المهرجاناتالمهرجانات العربيةسينمانامراجعات فيلميةمهرجان أبو ظبيمهرجاناتنقد

معسكر أشعة أكس.. البحث عن التواصل الإنساني

ينافس في مسابقة “آفاق جديدة” بمهرجان أبوظبي السينمائي
“معسكر أشعة أكس” لبيتر ساتلر .. البحث عن التواصل الإنساني
يقدّم عرضاً لعلاقة بسيطة وعميقة، محمّلة بمعانٍ مجرّدة
“سينماتوغراف” ـ أبوظبي: هاني مصطفى
 
تتناول بعض أفلام السينما في العالم العلاقة الإنسانية التي تحدث بين سجين وسجّان، أو بين الأعداء في أزمنة الحروب. ربما تهتمّ الدراما في تلك الأفلام برصد الأشياء غير التقليدية في تلك العلاقة، كالإحترام والتقدير المتبادلين. وتكمن قيمة السينما، في تلك الحالة، في التأكيد على ما ليس سائداً من المشاعر الإنسانية، كتلك المشاعر الإيجابية بين الأضداد، أو المشاعر السلبية بين المحبّين. فيلم “معسكر أشعة أكس” للمخرج الأميركي بيتر ساتلر بيتر ساتلر والذي ينافس في (مسابقة آفاق جديدة) بمهرجان ابوظبي السينمائي في دورته الثامنه، أحد تلك الأفلام التي سعت إلى السير في الاتجاه هذا.
 
المخرج بيتر ساتلر لم يستغرق وقتاً كي يدخل في رصد تلك العلاقة الإنسانية، بدءاً من المشهد الافتتاحي، المتمثّل بالقبض على شخص يدعى علي في أعقاب أحداث 11 سبتمبر 2001، الذي يُنقل فوراً إلى معسكر الاعتقال في غوانتانامو. ينتقل الفيلم بعد ذلك إلى أعوام عديدة، مقدّماً لنا بعض المجنّدين المستجدين للخدمة في الجيش الأميركي، الذين يحرسون المساجين في هذا المعسكر، والتعليمات المحدّدة التي يجب عليهم اتّباعها أثناء خدمتهم.
 
هناك عدة عناصر تميّز الفيلم، أهمها تطوّر بناء العلاقة الإنسانية بين الشخصيتين الرئيسيتين، وهما المسجون علي (بيمان معادي) والمجنّدة إيمي كول (كرستين ستيوارت). فالحوار هو اللاعب الأساسي في المشاهد التمهيدية التي تجمع البطلين، خاصة عندما يحاول جذب انتباهها وجرّها إلى الحديث معه، ورفضها للحديث بعد أن تلقّت مع زملائها التعليمات من قائدها المباشر، حتى لا يعطون فرصةً لأحد المساجين بالسيطرة على عقولهم. ولعلّها تؤكّد على هذا المفهوم، عندما شبّهت علي في البداية بـ”هانيبال ليكتر”، شخصية الطبيب النفسي المسجون في فيلم “صمت الحملان” (1991) لجوناثان ديمي، المقتبس عن الحلقة الثانية من الثلاثية الروائية لتوماس هاريس، المشهور بقدرته على السيطرة على أي شخص يستمع إليه.
 
 غير أن علي لا يريد سوى أمر واحد فقط، بعد تجاوزه ثمانية أعوام أمضاها معتقلاً في هذا المعسكر، هو يريد تواصلاً إنسانياً. يريد أن يعامله سجّانوه على أنه كائن بشري، وليس حيواناً محبوساً. هذا ما يؤكّد عليه مرّات عديدة في تساؤله: “لماذا تعاملونني بهذه الغلظة؟”. عنصرٌ آخر من العناصر المهمة: عدم اعتماد الفيلم على ما يُسمّى بالحدث أو الفعل الدرامي كعنصر مطوِّر لبنية الدراما بشكل عام، فهو يقدّم لنا تطوّراً تدريجياً في بنية العلاقة بين البطلين طيلة الفيلم، وتستمر الأحداث والبطلين قد تغيّرا من داخلهما، لكن لم يتغيّر الواقع.
 
 
لا شكّ في أن الممثل الإيراني معادي لديه موهبة متميّزة فى تأدية الشخصيات، خاصة بعد تجربته الرائعة فى “انفصال” لأصغر فرهادي، الفيلم الإيراني الشهير الذي فاز بجائزة “الدب الذهبي” في الدورة الـ 61 (10 ـ 20 فبراير 2011) لـ”مهرجان برلين السينمائي الدولي”، وجائزة “أوسكار” في فئة أفضل فيلم أجنبي في العام نفسه. أما كريستين ستيوارت، فقد عُرفت بدورها في سلسلة أفلام “توايلايت”، التي اشتُهرت بمزجها بين نوعية أفلام مصاصي الدماء والمذؤوبين، وبين قصّة حب رومانسية.
 
تجربة ستيوارت في فيلم “معسر أشعة أكس” مختلفة بعض الشيء، إذ أنها تقدّم في بعض المشاهد مهارة استخدام تعبيرين في آن واحد، وهي المقدرة التي يجب أن يتحلّى بها كل ممثل محترف، في أنه يُظهر تعبيراً بوجهه، لكنه يعطي بعينيه معنى آخر.
 
يقدّم الفيلم الذي عُرض في الدورة الـ 30 لـ”مهرجان صاندانس السينمائي” 2014 عرضاً لعلاقة إنسانية بسيطة وعميقة، محمّلة بمعانٍ مجرّدة، وهي رغبة البشر في التواصل على الرغم من الاختلافات السياسية والثقافية كلّها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى