أهم العناويننجوم و أفلام

نظرة تأمل لمشخصاتية بيلى وايلدر

«سينماتوغراف» ـ إسراء إمام

يحكى أن المخرج بيلي وايلدر، حينما تواتيه فكرة فيلم، يسعى إلى التعاقد مع الممثلين الذين يريدهم فى أدواره، قبل أن يشرع فى تنفيذه، وإن لم يحدث هذا على وجهه الأكمل الذى أراده، يمكن أن يتخلى عن الفكرة برمتها، طالما لم يتثن له الحصول على بطله المبتغى دون عينه. فيقول «أى فائدة تكون فى العمل على مضمون درامي رائع، يحتم عليك أن تأتى له بـ «سير أورانس أوليفيه»، و«أودرى هيبورن»، فى الوقت الذى لم يتيسر لك فيه ذلك».

المخرج بيلي وايلدر
المخرج بيلي وايلدر

إنه قرار يستحق التأمل، فهو مثير للجدل بما فيه الكفاية. قد يراه أحدهم أقصر الطرق لتخلى مخرج ما عن فيلمه، بحيث يرهن أولوية تنفيذه تحت قدم ممثل بعينه. بينما يعده آخرون انتماء مبالغا فيه من المخرج لتفاصيل تصّوره عن فيلمه. وبين مفترق طرق الإنطباعات التى قد تبدو متناقضة، لن تختلف حقيقة أن كلمات وايلدر فى النهاية، تشير إلى مبدأ ما، آمن به، وعمل على تحقيقه، رغبة منه فى أن يبلغ بفيلمه أقصى منطقة طموح، ترضى غرور خيالاته. فيبقى على منسوج إطاره الذهنى، من دون التخلى عن فتيل رقيق واحد. وأمام هذا التصريح، لا يسعنا سوى التمعن فى تأمل ممثلى وايلدر، والوقوف أمام أهم الأدوار التى قدمها على مدار مسيرته السينمائية. لعلنا بعد قدر من التفكر، نرى بعيون وايلدر من فوق مقعده فى استديوهات تصوير أفلامه.

أدوار بعينها

Ray milland _don birnam

The lost weekend 1945

The lost weekend 1945
The lost weekend 1945

قدم راى ميلاند مع وايلدر فى الفيلم دور مدمن كحول. ولأن سيناريو الفيلم ينطوى على معالجة متفردة لموضوع إدمان الكحول، الدور هو الآخر حمل من هذه الصيغة المستقلة بذاتها الكثير، فكل شىء بالفيلم يتمحور حول معاناة هذا الرجل المغيب، الذى لا يجد سعادته سوى فى الزجاجة والكأس. السيناريو يُقدم فترة مكثفة، وتوقيت محدد، للمعاناة النفسية البحتة التى سيحياها «دون بيرنام» بعدما يتخلى عنه أخوه، ويتركه ليواجه تبعات إدمانه وحده، إثر اخفاق مساعيه صوب مد يد العون له أكثر من مرة. فيجد المتفرج نفسه عالقا فى إطار خانق مرعب مع دنيا «بيرنام»، وبدون اللجوء لأى محاكاة مفرطة فى مأساويتها، يمحور وايلدر المناطق العاصفة فى السيناريو حول مدى كابوسية تدهور حالة مدمن الكحول، ويخلق عالما مصغرا لعقل “بيرنام” وهواجسه وخيالاته التى تتسع هوتها مع الوقت، لدرجة تتنامى فيها أجواء الرهبة وتعم حالة الفيلم وكادراته. أداء «راى ميلاند» دعامة أساسية فيما حدث، ساهمت فى بلوغ ذروة هذا الإحساس المفزع بنفس درجة تدرجه المقصود. فنجد راى فى المشاهد الأولى، متمهلا فى ردود فعله، وتعاطيه مع كل ما يدور حوله. متمكنا من عنق المعانى المتطرفة التى تطرق إليها السيناريو، محاولا فيها التعمق داخل العلاقة التى تجمع بين بيرنام والشراب، ولعل من أجمل وأقوى مشاهد «بيرنام» فى هذا الفيلم، المشهد الطويل الذى يتحدث فيه مع الساقى عن شعوره حيال تجربته. هنا وفى هذه النقطة تحديدا، تجد إلتحاما ما بين غرابة منطق السيناريو فى المعالجة، وبين شكل أداء «راى» الذى من المفترض أن يعبر عن نفس تعِبة ولكنها هادئة نوعا ما، لم تذق بعد ويلات التمادى فى أعراض إدمان الكحول السوداوية، ولكنه فى الوقت ذاته يوشى للمتفرج بفداحة لحظات الرعب القادمة.

Gloria swanson_norma desmond

Sunset blv 1950

sunset-boulevard
sunset-boulevard

نورما ديسماند من أشهر الأدوار التى قدمها وايلدر. إنها المُسنة التى تزاول هوسها بنجوميتها التى كانت، ويمنحها القدر فرصة لكى تجدد شبابها بدماء كاتب مبتدأ، تدفعه الظروف للعمل تحت يدها على سيناريو مزعوم ترغب فى إنتاجه لنفسها.

نورما شخصية مخيفة، على الرغم مما تملكه من سذاجة وبَلَه عقلى. وجلوريا سوانسون، بوجهها المنحوت وعينيها المحفورتين النافذتين، وقسماتها الرائقة المغلوبة على أمرها، قطعت أشواطا من الوصف يقف أى سيناريو أمامها مشدوها، ومشدودا صوب منطقة مفرغة من المباشرة فى ابراز الشخصية، لا تتوافر عموما فى أفلام بيللى وايدر. ولكن وجود سوانسون بكل مفرداتها الأدائية والشكلية، أطلق يد وايلدر متفرغا لتحقيق معادلات الإختلاف الخاصة ببصمته كمخرج وسيناريست حيال بقية عناصر فيلمه.

Kirk douglas_chuck tatum

Ace in the hole 1951

Ace in the hole 1951
Ace in the hole 1951

سيناريو آخر من سيناريوهات وايلدر التى لا تشبه إلا نفسها، الصراع الداخلى الخبيث، الذى لا يتمادى وايدر فى ضخه داخل نفس المتفرج بسهولة. تشاك الصحفى الموهوب فى قنص القصص الإخبارية، يقع بالصدفة على حادثة يتعرض لها أحد العمال، حيث يعلق تحت صخور كهف أثرى قديم. وبدلا من أن يساهم تشاك فى إنقاذه، يُسهب فى قطع الوعود الزائفة له، ويستغل حادثته صحفيا أسوأ استغلال.

الإطار الزمنى المحدد، والحدث الجلل ذاته. والخادع للمتفرج فى طلته المتأنية الخفيفة، والتى ستتحول شيئا فشيئا إلى فاجعة لن ينساها أبدا. ومن بين نقطة البدء التى تبدو فيها شخصية تشاك انتهازية، أنانية، معدومة الضمير. وبين نقطة النهاية التى ستتحول فيها الشخصية بدرجة نقيضة قد لا تصدقها إلا فى أفلام وايلدر، تكمن قيمة اختيار «كيرك دوجلاس» لأداء الدور.

Humphrey bogart_luins larrabee

Sabrina 1954

Sabrina 1954
Sabrina 1954

لاربى الكبير، الرجل المتقدم فى السن. الذى لا يأبه إلا بعمله، يتطوع لينقذ أخيه من التورط فى قصة حب وشيكة، قد تطيح بخطط العائلة المزعومة، وتضيع فرصة زواج ابنهم الأصغر من ابنة رجل أعمال سيعقدون من وراء شراكته مشروعا هاما. وبناء عليه، يُثابر لاربى على الفوز بقلب سابرينا ليشغلها عن أخيه، حتى تتم الزيجة بسلام. ولكن ما لم يعرفه لاربى أن هو من سيقع فى حب هذه السابرينة الجميلة.

