أحداث و تقاريرأهم العناوينسينما مصرية

نجيب محفوظ… رائد الأدب السينمائي بامتياز (1 من 3)

ناصر عراق  يكتب لـ «سينماتوغراف»

تسع سنوات على رحيل صاحب نوبل 1988

عرف نجيب محفوظ طريقه إلى الشاشة البيضاء قبل أن تفطن السينما إلى رواياته المدهشة فتقدم على إنتاجها وإخراجها، فهل أنصفت السينما أدب نجيب محفوظ، أم أنها أظهرته بصورة لا تليق جعلت العامة ترى صاحب نوبل 1988 مجرد كاتب متواضع يروج للرذيلة والعنف؟

فى هذه السطور سنقدم إطلالة سريعة على العالم السخى لصاحب الثلاثية من خلال علاقته بالسينما بمناسبة مرور تسع سنوات على رحيله، فقد غاب عن دنيانا في 30 أغسطس 2006 (ولد الرجل فى 11 ديسمبر 1911)، لكن قبل أن نخوض نهر السينما المحفوظية عندى ملاحظتان أريد تحريرهما قبل أن تقرأ، الأولى أن محفوظ لم يعمل بالسينما قط طوال العهد الملكى الذى انقضى وزال مع ثورة 23 يوليو 1952، والملاحظة الثانية أن جميع الأفلام التى تصدى لكتابة السيناريو لها، او كتب القصة السينمائية، تهدف إلى إشاعة العدل والحرية، فى الوقت الذى تدين فيه الظلم والاستبداد، وهذه خصال حرص محفوظ أشد الحرص على تأكيدها فى مجمل رواياته وأعماله القصصية، وإنْ بأسلوب أدبى بالغ الرهافة والسحر.

فيلم ريا وسكينة

البداية مع السيناريو

فى 23 فبراير 1953 تم عرض فيلم «ريا وسكينة» الذى أخذت قصته عن تحقيق صحفى للأستاذ لطفى عثمان، المحرر بالأهرام، كما جاء فى مقدمة الفيلم، أما السيناريو فكتبه نجيب محفوظ ومخرج الفيلم صلاح أبوسيف الذى يرتبط بعلاقة صداقة مع محفوظ، واعتبر هذا الفيلم باكورة علاقة محفوظ بالسينما، لاحظ أن نجيب فى ذلك الوقت كان قد أصدر مجموعة مدهشة من رواياته مثل القاهرة الجديدة وخان الخليلى وبداية ونهاية وزقاق المدق والسراب، ناهيك عن رواياته التاريخية الأولى «كفاح طيبة/ عبث الأقدار/ رادوبيس»، ومع ذلك لم تتجرأ السينما على التعامل مع رواياته مباشرة إلا بعد سبع سنوات كاملة من دخوله عالم الفن السابع!

بعد عام واحد تقريبًا، وفى 5 مارس 1954 عرض فيلم «الوحش»، وهو الفيلم الثانى الذى كتب له السيناريو نجيب محفوظ مع مخرجه صلاح أبوسيف، وفى المرتين كان اسم نجيب يكتب قبل صلاح، وكان اسماهما يأتيان بعد أسماء نجوم الفيلم وممثليه خالية من أى تفخيم أو إكبار!

فيلم جعلوني مجرما

أما فى 18 أكتوبر 1954 فقد شاهد الجمهور فيلم «جعلونى مجرمًا» للمرة الأولى، وقد شارك نجيب محفوظ فى كتابة سيناريو هذا الفيلم، كلا من السيد بدير ومخرج الفيلم عاطف سالم، وقد سبق اسم محفوظ الاثنين الآخرين! وبعد أقل من شهر، وفى 8 نوفمبر 1954 عرض فيلم «فتوات الحسينية» وهو أول فيلم يكتب قصته للسينما محفوظ نفسه، فضلاً على السيناريو، بمشاركة مخرج الفيلم نيازى مصطفى، ولعله أول أفلام الرجل عن أجواء الفتونة ومخاطرها، حيث إنه أثرى المكتبة العربية بعد ذلك بروايات آسرة تكشف عالم الحارات وصراع الفتوات مثل «أولاد حارتنا» و«الحرافيش».

فيلم درب المهابيل

يعد فيلم «درب المهابيل» أول فيلم يكتب فيه اسم نجيب محفوظ قبل أسماء نجوم الفيلم، إذ تظهر المقدمة هكذا «أفلام النجاح محمد فرج وشركاه تقدم درب المهابيل قصة نجيب محفوظ»، ثم تتوالى أسماء نجوم الفيلم، يعقبها كاتبا السيناريو محفوظ وتوفيق صالح مخرج الفيلم، وقد عرض هذا الفيلم فى 25 يوليو 1955، الأمر الذى يشير إلى أن صاحب الثلاثية قد أدركته حرفة السينما، وحقق فيها نجاحًا ملحوظاً، وقد سمعته غير مرة يقول ضاحكاً إن فترة عمله بالسينما كانت من أكثر الفترات التى تيسرت فيها أحواله المالية! «أفتح هذا القوس لأذكرك بما قاله فريد شوقى منتج فيلم جعلونى مجرمًا بأنه قد تعاقد مع محفوظ على 100 جنيه نظير كتابته لسيناريو هذا الفيلم».

لكن مع فيلم «النمرود» – عرض فى 7 مايو 1956 – تراجعت مكانة نجيب محفوظ بشكل واضح، إذ بعد أن كتبَ اسمه بمفرده على الشاشة، وفى البداية وقبل النجوم، فى فيلم «درب المهابيل»، وضعَ اسمه على الشاشة ضمن خمسة أسماء فى فيلم «النمرود»، ترأسها فريد شوقى بوصفه مؤلف القصة، ثم نجيب محفوظ ببنط أصغر، يليه محمود صبح والسيد بدير بوصفهما كتابى السيناريو، وفى الأخير السيد بدير كاتب الحوار! ثم ازداد الأمر سوءًا مع فيلم «الفتوة» الذى عرض فى 29 إبريل 1957، إذ تراجع اسمه على الشاشة بصورة ملحوظة، فقد كان ترتيبه الخامس من ستة أسماء كالتالى: قصة محمود صبحى وفريد شوقى/ سيناريو محمود صبحى/ السيد بدير/ نجيب محفوظ/ صلاح أبوسيف، وهو أمر ليس له تفسير سوى أن الرجل لم يكن منشغلاً بحجم اسمه وكيف يكتب وأين يوضع!

فيلم مجرم في اجازة

المجرم والطريق وجميلة

أما فى فيلم «مجرم فى إجازة» فقد ارتفع اسم محفوظ قليلاً، حيث جاء فى الترتيب الثانى على الشاشة، بعد كاتب القصة كامل التلمسانى الذى اشترك أيضا فى كتابة السيناريو، وقد عرض هذا الفيلم الذى أخرجه صلاح أبو سيف فى 10 مارس 1958، وفى خطوة جريئة كتب محفوظ للسينما قصة «ساحر النساء» ولم يشارك فى كتابة سيناريو هذا الفيلم الذى أخرجه فطين عبدالوهاب، واستقبله جمهور الشاشة البيضاء للمرة الأولى فى 21 إبريل 1958، وقد استعاد محفوظ مجده، حيث تصدر اسمه بالبنط العريض قائمة من ثلاثة أسماء آخرين كتبوا بخط أصغر!

المدهش أن نجيب محفوظ لم يجد أية غضاضة فى كتابة سيناريو رواية «الطريق المسدود» لإحسان عبدالقدوس، وهكذا عرض الفيلم الذى أخرجه صلاح أبوسيف فى 22 إبريل 1958، ليحقق نجاحًا كبيرًا آنذاك. وفى 20 أكتوبر 1958 عاد اسم نجيب محفوظ ليكون أول اثنين كتبا سيناريو فيلم «الهاربة» مع مخرجه حسن رمزى، أما فيلم «جميلة» ليوسف شاهين، فقد تصدر اسم محفوظ قائمة كتاب السيناريو، وهم: عبدالرحمن الشرقاوى، وعلى الزرقانى، ووجيه نجيب، فى حين أن القصة كانت من نصيب يوسف السباعى، وقد عرض الفيلم فى 9 ديسمبر 1958.

فيلم أنا حرة

المثير أن نجيب كرر تجربة كتابة سيناريو بشكل منفرد لرواية أخرى لإحسان عبدالقدوس، وهى «أنا حرة»، ويبدو أن العائد المالى لهذه المهنة كان مغريًا، ولا تنس أن نجيب محفوظ فى ذلك الوقت كان موظفاً حكوميًا يتقاضى نحو 50 جنيهاً كما قال فى أكثر من حديث. وقد عرض هذا الفيلم الذى أخرجه صلاح أبو سيف فى 12 يناير 1959.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى