أحداث و تقاريرأهم العناوينسينما أمريكية

هوليوود تغازل النساء لضمان تأثيرهن في إيرادات شباك التذاكر

الوكالات ـ «سينماتوغراف»

يبحث مخرجو الأفلام السينمائية الكبرى – بما فيها فيلم «حرب النجوم» و سلسلة أفلام «مارفل» – عن وسيلة لجذب جماهير الجنس اللطيف ليشاهدوا أفلامهم أكثر من أي وقت مضى، كما يقول الناقد الفني توم برووك.

هل نظرت حولك وأنت تشتري بطاقة لدخول قاعة سينما مؤخراً؟ إذا كنت فعلت ذلك فلعلك لاحظت أن الهوّة التي تفصل بين الجنسين تتقلص. فقد أصبح للنساء تأثير فاعل أكثر مما مضى على مبيعات تذاكر دخول السينما.

في عطلة نهاية الأسبوع الأخير من شهر إبريل، حقق فيلم «المنتقمون: عصر ألترون» في أمريكا الشمالية 191 مليون دولار أمريكي، وهو مبلغ كبير جدا. وبهذا يكون الفيلم هو ثاني أكبر افتتاح لأفلام هوليوود في شباك التذاكر الأمريكية على الإطلاق.

ومما لا شك فيه، يعود معظم هذا النجاح إلى أفواج رواد السينما من المراهقين الذكور الذين اختاروا ذلك الفيلم. لكن ثمة ثورة مصغرة تقودها النساء تحدث في طبيعة جمهور شباك التذاكر.

كانت الظاهرة تلفت الانتباه بشكل خاص في الربع الأول من هذه السنة في الولايات المتحدة الأمريكية، عندما شكلت النساء ما لا يقل عن 60 في المئة من مشاهدي ثلاثة أفلام، هي «50 ظلا من الرمادي»، و«سندريلا»، و«المتمردة»، وهو الجزء الثاني لفيلم «دايفرجنت»، وقد تجاوز مجموع دخل الأفلام الثلاثة مبلغ 480 مليون دولار في أمريكا الشمالية حتى الآن، وهذا له دلالات مهمة.

«لقد أثبتت تلك الأفلام أن للنساء أهميتهن الكبرى في شباك التذاكر»، حسبما يقول بول ديرغارابيديان، محلل إعلامي لدى شركة «رينتراك» المختصة بدراسة وتحليل شباك تذاكر السينما.

يمكن حاليا إدراك القوة المتنامية لجمهور النساء عبر مجمل مجالات الإعلام – إضافة إلى قدرتهن على جعل الأفلام تلبي متطلبات النسوة وجوانب أخرى أبعد من ذلك.

يقول الممثل البريطاني مايكل شين: «تركز ريس ويذرسبون حقاً على خلق مزيد من الأدوار لنفسها ولغيرها من النساء». ويعتقد شين أن النساء يحرزن تقدماً في هذا الإطار. ويضيف قائلاً: «أظن أن تركيبة الجمهور تتغير (وبالتالي) فأي شيء لا يتعلق برجال بيض البشرة في منتصف العمر يمكنه أن يحقق نجاحاً كبيراً أيضاً».

إن قدرة النساء على توجيه دفة شباك التذاكر ليست أمراً مدهشاً بالنسبة للممثلة القديرة كاري موليغان، فهي تعتقد أن الاستديوهات تباطأت في إستثمار نفوذ النساء ومقدرتهن. وتقول: «أعتقد أن هوليوود تعمل بطريقة أو بأخرى للحاق بالركب قليلاً. فقد تأكد ذلك مراراً وتكراراً خلال العامين الماضيين، وخاصة مع جينيفر لورنس في فيلم «مباريات الجوع» (أي يمكن للأفلام التي تلعب فيها النساء دورا رئيسياً أن تلاقي نجاحاً كبيراً) ».

وتضيف: «إنه واحد من أكبر أفلام العقد الماضي. إنها نجمة، وهي التي تستقدم حشود المشاهدين. لذا، يمكننا بالتأكيد أن نجذب جماهير غفيرة من رواد السينما. ويعود القرار لهوليوود إذا كانت قد استوعبت ذلك لتلحق بالمسيرة، وأن توفر المواد للمهتمين بالأمر».

Scarlet Witch

سيشهد الصيف القادم سيلاً من الأفلام التي تستهدف النساء: فهناك أفلام كوميدية مثل فيلم «المطاردة» و «طبقة الصوت المثالية 2»، و «الجاسوسة»، إضافة إلى الفيلم الرومانسي «مدن الورق».

ما السبب في بطء صناعة الأفلام الأمريكية في تلبية رغبات الإناث من جمهور المشاهدين؟، وهل يكمن السبب في التمييز بين الجنسين؟ يقول ديرغارابيديان: «أعتقد أن ذلك يعود جزئياً إلى أن (التفكير التقليدي) قد عمد دوماً (للميل في هذا الاتجاه)… أي نحو الاعتقاد بأن الذكور من المشاهدين، الذين تتراوح أعمارهم بين 18-24 عاماً، يشكلون الغالبية من رواد السينما وخاصة خلال فصل الصيف».

إلا أن هذه الفكرة صارت تُهمل. ويضيف قائلاً: «الأرقام لا تكذب. في نهاية المطاف، يلجأ أصحاب الاستديوهات إلى ذرائع، بينما الأرقام واقعية – فهم يدركون إنهم إذا أرادوا دفع أعداد كبيرة من الزبائن إلى قاعات السينما، فيتوجب عليهم خلق مادة سينمائية تخص شريحة سكانية ذات نفوذ قوي، ألا وهي جمهور المشاهدات».

في أوائل هذا العام، ساور القلق أصحاب الاستديوهات بسبب تعثر العديد من الأفلام التي إستهدفت الشبان – من بينها «تشابي» و «صعود جوبيتر» و «المسلّح». لكن التحدي الكبير حالياً هو البدائل التي تفرض نفسها بوجودها في بيوتنا والتي تنافس من أجل جذب انتباه هذه التركيبة من الجمهور.

يقرّ ماثيو بَير بأنه «ما من شك في أن ألعاب الفيديو وخدمات الفيديو عند الطلب قد استهوت الكثيرين من الشبان واهتماماتهم بدلاً من الذهاب إلى قاعات السينما». وبَير هو مخرج فيلم «آرنولد شوارزنجر» المقبل الذي يحمل اسم «ماغي».

لا زال جمهور المشاهدين الشباب يحضرون أفلاماً نالت شعبية لديهم مثل «حرب النجوم» و «المنتقمون»، ولكنهم يمثلون مجموعة يصعب إرضاؤها. يقول بَير : «المعضلة هي، كيف يمكنك أن تدفع الشبان إلى قاعات السينما ليحضروا أفلاماً غير أفلام الرعب، أو أفلاما ذات مشاهد تبهر البصر، وأن يغيروا أذواقهم؟».

أما الممثلة كاري موليغان فتعتقد أن للمشاهدين من الشباب ذوق أرحب مما يتصوره الكثيرون – على الأقل، كان ذلك ما لاقته في أول عرض لفيلم «بعيداً عن الحشد الصاخب» في لندن، والذي تلعب فيه دوراً رئيسياً.

تقول موليغان: «التقيت بأناسٍ محبوبين حقاً في العرض الأول بلندن كانت أعمارهم 14 أو 15 سنة، ممن حضروا لمشاهدة الفيلم. لم يتوسل إليهم أحد، أو يصرخ في وجههم ليحضروا الفيلم. أظنّ أنه بمقدورك التمتع بحضور الأفلام الكلاسيكية دون أن تكون من الجنس اللطيف. لذا، أعتقد أنه غالباً ما يتم التقليل من شأن جمهور المشاهدين».

نستطيع أن نجد البرهان القاطع على إمكانية جذب جمهور متنوع من المشاهدين من خلال فيلم «ملكة الثلج» (فروزن). فقد صدر عام 2013، وهو فيلم رسوم متحركة موسيقي يدور حول أختين أميرتين.

كان يُنظر إلى الفيلم باعتباره ترفيهياً للإناث، وربما أعتُبر كذلك لصغار الفتيات وأمهاتهن عند عرضه لأول مرة. لكن انتهى الأمر بالفيلم ليصل إلى جمهور واسع من المشاهدين، ووصلت إيراداته على مستوى العالم 1.27 مليار دولار أمريكي، ليصبح بذلك خامس أضخم فيلم في التاريخ من حيث إجمالي الإيرادات.

وتبين آخر الأرقام أن نسبة النساء بين رواد السينما في الولايات المتحدة الأمريكية بلغت 51 في المئة في عام 2014. لا تكمن أهمية الأمر في عددهن فقط، فبحسب قول ديرغارابيديان: «أصبح رواد السينما من الإناث جمهوراً موثوقاً به»

ويرى ديرغارابيديان أن النساء لا ينجذبن فقط إلى أفلام «نسوية» تقليدية، بل يتعدى الأمر إلى مدى واسع من الأفلام.

تبعاً لذلك، عدلت بعض الشركات الكبيرة أوضاعها عن طريق إضافة شخصيات نسائية إلى أعمالها– كجزء من إستراتيجية مدروسة لتلبية حاجات جمهرة كامنة من المشاهدين بالكامل، وليس الرجال فقط.

فقد ظهرت في فيلم «المنتقمون: عصر ألترون» بطلة نسائية جديدة، وهي إليزابيث أولسن، لتقوم بدور «الساحرة القرمزية». كما تخطط شركة «دي. سي. كوميكس» لإنتاج فيلم «المرأة المعجزة» ليعرض أمام المشاهدين في عام 2017.

أما شركة «مارفل كوميكس» فقد أعدت لنفسها بطلة في الصدارة ضمن أبطال فيلم «الكابتن المعجزة» الذي يجري العمل على إنجازه ليعرض عام 2018.

ربما يبدو للبعض أن أدوار هذه الممثلات مثيرة للإعجاب، ولكن الكثيرين يعتقدون أن التقدم الحقيقي سيحدده فقط أصحاب القرار في عالم صناعة الأفلام.

ففي الأساس، ليس المخرجون أو المنتجون وحدهم، بل أصحاب النفوذ من المديرين التنفيذيين في الاستديوهات الذين يقررون ما إذا كان الضوء الأخضر سيعطى للأفلام التي تلبي طلبات جمهرة النساء من رواد السينما.

كانت الممثلة الكوميدية «ريتشيل هاريس» عضوة في لجنة التحكيم لمنح الجوائز للنساء من صانعات الأفلام في «مهرجان تريبيكا السينمائي» الذي أقيم مؤخراً. وتقرّ هاريس بأن كبار المنتجين المنفذين في استوديوهات هوليوود، ومعظمهم من الرجال، ما زالوا يقاومون إنتاج أفلام أكثر للنساء.

تقول هاريس: «إنها تبدأ منّا نحن، فعلينا أن ندع نساءً أكثر يتبوأن مراكز بارزة في عالم صناعة الأفلام. علينا أن نضعهن في تلك المراكز لكي يقال إن النساء قادرات على العمل بنجاح».

ليس من المعلوم إن كان تقلد النساء لمراكز قيادية بارزة سيؤدي تلقائياً إلى صناعة أفلام تلبي حاجات المرأة وتخدمها. لكن يبدو أن كاثلين كينّي، رئيسة شركة «لوكاس-فيلم» التي تشرف على صناعة أفلام «حرب النجوم»، لها تاثير ملموس.

ففي الإحتفالية الخاصة بفيلم حرب النجوم التي أقيمت مؤخراً في ولاية كاليفورنيا، قالت كاثلين في حلقة نقاشية إن الأفلام الجديدة ستتميز بـ «عدد كبير من شخصيات (نسائية) جديدة ورائعة».

هناك بالفعل علامات على وجود تغيير. فنحن نرى أن فيلم «حرب النجوم –الجزء السابع: القوة تنهض» مليء بسطوة النساء – فقد أعطيت الممثلات ديزي ريدلي، و غويندولين كريستي، ولوبيتا نايونغو الحائزة على جائزة الأوسكار، أدواراً مهمة في ذلك الفيلم. كما ستلعب الفنانة فيليسيتي جونز الدور الرئيسي في أول جزء لاحق لـ«حرب النجوم»، وعنوانه «المارقة».

عندما نأخذ في الاعتبار هذه التطورات وأفضل السجلات الحديثة لأفلام لاقت نجاحاً منقطع النظير على شباك التذاكر بفضل النساء، فان ما هو آتٍ سيكون عظيماً.

«إنها حدود جديدة،» كما يصرّ «ديرغارابيديان»، مضيفاً: «أخيراً صارت هوليوود تستفيد من الجماهير الغفيرة لرواد السينما من النساء».

التغييرات الطفيفة تجري على قدم وساق، وقد وصلت الآن إلى نقطة تحول مهمة. إذا تجاهل أي مسؤول كبير في استديوهات السينما النفوذ التجاري المتزايد للنساء في صالات السينما فذلك يعني أنه لا يجاري الزمن.

إن المصلحة المالية والتجارية هي التي تدفع نحو هذا التقدم، وليست المثل العليا نحو المساواة بين الجنسين. ولكنه تقدم على أية حال – وهو تغيير كبير مقارنة بسنوات قليلة مضت عندما لم تكن هوليوود تضع جمهور النساء في حساباتها بتاتا.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى