أهم العناوينسينما

«ليبارك الله فرنسا» فيلم يرد على الحملات التي تشن لترحيل المهاجرين

تجربة سينمائية للكونغولي الأصل عبد الله ماليك مقتبسة عن سيرته الذاتية

«سينماتوغراف»: وردة ربيع ـ الجزائر

ازداد بقوة في السنوات الأخيرة عدد الأفلام الأجنبية التي تتناول الإسلام، بدافع ما يشهده العالم من أحداث وما يعيشه من مواقف متطرفة، وتنسب للإسلام خطأ ما ليس فيه، أو تحاكي مشاكل النظرة الضيقة حسب الأجناس والأعراق وحتى الأديان.

«الله يبارك فرنسا» هو أحد هذه الأفلام التي تشهد على مباركة «عبد الله ماليك» لفرنسا التي قامت على تنوع جعلها نموذجا للعيش المشترك، وذلك في روايته «ليبارك الله فرنسا» التي نشرها عام 2004، والتي حولها مؤخرا إلى فيلم، إعتبره الكثير من النقاد ردا مباشرا على بعض الحملات التي تشن ضد المهاجرين ودعوات ترحيلهم لبلدانهم الأصلية.

في أول تجربة سينمائية له، استطاع المغني والكاتب المسلم الكونغولي الأصل عبد الله ماليك أن يقدم سيرته الذاتية المقتبسة عن روايته التي نشرت سابقا بنفس العنوان. ويتناول الفيلم السيرة الذاتية لشاب مغترب من أصول كونغولية وهو موهوب ومميز في دراسته، يعيش مع أمه الكاثوليكية، و6 من إخوته، بأحد الأحياء الفقيرة لمدينة «ستراسبورغ». يعيش بين جرائم الأحياء، الراب، السلام، والإسلام ثم الحب. هذه الأحياء قد تكون في أي مدينة فرنسية، أو حتى أوروبية أخرى، تعج بالجاليات المهاجرة أو بأبناء المهاجرين الحاصلين على مساكن حكومية تمنحهم السقف لكنها لا تمنحهم الأمان ولا العيش الكريم.

الشاب الفرنسي «ريغيه» الذي يجسد دوره الممثل «مارك زينغا» يبرهن على أنه طالب نجيب في دراسته، لكنه بالمقابل نشال يعمل مع رفاق له لكي يؤمن مصروفه، وحين لا يعد ذلك كافيا يبدأ بتجارة المخدرات. وأمام هذه الحياة المزدوجة المتناقضة ينجذب «ريغيه» للإسلام فيعتنقه ليكتشف عالما آخر ومسؤوليات مختلفة. ثم يكتشف أن المسلمين عنصريون كما أترابهم المسيحيين.

وعبد الله ماليك الذي اقتبس الفيلم عن كتاب سيرته المنشور قبل عامين أو نحوهما يحاول الموازاة بين الإتجاهين وجعلهما يصبان في المصدر ذاته: الوضع المعيشي الصعب للشباب وذويهم من كلا الطرفين. وقد برع الكاتب في التنديد بكل أشكال الإنحراف، بما في ذلك الديني الناتج عن جهل الناس بالإسلام وتمسكهم بالشكليات والمظاهر على حساب الجوهر. كما عزز المخرج طرحه السينمائي الأول باختياره اللونين الأبيض والأسود، في تلميح ذكي وشفاف إلى فرنسا التي انحرف فيها شبان سود أفارقة وعرب وفرنسيون بيض لأسباب غير عرقية ودينية، بينما نجح آخرون في مجالات سياسية وفنية ورياضية وفكرية عديدة. ويرافع البطل الفرنسي المسلم الأسود البشرة ضد تطرف العرب والفرنسيين على السواء، وهو يشهر سلاح المعرفة الدينية “الصحيحة” في وجه الإمام الذي يمارس العنصرية عن جهل بدينه المتسامح.

العمل الذي يجمع الكوميديا بالدراما، ينتهي بلوحة فيها من الرسائل المضمنة الشيء الكثير أهمها التوحد بغض النظر عن كل الإختلافات. إذ يقع «ريغيه» في حب الفرنسية المغربية الأصل «نوال» ( جسدت دورها صبرينة وزاني) التي يتزوجها زواجا شرعيا، ويوقع عقد زواجهما في بلدية فرنسية بعقد مدني، وسط مدعوين يصنعون صورة بلد التنوع العرقي والعيش المشترك. ورغم أن الفيلم بطيء الإيقاع، وتحس لوهلة أنه يحاكي فيلم «Haine La» لـ«كاسوفيتز». لكن السيناريو كان قويا بحوار هادف، خاصة وأن الممثلين كانوا متمكنين جدا من الحوار السريع واستعمال المفرادات الخاصة مما يدفعك لتركز أكثر لتفهم ماذا يدور بالضبط.

وقال عبد الله ماليك عن فيلمه الأول: «أردت أن أعطي صورة أنه يمكن أن أكون ببشرة سوداء، ومن حي شعبي، لكن لن يكون طريقي ومساري بالضرورة مشينا وسيئا .الإنسانية لا تحدها حدود  الأحياء الشعبية».

يذكر أن عبد المليك من مواليد عام 1975، واسمه الأصلي «ريجيس فاييت ميكانو»، وقد تميز غنائيا بمزجه بين فنون الراب والجاز والسلام، وبتأثره بالإسلام الصوفي. وله كتب منها: «حرب الضواحي لن تحدث» و«الفرنسي الأخير» و«الإسلام في نجدة فرنسا». وقد عرض فيلمه الأول «الله يبارك فرنسا» في «مهرجان تورونتو» الأخير، وحظي بثقة «تحاد نقاد السينما الدوليين» التي منحته جائزة «الإكتشاف».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى