مراجعة فيلم | «جوكر 2» .. تكملة مملة ومرتبكة ومثيرة للاستياء
«سينماتوغراف» ـ أسامة عسل
أصر تود فيليبس، مخرج فيلم (جوكر 2)، مرارًا وتكرارًا على أن الجزء الثاني من فيلمه الذي حقق نجاحًا كبيرًا في عام 2019 ليس فيلمًا موسيقيًا خالصاً.
ربما كان ينبغي أن لا يكون هكذا ابداً، ما شاهدناه هو دراما هجينة بين قاعة المحكمة والسجن، حيث يوقف الفيلم الفائز بالأوسكار «جواكين فينيكس» والوافدة الجديدة في السلسلة «ليدي غاغا» القصة مرارًا وتكرارًا لغناء أغنية بوب قديمة – تقدم بطريقة غريبة وخجولة لا تستفيد من امكانيات أهم مغنية – بل كنت انتظر في كثير من الأحيان انتهاء الأغاني حتى يعودا إلى تحريك القصة التي لا تتحرك.
أعتقد أن الأغاني موجودة ظاهريًا حتى تتمكن الشخصيتان، آرثر فليك/جوكر وهارلي كوين (التي تدعى هنا لي) على التوالي، من العمل على مشاعرهما، لكن الأمر زاد عن الحد ولم يتم الاستفادة فنياً من توظيف تلك الميزة.
لكن ما يمكن قوله أن الجزء الثاني ليس أفضل من الفيلم الأول، ومشكلته الحقيقية في السيناريو المرتبك، وافتقاده للتشويق المخيف الذي كان أهم عنصر يميز العمل الأول.
الشخص الوحيد الذي لا يبدو أن الفيلم مستاءً منه هو آرثر فليك نفسه، لأنه لا يستطيع أن يكتشف من هو. هذا حقًا هو الهدف من الفيلم، والسؤال الذي نقضي ما يقرب من 140 دقيقة في التفكير فيه بشكل مضجر. وكما في الفيلم السابق، لا توجد إجابة دقيقة في الجزء الثاني، مع طبيعة الرجل المرتبك الذي أصبح فكرة ويشعر الآن بأنها قد التهمته.
يبدأ الفيلم من جديد بعد فترة ليست طويلة من نهاية الفيلم الأول. فليك في عنبر السجن في مصحة عقلية، يتعرض للضرب المبرح بانتظام من قبل حراسه. وهو ينتظر محاكمته على الأشخاص الذين قتلهم، بما في ذلك إطلاق النار على موراي فرانكلين (روبرت دي نيرو) على الهواء مباشرة على شاشة التلفزيون.
أما العالم الخارجي، فيعتبر فليك بطلاً شعبياً وشخصية أكبر من الجميع تُعرف باسم الجوكر، الذي استخدم مشهداً عنيفاً لرفض عبثية الشرور الكثيرة في العالم. إنه صوت قوي ضد النظام، على الرغم من أنه لا يقدم أي بديل، بل يجسد فقط الرغبة في حرق كل شيء.
وتلعب ليدي غاغا دور أكبر معجبيه، وهي مريضة في الجناح النفسي بجانب فليك الجوكر، وتريد أن تتشارك معه ليصبح الاثنان ملكاً وملكة لجحيم من صنعهما.
بالنسبة لفليك، هذه هي المرة الأولى التي يختبر فيها الحب في حياته – حيث كانت والدته تراه عبئًا وخيبة أمل – وتجعله لي يرغب في أن يصبح شيئًا أكبر من القوقعة التي استسلم لها داخل السجن.
من المفارقات أن الجوكر ليس هو من يريد أن يصبح، ويبدو طوال الفيلم وكأنه ظل وليس شخصية من نعرفه، رافضًا الوعد الذي جاء في نهاية الفيلم السابق.
وعندما نرى لمحات من الجوكر في مشاهد قاعة المحكمة، نشعر بأننا أمام وميض من الضوء المضاد للبطل سرعان ما ينطفئ. وإذا كان الفيلم الأول أصل القصة، فإن هذا الفيلم مرآة سوداء ترفض بعناد أن تنعكس.
يساعد الحب آرثر على رؤية إنسانيته، ويجعله يرغب في التفكير في من هو، وكيف كان، وكيف وصل إلى ما وصل إليه بدلاً من تدمير نفسه لصالح فكرة، ويبدو أن الفيلم يوحي بأنه إذا كان لا يريد أن يكون جوكر، فهذا لا يعني أن الجوكر لن يستمر – به أو بدونه.
هذه أفكار مثيرة للاهتمام، باعتراف الجميع. لكن إطار العمل لا يبحث عن الأفكار بشكل مرضٍ أو مقنع. ربما يحتاج الأمر إلى كاتب آخر غير تود فيليبس يستطيع أن ينقب بشكل أعمق قليلاً، ليعطي للفيلم حبكة أقوى، بدلاً من المشاهد الجوفاء الخالية من التوتر في قاعة المحكمة ومشاهد السجن الرتيبة والعنيفة بشكل مؤلم.
هناك مشهد واحد في وقت مبكر يغازل فيه «لي» و«آرثر» فكرة الهروب من السجن والتحرر، حيث يركضان في الليل بينما يحترق المبنى خلفهما لكن سرعان ما يتبدد هذا الأمل.
ما الذي انتهينا إليه هنا؟ لا يبدو الخلاص ممكنًا. لن يكون هناك مكان لآرثر فليك أبداً، بل سيكون هناك مكان للمهرجين فقط.، ويبقى السؤال، هل كانت هذه رسالة تستحق العودة من أجلها بهذا الفيلم؟.