ملامح بوجارت الطيبة، اللامبالية والحيادية. والتى ترجأ اشتعالها لوقت لاحق، هى الوحيدة القادرة على التعبير عن هذه الحالة العاطفية القوية التى أبقى عليها هذا الفيلم لنا حتى الآن. كما أنها تعد أداة هامة من أدوات تفسير تحول مشاعر سابرينا التى كنّتها صوب الأخ الأصغر إلى الأخ الأكبر تماما، وكما أراد الثانى، رغم إخفاق محاولاته الخبيثة الأولية لإغوائها بالمال، أمام تأكده من صدق مشاعرها. هذه المسافة غير المنطقية فى التغير التى يطأها وايلدر دوما مع شخصياته، كان لأداء بوجرت وطبيعة تكوينه الجسدي والنفسي كممثل الفضل فى تقديمها على أكمل وجه، سواء بالنسبة لحالة الفيلم عموما، أو بالنسبة للإنعكاسات التى تحدث لباقى الشخصيات. إخيتار بوجرت هنا كان كموجة البحر التى تُحرض المد المنتظر.

James stewart_slim

The spirit in st.louis 1957

The spirit in st.louis 1957
The spirit in st.louis 1957

يعود وايلدر فى هذا الفيلم لحالة التكثيف الزمنى والحدثى التى يعشقها، ولكن هذه المرة الأمر يبدو أكثر غرابة وجرأة. فيبقى مع متفرجه على مدار مدة ثلاثة أرباع فيلمه داخل طائرة، لا يتواجد بها سوى فرد واحد، وهو «سليم» جيمس ستيوارت. الرجل الذى قام بأول رحلة طيران فردية من نيوروك إلى باريس، بطائرة متواضعة الإمكانيات، قام بصنعها هو وفريق العمل الخاص به.

يمكننا هنا أن نتنبأ بشكل الصراع الذى سيتخلل هذا الشكل من المعالجة، ولكن لن يسعنا تقييم ما قدمه ستيوارت لتدعيم هذا التعقيد الذى سيتقدم على أساسه الحدث. فهو جزء لا يتجزأ من منظومة المتعة الذهنية والنفسية التى ينجح الفيلم فى خلقها. بشكل أو بآخر أنت تبدو متورطا مع هذا الطيار العنيد، حتى وهو يرتكب أكثر حماقاته. يهاجمه السيناريو فى الباطن أحيانا، ولكنه يعتمد على ستيورات ليرد عن بطله الهجوم، ويحافظ على عاطفة المتفرج لتبقى تؤازره حتى فى أحلك لحظات الحنق صوبه.

Charles laughton_sir wilfrid

Witness for prosecution 1957

Witness for prosecution 1957
Witness for prosecution 1957

سير ويلفريد، كما يوحى لك اسمه شخصية لن تنساها. محامى مخضرم، ضربه القانون فى مقتل فأعيا صحته، ولكنه ورغم تحذيرات الأطباء يُقبل على قضية جنايات بالغة الصعوبة، يتورط فيها بحدسه، ولا تفلح محاولاته لنفض يده منها. يملك من حِس الدعابة، ما يدفعك للضحك وليس فقط الإبتسام، وفى الوقت ذاته، يبدو يقظا شرسا، عنيفا إن لزم الأمر.

تدور معظم أحداث الفيلم فى المحكمة، المهاترات المعتادة والتى تُحمّى وطيس شكوكك حول براءة الجانى من عدمها، فى قصة كتبتها الشهيرة أجاثا كريستى. هذه الأجواء اليقظة، والمعارك الضارية التى ستحبس أنفاسك لن يمكن مقارنتها بأداء شارليس لاتون لشخصية سير ويلفرد. عادة تتوه أعتى الأداءات فى غمار سيناريو محبوك كهذا، وقصة تحمل فى جعبتها الكثير من المفاجآت كقصة كريستى. الطريف هنا، أن أداء شارليز، هو من طغى على كل هذا الزحام، وبدا ملحوظا جليا لا تخطئه عين، ولا يملك قلب إلا أن يقع فى غرامه. فهذا الحضور الخلاب الذى أطل به شارليز بكافة تفاصيله، يعيد إلى ذهنك إيمان وايدر بنجومه، وقدرته على خلق تفاصيل تناسب حجم أدائهم، بطريقة تعود على الفيلم بأكمله، وتؤكد على بصمة وايدر نفسه.

السير ويلفرد يحتقن، يتخابث، يطلق نكتة، يقشع بصوته غيمة المحكمة، يحدق بعينيه النمرتين ما يحدث، يثق، يتقلقل، ينخدع، ويخدع.. كل أحداث الفيلم، ستعلق فى ذهن المتفرج، بردات فعل شارليز لايتون وأدائه الذى غلب الشخصية التى سبق وخلقتها كريستى على الروق.

نجوم بعينها

Marlene dietrich

مارلين ديتريتش فى فيلم «a foreign affair»
مارلين ديتريتش فى فيلم «a foreign affair»

قدم وايلدر، مارلين ديتريتش فى نفس الدور تقريبا فى فيلمين، الأول فى فيلم «a foreign affair» عام 1948، والثانى كان «witness for prosecution». فكانت فى الفيلمين السيدة الألمانية التى تتورط فى علاقة غرامية مع ضابط أمريكى، مقابل الحصول على الطعام فى الفيلم الأول، وفى الثانى مقابل الزواج منه والهروب خارج بلدها. الدور الأول، لم يفسح أى مجال لقدرات ديتريتش، أما الثانى، فأمهلها القدرة لتلوح بقيمة صوتها الرخيم، ونظراتها الحادة، وظلها الأنثوى المفرط فى صرامته. فكانت هى المطلوبة بعينها لدور كريستين، التى تنقلب على زوجا منحها اسمه، وتشهد ضده فى قاعة المحكمة لتحصل على طلاقها منه.  فى أول إطلالة لديتريتش فى دور كريستين، يمنحها وايدر خصوصية ملفتة، تشير فى صمت إلى ما يخبئه دورها من منعطفات، وما ستمنحه هى من هيبة وجاذبية.

 

Audry hepurn

بيلى وايلدر وأودرى هيبورن وجراى كوبر
بيلى وايلدر وأودرى هيبورن وجراى كوبر

ظهرت هيبورن وايلدر فى فيلمين، خاواها بالقمر فى الكادر الشهير من فيلم «Sabrina» الذى تقف فيه ومن خلفها القمر يبزغ فى عتمة الليل. فكانت الفتاة الفقيرة المتطلعة إلى مخدومها الوسيم، والمتهورة نوعا ما فى الدفاع عن حبها، وعن إثبات وجودها أمامه. ومن ثم عاود تقديمها بإطلالة أكثر هدوءا وسحرا فى فيلم «love in the afternoon  1957»  فكانت الفتاة التى تقع تحت غواية رجل يكبرها بأضعاف عمرها، فتراهن على مشاعرها حياله، والتى تتحول فيما بعد إلى حب تأمل أنه سيوقعه فى شباكها. على الرغم من تشابه خطى الفيلمين، إلا أن هيبورن، بدت فيهما مختلفة بأنامل يد وايدر، الذى سخّر مقوماتها الأنثوية الخاصة، مع مرحلتها العمرية، وتركيبة الدورين، ليخلق من كل منهما على حدى شخصيتين مستقلتين. فيهما من سحر هيبورن، ومن شقاوة «سابرينا»، وتأنى «آرينا». حتى الإسمان متشابهان.

Marliyn Monroe

بيلى وايلدر ومارلين مونرو
بيلى وايلدر ومارلين مونرو

فى فيلم The seven years itch 1955  تسافر زوجة البطل، وتخلف وراءها زوجها فى مدينته الحارة وهواجسه الجنسية التى لم تعد مرتبطة بها. وفى هذا التوقيت الحرج، تحدث مفارقة هزلية، وتنقض على آخر رمق من نفس قد ادخره للمقاومة. فإذا بجارة شديدة الغواية، تسكن فى الشقة التى تعلوه. يقرر من فوره اقتحامها، وفض غشاء إخلاصه لزوجته الذى طال. ولكن الأمور لا تسير بهذه البساطة. والفضل يرجع إلى طبيعة هذه الفتاة. ولهذا السبب تحديدا،  اختار وايلدر مارلين مونرو، فهى ليست مجرد إمرأة صارخة الجمال وكفى. وإلا لحلت أخرى محلها، فما أكثر الشقراوات الجميلات. هذه الجارة بريئة، خجولة، شقية، طيبة، ساذجة، وذكية جدا. ولأنها تملك كل هذه المتناقضات، ستبدو عملية اغوائها شاقة على البطل قليل الخبرات، عديم التجارب مع النساء. ومن هنا ستتوالى عمليات الكر والفر التى صاغها السيناريو بحذق، وبهوسية وايدر المعتادة صوب حسر المُشاهد فى زمن ومكان وحدث، لن يخرج عن إطارهما كثيرا. صحيح أن معظم المجادلات البراقة فى السيناريو تأتى من داخل نفس البطل، إلا أن مونرو بكل صفاتها الملتحمة مع الشخصية التى انتقاها لها وايدر، بالتأكيد هى فتيل اشتعال رأس البطل وجسده وذهنه.

أما الفيلم الثانى الذى جمع وايلدر مع مونرو، كان Some like it hot 1959. هذا الفيلم بأكمله قائم على وجود مونرو. وهذه المرة قد لا نجد سببا فنيا أو سينمائيا وجيها، ولكن المعنى هنا أقرب لإستغلال جمال وحضور ونجومية مونرو لصالح اسم بيلى وايلدر عموما. وكأنه صنع الفيلم بأكمله كلفتة تقدير لجمال مونرو. فحتى اسم الشخصية «Sugar» يدلل على الفكرة ذاتها. بخلاف أن وايدر عاد ليمنح مونرو تذكارا آخر فى فيلم The apartment 1960 حينما كان أحدهم يُحدّث جاك ليمون على الهاتف، ويصف له أنه برفقة إمرأة مبهرة الجمال، لدرجة تشبه مارلين مونرو، ليراها ليمون فيما بعد ويجدها نسخة طبق الأصل عن مونرو بالفعل. ورغم مجافاة كل هذا عن منطق عمل وايلدر على سينماه، وتنافيه مع همه الأول فى اثراء قيمتها على المستوى العملى (وهو الأمر الذى لم يكن يهم وايلدر على الدوام، فهو من المخرجين الذين يتمعنون فى صناعة فيلم لن يقوى آخر على تكراره من بعده، ومن ثم يعود ليصنع بعده فيلما عاديا لمجرد أنه أحب فيه شيئا ما). إلا أن فيلم Some like it hot بالفعل ظل من أشهر أفلام مارلين، وكأنه منحها التكريم الخاص الذى أراده وايلدر لأنوثتها.

بيلى وايلدر وجاك ليمون
بيلى وايلدر وجاك ليمون

آخر كلمتين:

_ جاك ليمون من له نصيب الأسد فى بطولة أفلام وايلدر، منذ عملهما معا فى فيلم Some like it hot. فأطل ليمون من بعده مع وايلدر فى فيلم The apartment بدور الموظف قليل الحيلة والذى يستغل رؤساءه شقته رغما عنه مقابل تأهيله فى عمله، ومن ثم دور الشرطى النزيه الذى يجد نفسه فى مواجهة سوق دعارة منظم يكمن فى حى خدمته Irma la douce 1963، والمصور الذى يتمادى فى إدعاء حجم إصابته فى أحد المباريات ليحصل على تعويض مادى The fortune cookie 1966،  وفى Avanti 1972 يقدم دورا إنسانيا متميزا لرجل تنقلب حياته العملية الرتيبة إلى مغامرة انسانية شعورية بحتة وقدرية، أما أجمل أدواره كان فى The front page 1974 الصحفى الذى يتصدى لقضية اعدام محاطة بأجواء حكومية فاسدة، كما إنه كان بطل آخر فيلم وايلدر Buddy Buddy 1981. جاك ليمون له خصوصيته كممثل بالتأكيد، فلن تجد له مثيل حينما يتطلب الدور تلك النزعة الساخرة الجامدة مع اللفتات الإنسانية والكوميدية القوية. وورغم أن هذه المواصفات تتماشى مع الأدوار التى خصه بها وايلدر، يبقى سؤال، هل توقف كل هذا الإصرار على تكرار التعامل على نظرية وايلدر فى الإنحياز لإختيار ممثليه فنيا، أما الحميمية التى جمعته بليمون على المستوى الشخصى خلقت سببا موازيا.

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى