مراجعات فيلمية

كارلوفي فاري 2022 | Vesper صورة رائعة لكوكب ينتظر نهايته

كارلوفي فاري ـ خاص «سينماتوغراف»

كتب مؤلف الخيال الأمريكي روجر زيلازني في كتابه (أمير الفوضى): “لا توقظني لنهاية العالم ما لم يكن لها مؤثرات خاصة جيدة جدًا”، ويبدو أن الكثير من السينما السائدة تشارك في إبقاء الجماهير مستيقظة على نطاق واسع لأنها تحاول باستمرار التغلب بما تملكه من إمكانيات على الشكل المتوقع لكيفية نهاية العالم، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أن السينما التجارية كانت ولا تزال تركز أكثر على تفاصيل المشهد، لكنها بشكل عام أيضًا تعكس الحالة المزاجية للعالم، ومع تغير المناخ والحروب والأمراض وكلها حقائق قاتمة للحياة اليومية، يبدو دائماً لنا أن نهاية العالم على الأبواب.

ومن طريقة إخراج كل من كريستينا بوزيتو و برونو سامبير لفيلمهما “فيسبر ـ Vesper“، والذي شهد عرضه العالمي الأول في مسابقة “كريستال جلوب” بالدورة 56 لمهرجان كارلوفي فاري السينمائي الدولي، نجد حرصهما على تجنب التمثيل المسرحي لأفلام هوليوود النموذجية، إلا أنه يحتوي على نفس القدر من صور رائعة وفاخرة، وربما يحتوي هذا الإنتاج المشترك الليتواني-الفرنسي-البلجيكي على قدر أكبر من الذكاء.

تعيش (فيسبر ـ رافاييلا تشابمان) البالغة من العمر ثلاثة عشر عامًا على الأرض التي انهار فيها النظام البيئي تمامًا، وتسكن كوخًا قديمًا متداعيًا مع والدها طريح الفراش (ريتشارد بريك) – الذي يمكنه التواصل من خلال طائرة بدون طيار تتبع ابنته – فيسبر وهي تبحث عن الطعام في الغابة غير المرغوبة لوجود مختبر وتجارب عليها، وعندما تكتشف سفينة محطمة من القلعة – قلعة لـ “عظماء وصالحين” المجتمع – وتجد جسد كاميليا (روزي ماكوين) يعاني من الألم نتيجة جروح تقوم بتمريضها حتى تعود إلى صحتها، آملة أن تساعدها ووالدها على الخروج من وضعهما والسماح لهما بدخول المدينة الفاضلة للقلعة. لكن عندما يظهر الجار جوناس (إيدي مارسون) بخططه الشائنة، يصبح على فيسبر إيجاد طريقة لعكس نهاية العالم.

تعطي فيسبر إحساسًا ملموسًا بالعالم الذي تعيش فيه، مع تصميم رائع لا نهاية له وتصوير سينمائي يوحي بالكوكب المحطم، المليء بالتحلل والدمار – تغطيه باستمرار الخضرة الداكنة من العفن ولون الموت الأسود. ولكن هناك أيضًا إحساس غريب بالجمال، تلميح لما فقده هذا الكوكب. إنه يثير – من بين الكآبة – شعور بالأمل، نواة لفكرة أن التغيير إلى الأفضل يمكن أن يكون ممكنًا.

تشابمان تقود بشكل معقول العرض إلى الصدارة، وبصلابة تكذب سنواتها الرقيقة. لكنها لا تزال تجسد حالة عدم اليقين لدى مراهقة، وهناك ضعف مؤثر في أدائها. ماكوين ممتاز، حيث نجح في إثارة جو من الغموض دون أن يكون مفتعلًا، مارسان رائع أيضًا، كما هو الحال دائمًا، يلعب دور الشرير ولكن بإحساس جدير بالثناء من الغموض الأخلاقي وإضفاء إحساس بالجاذبية على الفيلم بأكمله.

من المؤكد أن Vesper مدين لتاريخ أفلام الخيال العلمي وهذه النوعية من الأعمال، وهناك العديد من الإيقاعات والمرئيات في الفيلم تردد صدى السينما في الماضي. لكن بوزيتو و سامبير لا يزالان قادرين على وضع طابع فريد للغاية على فيلمهما لخلق علاقة مثيرة للفكر وغامرة بالمشاعر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى