كتاب الموقع

كيت وينسليت.. تحرر مشاعرها في «عطلة عيد العمال»

 

شاهدت مؤخرا فيلما أمريكيا من إنتاج عام 2013، وهو Labor Day «عطلة عيد العمال» ولم يكن قد أسعدني الحظ بمشاهدته رغم أهميته.

وتدور أحداثه في احد ايام الصيف وتحديدا في عطلة عيد العمال، حول أم مطلقة تدعى آديل (كيت وينسلت) تعيش مع ابنها هنري (جاتلين جريفيث) الذي يبلغ 13 عاما. في اليوم السابق لذلك اليوم، وبينما تتسوق آديل تقابل رجلًا غريبا وجريحا (جوش برولين) هاربا من السجن، ويرغمها على أن تقله معها بسيارتها ثم يذهبان إلى منزلها ليختبيء هناك ممن يطاردوه.

وبعد الوصول إلى منزلها تقدم له العلاج اللازم لجرح أصيب به خلال هروبه. وسرعان ما يتحول يومها لجحيم عندما تعلم أن هذا الرجل هارب من السجن وأنها تورطت في موقف ربما يكلفها الكثير، ورغم ذلك تواصل مساعدتها له، بل وتنشا بينهما علاقة حب تعوضها عن ما لاقته من عذاب مع زوجها المنفصل عنها، بل إن ابنها أحب الرجل أيضا.

الفيلم أخرجه الكندي واعد له السيناريو جيسون ريتمان عن رواية لجويس ماينارد.

فبعد حياة بائسة كانت تعيشها كيت وينسليت مع ابنها داخل منزلهما، تحولت حياتهما إلى حياة حقيقة تملؤها السعادة وتفيض بالمشاعر الحانية، بعد ان تحولت إلى عاشقة حالمة تتطلع إلى الحياة بكل بهجة وسعادة، حتى أنها قررت أن تعيد ترتيب كل حياتها من جديد ليشاركها إياها، وتصدر حكما بالخروج من عزلتها، وتحرير مشاعرها وأحاسيسها كامرأة.

وقد أظهر الفيلم العلاقة القوية التي ربطت الإبن بالضيف الجديد الذي تولى الطفل بالرعاية وعوضه غياب الأب ونقل إليه خبراته الحياتية ليعرف المعنى الحقيقي للأبوة والأمان، والحب والاستقرار، وتبدأ الأم في الحلم بحياة أفضل وغد مشرق يعيدها إلى الحياة مرة أخرى بعد فترة كرهت فيها كل شيئ.

ليس ذلك فقط، بل إنهما بعد أن كانا يرغبان بشدة في رحيل هذا الضيف الثقيل، باتا يطلبان منه البقاء عندما ابلغهما بقراره بالرحيل.

والحقيقة التي لا أستطيع أن أخفيها أن الفيلم هاديء ويحمل حوارا شيقا يدور بين الأبطال الثلاثة الذين يعيشون معا لاسيما بين الأم والضيف الجديد دون ملل، وذلك لقصر مدة المشاهد التي تجمعهما، بالإضافة إلى الصور الجمالية التي قدمها المخرج مستعينا ببعض الموسيقى الرومانسية الخفيفة، بخلاف الأغاني الكلاسيكية الهادئة والرقصة التي جمعت بينهما وأحيت في الأم مشاعر كانت قد اعتقدت أنها ماتت.

أما اداء بطلي الفيلم فقد كان معبرا بصدق عن دفء المشاعر ونجح في نقل الأفكار واضحة إلى المشاهدين. وأعتقد أن كيت وينسليت لم تقدم حتى الآن أداء أفضل من أدائها في هذا العمل الذي كنت أتمنى أن تراه نجماتنا ليتعلمن منه كيف يتكامل الأداء مع الملابس مع تسريحة الشعر، حيث ظهرت بطلة الفيلم مرتدية فستانا رثا مع وجه بدون مكياج وشعر حتى غير مصفف لتعطي انطباعا للمشاهد بمدى البؤس الذي كانت تعيشه. أما بعد إيقاظ مشاعرها، فقد تغير الأمر إلى ملابس مبهجة واهتمام بالشعر وبالمنظر العام كأي إمراة تعيش حالة حب.

والمتابع لكيت وينسليت لا بد وان يتأكد أنه أمام ممثلة من طراز نادر، فهي إنجليزية الأصل، وعرفها جمهور السينما حول العالم في فيلم تايتانيك مع ليوناردو دي كابريو عام 1996 بعد عدة أدوار في أفلام إنجليزية.

ونجحت بعد ذلك في الحصول على جائزة أوسكار لأفضل ممثلة عام 2009 عن فيلم «القارئ»، وفي نفس العام استطاعت أن تحصل على جائزة غولدن غلوب عن فيلم «الطريق الثوري».

وخلال 22 عاما، هي عمرها الفني، قدمت وينسليت 37 فيلما، وكانت أصغر ممثلة في التاريخ تترشح 6 مرات للأوسكار.

ويوضح الفيلم كيف يمكن تقديم فيلم بأقل التكاليف وبأقل عدد من الممثلين، بشرط توافر القصة الشيقة والسيناريو المحكم والأداء المميز لمجموعة العمل، كل في مجاله. ويؤكد في النهاية على الدور الذي يمكن أن تلعبه السينما في خلق المتعة وإسعاد المشاهد ودغدغة حواسه والعزف على أوتار قلبه بما تقدمه على الشاشة من مشاعر واحاسيس يتوق إليها الجميع في عصر طغت عليه الماديات وحاصرت المشاكل الكل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى