«ماتريكس 4» .. رديء وفوضوي في أفكاره ومؤثراته
«سينماتوغراف» ـ منى حسين
من المؤكد أن رؤية نيو وترينيتي مرة أخرى في الجزء الجديد من فيلم ماتريكس أمر مثير للغاية، كما أن الممثلين الجدد يقدمون إضافات جديدة رائعة، إلا أنه في الوقت نفسه، يتم تنفيذ العديد من الأفكار الجيدة (والمؤثرات البصرية) بشكل رديء جداً ما يجعله ككل أسوأ من أجزائه الأخرى المنفصلة.
غالباً ما يكون الرافضون للأعمال التي تحث الحنين إلى الماضي من الأشخاص الذين ينقدون بشدة أفلام الأجزاء المتتالية التي تصدر بعد وقت طويل. حيث يعتبرونها أعمال تهدف فقط لجمع الأموال أو محاولات رخيصة تهدف فقط لاستغلال حماس عمره عقود طويلة. ويمكن الرد على هذه العبارة بسهولة وتفنيدها، لكن لسوء الحظ، أثبت المعجبون المتشككون حول فيلم ماتريكس الجديد أنهم محقين، عندما يتعلق الأمر بـ The Matrix Resurrections.
بالطبع يضم الفيلم أجزاءً جيدة. حيث أن عودة كيانو ريفز وكاري آن موس بدوري نيو وترينيتي هو حلم يتحقق، ويشكل الممثلون الجدد إضافة رائعة للطاقم، حيث يختطف جوناثان غروف الأضواء في كل مشهد يظهر فيه بدور سميث، وقد تكون جيسيكا هينويك بدور باغز هي أفضل شيء في الفيلم، والنسخة الغريبة من مورفيوس التي تم تجسيدها هنا لما كانت ستنجح حتى على الأرجح لو كان يؤديها أي أحد غير يحيى عبد المتين الثاني في تلك البدلات ذات الطابع الألكتروني.
في الواقع، سأذهب إلى حد القول أن The Matrix Resurrections يتكون بالكامل تقريباً من أفكار جيدة. لكن المشكلة أنه ليس فيلماً جيداً. بل هو مجموعة من الأفكار الجيدة بشكل فردي مكدسة فوق بعضها البعض بطريقة فوضوية، ويقابل تلك البراعة للأسف تنفيذ سيء لدرجة مضحكة عند كل منعطف تقريباً.
فلنأخذ إدراك القصة حول ذاتها كمثال هنا، يبدو أنها تتوافق مع أولئك الرافضين للأعمال التي تحث الحنين إلى الماضي، ويمكنكم أن تدركوا أنها تريدكم أن تعرفوا ذلك لأن The Matrix Resurrections يخبركم مباشرة أنه يعتقد أن أفلام الريبوت سخيفة في مقطع بغيض بحد ذاته. حيث أن المشهد الذي كان يُقصد به إظهار الوعي الذاتي للفيلم يعطي مفعولاً عكسياً. فيحاول أن يثبت أنه لا يشبه الأفلام المكملة الأخرى وبأنه الجزء التالي الرائع.
ويبدو أن هذه المحاولة لإثبات الوعي الذاتي العميق للفيلم يأتي على حساب المشاهد القتالية، وهي الشيء الذي كانت السلسلة تشتهر به، نحن نعلم أن ريفز لا زال محافظاً على لياقته القتالية بفضل التصميم القتالي الرائع لسلسلة جون ويك، وقد أثبت جميع الممثلين الجدد في Resurrections أنهم يمتلكون قدرات قتالية رائعة على الشاشة. لماذا إذاً يفتقر هذا الفيلم إلى هذا العنصر الضخم من الإبداع في الصورة الذي اشتهرت به سلسلة The Matrix؟ حيث أن المشاهدة القتالية الموجودة إما قصيرة ومليئة بالمؤثرات الفوضوية، أو يتم استبدالها بتصاميم قتالية تثير التشويش.
كلف الفيلم الأصلي 63 مليون دولار، في حين كلف كل من الفيلم الثاني والثالث 150 مليون دولار لكل منهما. ومع أخذ ذلك في الاعتبار، من الصعب أن نتخيل أنه لم يتم إنفاق الكثير من المال على الفيلم الجديد، ونتساءل عن ذلك لأنه من غير المفهوم لماذا تبدو المشاهد الأخيرة في The Matrix Resurrections بالشكل الذي تبدو عليه، خاصة بالمقارنة مع الفيلم الأصلي الأكثر إثارة للإعجاب ببصرياته رغم صدوره قبل أكثر من 20 عاماً.
ربما الحبكة الوحيدة الناجحة حقاً في الفيلم هي قصة حب نيو وترينيتي التي لا تموت، بالإضافة إلى توسع الفيلم ليشمل الكون الشامل للسلسلة. فمن الواضح أن المستقبل الذي ضحى الثنائي بأنفسهما من أجله في النسخة الجديدة يستحق القتال والدفاع عنه، حتى لو كان نيو يواجه صعوبة في تصديقه منذ البداية. تحظى ترينيتي بفرصة للتألق في النهاية، ولكن يجعل فيلم Resurrections من الصعب للغاية الاحتفال بهذا الفوز نظراً لمدى الرعب الذي يبدو عليه الفصل الأخير والمدة التي استغرقها للوصول إلى ما يفترض أن تكون لحظة احتفالية.
وبالحديث عن الوقت الطويل، قد تكون الأفلام الطويلة رائعة! لكن بشرط وجود تبرير لهذا الطول. لكن The Matrix Resurrections لا يفعل ذلك. حيث تستهلك مشاهد الفلاش باك الكثيرة ولقطات الوعي الذاتي المفرطة معظم فترة الفيلم الممتد على ساعتين ونصف.
ومن ثم بالنسبة إلى المعجبين الذين يشعرون بالقلق لأنه لم يكن لديهم وقت لإعادة مشاهدة أفلام السلسلة السابقة قبل الذهاب إلى السينما، لا داعٍ للقلق: فالفيلم سيعرض لكم كل شيء تحتاجون لتذكره. وسيعرض لكم أشياء أخرى تتذكرونها بالتأكيد، وبعد ذلك سيعرض لكم نفس الشيء مرة أخرى، في حلقة مكررة! ربما أرادت المخرجة لانا فاشكوفسكي أن تجعلنا نشعر وكأننا محاصرين في أجوء ماتريكس، لكن الأمر كان في الغالب مملاً.