مصر والجزائر.. فى مهرجان الإسكندرية السينمائي
بقلم : إنتصار دردير
مرة أخرى يقع الاعلام فى نفس الخطأ وتسارع مواقع مصرية وجزائرية بنشر أخبار مغلوطة، تؤجج الموقف وتشعل الخلاف، وكأننا لانتعلم من تجاربنا، وكأننا نتمتع بذاكرة الأسماك، فلا نستفيد ولا نتعلم ونكرر العيوب بنفس الكتالوج.
لعل الجميع يتذكر أزمة مباراة مصر والجزائر فى تصفيات كأس العالم لكرة القدم 2010 التى أشعلتها أصوات حنجورية، تجاوزت كل الحدود ووصلت الى درجة «الردح» وتبادل الاتهامات بما لايليق ببلدين شقيقين تجمعهما أواصر قوية وتاريخ نضالى ومواقف بطولية وعلاقات وثيقة رسمية وشعبية، وتحولت من شغب كروى الى أزمة سياسية ودبلوماسية، ومع ثورة 25 يناير 2011 رفع المتظاهرون العلم الجزائرى للتأكيد على تمسك المصريين بعلاقتهم الأصيلة بالجزائر الشقيق.
وقبل يومين نشرت بعض المواقع عن بوادر أزمة تتفجر من جديد بين البلدين اعتذر بسببها وزير الثقافة الجزائرى عز الدين ميهوبى عن حضور افتتاح مهرجان الاسكندرية السينمائى فى دورته الجديدة التي تحمل رقم 32 وتعقد في سبتمبر المقبل، واعتمد البعض في تحليله للاعتذار بسبب «الخنجر العمانى» الذى أهداه الأمير أباظة رئيس مهرجان الاسكندرية السينمائى للرئيس الجزائرى بوتفليقة خلال دورة مهرجان وهران للفيلم العربى الشهر الماضى، والمثير أن خبر الاعتذار أخذ يتردد بقوة فى الوقت الذى كانت فيه الصفحة الرسمية لمهرجان وهران تتوجه بالشكر «لإدارة الإسكندرية السينمائي» لاختيارها المخرج الكبير مرزاق علواش أحد أهم المخرجين الجزائرين لتكريمه فى المهرجان الذى يعتبر حدثا سينمائيا هاما على المستويين العربى والدولى كما جاء بالبيان على موقع المهرجان، والذي نوه كذلك عن اختيار فكرة «المقاومة والسينما» لتكون شعار الدورة الجديدة حيث يتم الاحتفاء من خلالها بالأفلام الجزائرية التى قاومت بشدة الاحتلال الفرنسى، كما أكدت إدارة مهرجان وهران مشاركتها الرسمية فى الإسكندرية السينمائى بحضور محافظ وهران ابراهيم صديقى، ولهذا سارع زميلنا النابه سيد محمود المسؤول الاعلامى بالمهرجان بنشر خبر يكذب كل ماتردد ونشر عن هذه الازمة، لتتراجع بعده كل المواقع عن الخبر القديم وما أثاره من بلبلة ليحل ويتصدر مكانه الجديد الأكثر توثيقا.
ونقول لمن لا يعلم ان علاقة السينما الجزائرية والمصرية علاقة ممتدة وذات تاريخ طويل، تسبق حتى فكرة فيلم «جميلة بوحريد» الذى قامت ببطولته الفنانة ماجدة وأخرجه يوسف شاهين عن حياة المناضلة الجزائرية، وقد ظلت السينما الجزائرية حاضرة وبامتياز فى المهرجانات المصرية، كما ينتظر الجزائريون بشغف الفيلم المصرى ويحتفون به بشكل كبير، وفى دورة مهرجان وهران الأخيرة اقتنصت السينما المصرية أهم الجوائز ومنها أفضل فيلم «نوارة» وأفضل ممثلة «منة شلبى» وأفضل فيلم قصير «حار جاف صيفا» لشريف البندارى، وأفضل فيلم تسجيلى «أبدا لم نكن أطفالا» لمحمود سليمان، وفى الوقت نفسه أنهى المخرج سمير سيف تصوير مشاهد الفيلم الجزائرى التونسى «القديس أوغستين» ويتناول شخصية القديس الأمازيغية الجزائرية، ومن المتوقع ان يفتتح به مهرجان عنابة دورته المقبلة. كما سيعرض أحدث أفلام المخرج يسرى نصر الله «الماء والخضرة والوجه الحسن» فى نفس المهرجان، وكل ذلك يؤكد العلاقة الوثيقة بين السينما الجزائرية والمصرية وبالتالى لايجب أبدا المجازفة بنشر أخبار غير دقيقة تجلب التخمينات والتأويلات، وقد تؤدى لزعزعة العلاقة بين البلدين وتأليب الجمهور والانسياق وراءها، بل يجب دعم وتأكيد كل ماهو مصري جزائري وتقويته.