محمود عبد العزيز.. النهايات أيضا متشابهة
البدايات متشابهة.. والنهايات أيضا متشابهة، وكأنه قدر هؤلاء أن يكون الرحيل كذلك بأمراض متشابهة، فما عاناه النجم أحمد زكى هو نفسه ما عناه نور الشريف، وهو أيضا نفس ما عاناه محمود عبد العزيز، وإن كانت المسميات مختلفة، سرطان الرئة، أو أنيميا الدم، لا فرق، فهم مبدعون يعلن الموت نهاية إبداعاتهم، نهاية مشوارهم .. فعندما رحل العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ بمرض الكبد، ترددت نفس العبارة “المبدعون يموتون مبكرين “..
وعندما رحل أحمد زكى قورن بينه وبين العندليب، كونهما مرا بنفس مراحل الابداع ونفس مراحل المرض، ثم رحل نور الشريف، وها هو يرحل نجم آخر محمود عبد العزيز،الذي رافق الأخيرين أحمد زكى، ونور الشريف، وجمعتهما صداقة قوية.
ومحمود عبد العزيز رحمه الله كان أول من حضر حفل كانت قد أقامته شركة جود نيوز سينما لصاحبها عماد الدين أديب إبان تصويره لفيلم حليم، وعرف حينها أن أحمد زكى مصاب بسرطان الرئة، وان الفيلم قد لا يكتمل تصويره، وفى فندق شبرد على كورنيش النيل، جاء محمود عبد العزيز ليصرخ بأعلى صوته.. صرخة يعلم الجميع أنها ممزوجة بألم، لكنه قصد بها تشجيع أحمد زكى، وصعد ليهنيه بالفيلم، والكل يعلم أنه كان لقاء الوداع ، فبعد أسبوعين من التصوير دخل أحمد زكى فى النهايات.
هذه النهايات التى تبدأ مؤشراتها مبكرة مع هؤلاء المبدعين، بدأت مع نور الشريف من مهرجان الإسكندرية عندما حملت الدورة 30 اسمه واقيم له نفس الإحتفال الذى اقيم لأحمد زكى.. وفيه ودعه أصدقاؤه، لكن محمود عبد العزيز هنا يختلف، لم يتثنى لأحد من اصدقاءه أن يودعه، لأنه عاش العامين الأخيرين فى عزلة، أكتفى بتصوير مسلسله الأخير “رأس الغول” .. ولم يحقق المسلسل ما كان يتمناه من نجاح
والحق يقال أن مسلسلاته الثلاث الأخيرة، لم تكن بقوة “رأفت الهجان” وإن كان “باب الخلق” قد رحب به كبداية لعودة نجم محبوب، ثم “ابو هيمة جبل الحلال” وأخيرا “رأس الغول”.
السينما لم ترحب فى السنوات الأخيرة بأى من النجوم الكبار حتى النجم الراحل نور الشريف، كان يعلم ان السينما تحتاج الى جيل أخر، ومن ثم تعاون هو مع هذا الجيل، وهو ما قام به محمود عبد العزيز، فأجمل مشاركاته كانت مع الشباب فى فيلم “ابراهيم الأبيض” الذى قدم فيه أحد أهم أدواره، فاق بدوره فيه نجاح فيلم “البيبى دول” الذى أنفقت عليه “جود نيوز” الملايين، لكنه لم يكن أفضل ما قدم محمود عبد العزيز..
رحيل محمود عبد العزيز، خسارة للفن المصرى، فهو النجم الذى وصف بصاحب الألف وجه، صاحب العلامات البارزة منذ “الحفيد” ومرورا “بالكيف، والعار، واعدام ميت، والكيت كات، وسيداتى أنساتى، والشقة من حق الزوجة، وعشرات الأفلام، التى ستظل علامات بارزة فى تاريخ السينما.. علامات قد تكون مشتركة وقد تكون متشابهة مع مبدعين راحلين قبله أحمد زكى ونور الشريف.