في وقت تتزايد فيه الحدود والحواجز في كل مكان حول العالم. وتشكل مخيلة وأفكار المخرجين الشباب قوة ملهِمة لمواجهة هذه الحدود، ونحن في ’قمرة‘ نثق بقدرة مخرجينا الواعدين على كسر تلك الحواجز وتخطّيها”.
من جانبها، قالت هناء عيسى، نائب مدير فعالية “قمرة”: “يتوّج ’قمرة‘ جهودنا الدؤوبة في ’مؤسسة الدوحة للأفلام‘ على مدى السنوات الخمس الماضية؛ وهو يرتكز على الدعم الذي نوفره لصنّاع الأفلام من خلال برامجنا المخصصة للتعليم والتثقيف والتطوير والتمويل، وكذلك عروض الأفلام التي نقدمها، والمبادرات التي تكرّم الأعمال السينمائية. وقد أثمرت الدورة الأولى من المهرجان عن تحقيق نتائج طيبة لجميع المشاركين؛ وكلّنا ثقة بأن النسخة الثانية ستواصل تقديم ودعم مزيد من مواهبنا الواعدة”.
من ناحية أخرى، أكد المخرج القطري جاسم الرميحي أن اللقاءات المتنوعة في “قمرة” توفر منصة موثوقة تجمع أهم خبراء القطاع، وتسلط الضوء على أعمال السينما بين أوساط الجمهور العالمي.
وشهـد المهرجان عرض فيلم “شجرة النخيل” (لا حوار، 2015/ قطر) من إخراج جاسم الرميحي ضمن قسم “أصوات جديدة في عالم السينما”؛ إضافة إلى فيلمه الثاني بعنوان “عامر: أسطورة الخيل العربيّة” (قطر، العربية، الإنجليزية، 2016) وهو من المشاريع التي تم اختيارها في “قمرة”.
ويقول الرميحي في هذا السياق: “تم إنتاج فيلم ’شجرة النخيل‘ كجزء من ورشة عمل وثائقية استمرت لأسبوع واحد فقط؛ وقد فاز بجائزة أفضل فيلم وثائقي في فئة ’صنع في قطر‘ ضمن ’مهرجان أجيال السينمائي 2015‘، وهو يحظى اليوم بإهتمام واسع في المهرجانات السينمائية وبإشادة واسعة من النقاد. ويبرهن ذلك على أن ’قمرة‘ أصبح اليوم منصة فريدة للتواصل بين صنّاع الأفلام وطرح الرؤى العميقة حول عمل قطاع صناعة السينما العالميّة، وهي معلومات قيّمة لا يتاح لجميع صنّاع الأفلام العرب الحصول عليها بسهولة”.
ومع انتهائه مؤخراً من النسخة المبدئية لمشروعه الثاني، يحضر الرميحي “قمرة ” بعقلية منفتحة؛ حيث قال: “أنا شخص منفتح على التغيير ومتحمس جداً للإطلاع على أفكار خبراء القطاع التي تتيح لي الإرتقاء بعملي. لم أعوّل كثيراً على فيلمي الأول؛ ولكن بعد أن حقق أصداءً إيجابية اليوم، فلا شك أنه ثمة مسؤولية أكبـر باتت ملقاة على عاتقي. وأعتقد أن ذلك أمر طبيعي بالنسبة لأي صانع أفلام، فهذا برأيي مؤشر إيجابي، كما أن فعالية “قمرة” يساعد على توجيه عملي في الاتجاه الصحيح”.
وخلال جلسة إفطار عمل تم خلالها تبادل الأفكار حول مسألة إدخال الأفلام العربية إلى أسواق جديدة، أشار كاميرون بيلي، مدير مهرجان “تورنتو” السينمائي، إلى أن السر يكمن في معرفة جمهور الأفلام وإقحام المرء نفسه في حياتهم للتمكن من تجسيد قصصهم بالشكل الأمثل.
وقال بيلي بهذا الخصوص: “من المهم جداً بالنسبة لصناع الأفلام العاملين في سوق تسودها اللغة الإنجليزية أن يدركوا تماماً كيف يستخدمون اللغة وحجم المحتوى الذي تتضمنه. ومن الأمور التي تساعد في توضيح رؤية السينمائيين هي تصميم إعلان ترويجي للفيلم يستقطب الإهتمام، والتعامل مع وكيل مبيعات قادر على الإبداع وسط كل هذه الفوضى، وإبتكار قصة شخصية حول صانعي الأفلام”.
وتحدث بيلي عن تجربة صانع أفلام سوداني شاب سرد قصته الخاصة وشارك في كل فعالية خاصة بالقطاع تقام ضمن مهرجان ’تورنتو‘ السينمائي، وهو ما مكنه من ابتكار قصته الخاصة. وقال بيلي في هذا السياق: “يمكنك أن تخوض غمار التجربة وتشارك الناس قصتك الخاصة، فأمريكا الشمالية ليست بالسوق المنيعة كما يظن البعض”.
من جهتها أشارت هايدي يانغ تاو، مدير تطوير برامج القطاع ومسؤول الصفقات والتمويل في مهرجان “هوت دوكس” الكندي للأفلام الوثائقية، إلى التوجهات غير المستقرة في الطريقة التي ينظر فيها الناس إلى الأفلام الوثائقية اليوم. وقالت في هذا الصدد: “تظَهر الأبحاث أن نحو 95% من الناس يشاهدون هذه الأفلام في المنزل. ومن المهم في هذا الإطار تصميم دعاية جيدة ولعب دور ناشط عبر وسائل التواصل الاجتماعي”.
كما ركز ماثيو تاكاتا، المدير الدولي لبرنامج الأفلام الروائية الطويلة في “معهد صندانس”، على أهمية فهم الجمهور والخلفية الثقافية التي يسعى الفيلم إلى تجسيدها، مشيراً إلى دور “صندانس” في توفير المنصة المثلى لتمثيل أصوات مختلفة في القطاع السينمائي.
وناقش الخبراء والمشاركون خلال جلسة إفطار العمل مواضيع متنوعة شملت العديد من المجالات مثل دور المهرجانات السينمائية في حمل راية السينما العربية، وتسليط الضوء على الأفلام في المشهد الإعلامي العربي، ومستقبل الإنتاجات السينمائية العربية، وغيرها من المجالات الأخرى.
ولفت كليم أفتاب، المنتج والمراسل السينمائي، إلى أهمية أن يكون صانع الأفلام جاهزاً لإجراء المقابلات التي تتيح للناس التعرف عليه؛ وشرح كيف أن أحد أفلام الكوميديا الرومانسية التي تمت صناعتها في المملكة العربية السعودية حقق تغطية إعلامية دولية بفضل ذلك. وقالت ويندي ميتشل، مديرة البرامج السينمائية في “المجلس البريطاني” والمحررة في مجلة “سكرين إنترناشيونال”، أنه من الضروري التواصل عند الحاجة مع وسائل الإعلام لإطلاعهم على القصص الترويجية وقصص الأخبار الخاصة بالفيلم. وبدوره أدلى المراسل السينمائي المصري أحمد شوقي بأفكاره حول الإعلام الإقليمي وكيف يمكن لصناع الأفلام الإستفادة من سلسلة المهرجانات السينمائية لإطلاق أفلامهم بطريقة فعالة، والترويج لها في المنشورات المطبوعة والمنصات الإعلامية الرقمية.
وإضافة إلى جلسات التواصل، يضم “قُمرة” كذلك سلسلة من الجلسات التعليمية التي يقدمها خبراء الفعالية الخمسة: جيمز شاوموس, جوشوا أوبنهايمر، ناوومي كاواسي، نوري بيلج سيلان وألكسندر سوكوروف.