هل تزيح آبل وأمازون ونتفليكس «هوليوود» من الإنفراد بعرش السينما؟
الوكالات ـ «سينماتوغراف»
هل كان يتخيل الناس، في نهايات القرن الماضي، أنه يكفي فقط أن يملك خدمة تسمى “إنترنت” ليتمكن من مشاهدة جميع الأفلام والمسلسلات حسب طلبه بمميزات تختلف عن السينما والتلفزيون؟ وأنه سيمكنه تقديم وتأخير الفيديو أو إيقافه حسب رغبته؟. إذ أصبح هذا التخيل -الذي رُبما لم يرد على ذهن الكثيرين- واقعاً لا يمكننا الاستغناء عنه الآن، بل وانطلقت عدة شركات خاصة لتقديم هذه الخدمة المميزة، كما دخلت في سباقات للفوز برضا المشاهدين، وبالجوائز العالمية.
نتفليكس.. إنتاج خاص وجوائز عالمية
انطلقت نتفليكس رسمياً على الإنترنت عام 1998، وبدأت الشركة خطتها الأصلية بتقديم الأفلام حسب طلب المشاهدين على الإنترنت، وبيع DVD، ثم اتجهت من تجارة تأجير الأفلام إلى إنتاج بعض الأفلام والمسلسلات لحسابها الخاص عام 2013، وبدأت بالمسلسل الأشهر House of Cards.
عام 2013، كانت الشركة قد حققت أول مليون مشترك في الخدمة، لكن 93.8 مليون مشترك يمثلون الآن جمهوراً يشاهد ما يقارب الـ10 مليارات ساعة من الفيديوهات شهرياً، فيما تقدر قيمة الشركة بحوالي 60 مليار دولار، ويأتي الموقع رقم 36 عالمياً في عدد مرات الدخول.
وقد رشحت نتفليكس 707 مرات لجوائز عالمية عن إنتاجها الأصلي، ربحت منها 146 جائزة، كما رشحت لأول أوسكار عن الفيلم المصري “الميدان”، في عام 2014، بعد دخولها عالم الإنتاج بعام واحد، وكان هذا هو عام الجائزة لنتفلكس، إذ ربحت للمرة الأولى أوسكار أفضل وثائقي عن فيلم White Helmets.
وتسعى نتفليكس حالياً إلى زيادة إنتاجها الأصلي ليصل إلى 50% من حجم المعروض على موقعها في خلال سنوات قليلة.
أمازون.. المنافس الأول والأوسكار الأول
تعد أمازون المنافس الأكبر لنتفليكس، إذ قدر استبيان عام في الولايات المتحدة نسبة الإنتاج الأصلي الذي يهتم الناس بمتابعته بحوالي 49% لأمازون مقارنة بحوالي 60% لصالح نتفليكس.
الشركة التي تعد الأكبر في خدمات البيع عبر الإنترنت، أطلقت خدمة Amazon Prime عام 2005، كخدمة للشحن السريع لحوالي مليون منتج خلال يومين فقط، بالإضافة إلى إمكانية الوصول إلى آلاف الأفلام والمسلسلات والموسيقى والكتب بلا حدود، وأعادت إطلاق خدمة أمازون فيديو باسم Amazon’s Prime Instant Video عام 2011، بعد أن كانت قد أطلقتها للمرة الأولى عام 2006، لتصل معها Amazon Prime إلى 54 مليون مشترك عام 2016.
بدأت أمازون إنتاج المحتوى الأصلي عام 2015، بـ5 عروض أصلية، و، كما رشحت لـ6 جوائز أوسكار عن فيلم Manchester by the Sea، لتكون بذلك أول شركة تقنية يرشح لها فيلم روائي للجائزة الأشهر عالمياً، وكانت نتفليكس قد سبقتها للترشح ببعض الأفلام من إنتاجها، ولكنها كانت أفلاماً وثائقية.
يذكر أن أمازون ربحت أوسكار “أفضل سيناريو أصلي” هذا العام، لتكون بذلك أول شركة تقنية تربح الأوسكار على الإطلاق، ونال بطل الفيلم، كايسي أفليك أوسكار أفضل ممثل رئيسي، بينما ربح الفيلم الإيراني The Salesman جائزة أفضل فيلم أجنبي، وهو من توزيع Amazon Studios.
وكانت أمازون قد قلدت شركات صناعة السينما بإطلاقها للفيلم أولاً فيدور العرض، قبل إتاحته على الإنترنت لمشتركيها.
هل تغير آبل من شكل المنافسة؟
لا يزال التنافس قائماً بين أمازون ونتفليكس، حيث يُتاح الوصول للشركتين من معظم دول العالم تقريباً (حوالي 200 دولة)، وتتسابق كل منهما على توسيع قاعدة المشتركين لتصل إلى 130 مليون مشترك لصالح نتفليكس بحلول عام 2020، و64 مليون مشترك لصالح أمازون بحلول العام نفسه.
المنافسة العالمية المحتدمة بين الشركتين، قد تدفعهما إلى تقليل الاشتراك السنوي المدفوع وإنتاج العديد من المحتوى الأصلي المعروض للجمهور.
وقد أصبحت المنافسة أكثر حدة مع دخول العملاقة، آبل، للمنافسة، من خلال Apple Music، وهي الخدمة التي أطلقتها عام 2015 ليصل عدد المشتركين بها نهاية عام 2016 إلى 20 مليون مشترك.
ومع دخول الشركة في عدة مفاوضات مع المنتجين لشراء حقوق بعض البرامج انتهت إلى الإعلان عن إنتاجها لبرنامج Planet Of The Apps، كما أعلنت عن إنتاج سلسلة Carpool Karaoke، الذي كان برنامج توك شو لشبكة CBS، بعد الاتفاق مع الشبكة الصيف الماضي.
هناك شائعات أيضاً عن إنتاج آبل 6 مسلسلات صغيرة أخرى، ولكن قلة عدد البرامج أو الأفلام التي تنتجها آبل تجعلها غير قادرة على منافسة المنتجين الكبار مثل أمازون ونتفليكس، إلا أن شركة بحجم آبل تجعل منافسيها في حذر دائم.
المنافسة حادة ولكن هوليوود الأقوى
المنافسة الحادة بين شركات التقنية للحصول على أكبر عدد من المشتركين وإنتاج المحتوى الأصلي قادت إلى المنافسة مع شركات الإنتاج في هوليوود.
وعلى الرغم من معدلات الإنفاق الكبيرة التي تنفقها الشركات التقنية للحصول على المحتوى الأصلي ما زال المنتجون في هوليوود يحصلون على النصيب الأكبر من الإنتاج.
ربما يكون ذلك لقلة الخبرة المتوفرة لدى شركات التقنية بالمقارنة مع المنتجين الكبار في هوليوود، وكثرة الموارد وحجم الاستوديوهات لدى الشركات الأم، التي تسمح بإنتاج العديد من المحتوى أو تحويل العروض المسرحية إلى أفلام أو مسلسلات.
أما بالنسبة للمنافسة بين شركات التقنية فيعتقد الكثيرون أن نتفليكس تنتج محتوى أكثر إثارة للاهتمام من منافسيها. الشركة التي تقود خدمة البث عالمياً أعلنت عن عرضها 1000 ساعة من المحتوى الجديد فى 2017، إذ ستنفق 6 مليارات دولار لهذا المحتوى.
ما زالت الشركات التقنية تتقدم ببطء في صناعة المحتوى الأصلي، وربما تنجح نجاحا مذهلاً إذا قامت باستقطاب كبار المخرجين والمنتجين في هوليوود لصناعة محتوى أكثر تميزاً، الأمر الذي يجذب المشاهدين بتخليصهم من البرامج المفروضة بمواعيد محددة والانتظار أياماً وربما سنوات لمتابعة المحتوى المفضل على القنوات التلفزيونية، وهي قيود يمكن الاستغناء عنها ومتابعة خدمات البث على الإنترنت.
وبعد حصول أمازون على الأوسكار التي تعد الجائزة الكبرى التي يطمح لها أي صانع محتوى سينمائي، تستطيع شركات التقنية الآن منافسة هوليوود، ولفت أنظار صناع السينما، والمراهنة على التميز والحصول على محتوى أكثر للعرض على مواقعهم.