وثائقي فلسطيني عن تجارب السجن الإسرائيلي بـ «برلين السينمائي»
الوكالات ـ «سينماتوغراف»
يقدم المخرج الفلسطيني، رائد انضوني، فيلماً وثائقياً في مهرجان برلين للسينما يستند إلى تجارب مجموعة من المعتقلين الفلسطينيين السابقين في السجون الإسرائيلية يقومون باستحضار تفاصيل يومية من تلك الفترة، ويعيدون عيشها في حاضرهم من خلال روايتها وتمثيل أجزاء منها.
يشارك فيلم “اصطياد أشباح” في تظاهرة بانوراما في الدورة السابعة والستين من المهرجان، وهو يروي تجربة الاعتقال التي عاشها حتى الآن آلاف الفلسطينيين من بينهم المخرج نفسه، على ما يورد الفيلم مستنداً إلى إحصاءات حقوقية فلسطينية.
ويقدم العمل شهادة لم يسبق تقديمها على هذا الشكل في السينما الفلسطينية، حيث تنفذ الكاميرا إلى أثر الاعتقال في نفوس مجموعة مختارة من الفلسطينيين يتحولون سريعا إلى ناطقين أو مجسدين لتلك المعاناة التي ذاقها آلاف الشباب الفلسطينيين.
وإن كان الفيلم يحيل إلى تجربة الاعتقال بشكل عام فهو يتحدث تحديداً عن سجن المسكوبية الإسرائيلي الشهير، نتيجة كم التعذيب الذي يتعرض له السجناء فيه خصوصاً خلال فترة التحقيق.
رفض المخرج رائد انضوني الذي أمضى ثلاث سنوات في السجون الإسرائيلية أن يتناول هذه التجربة متحدثاً عن نفسه، بل أراد التدليل على أنها تجربة جماعية ولا يمكن استرجاعها إلا عبر المجموعة التي عاشتها بكل عذاباتها وتفاصيلها قبل إعادة تركيبها.
وحتم هذا الأمر على المعتقلين السابقين الذين ينتمون إلى أجيال مختلفة إعادة بناء لسجن المسكوبية مع تركيب زنزانات بألواح خشبية داخل مرآب مقفل لا يصله النور، ليستعيدوا التجربة بحذافيرها وبأحلامها حتى التي تنقذهم أحياناً من قساوة التعذيب.
يحضر المكان في الفيلم بتفاصيله، بحسب خريطة وضعها السجناء، معتمدين على ذاكرتهم لذلك السجن وغرف التحقيق فيه فيؤدون في آن أدوار السجانين والضحايا مع كل ما يتخلل ذلك من مواقف وعنف وألم.
أحدهم يعترف أمام الكاميرا بأن إعادة عيش التجربة أراحته نفسياً وأخرجت ما كان كامنا بداخله ليتمكن من الفرح مجددا مع أسرته، بينما يكمل آخرون أداء التجارب القديمة التي ما زالت حية في وجدانهم.
ويوضح رائد انضوني قائلا: “عملت بالتنسيق مع جمعية للأطباء النفسيين الذين حضروا خلال التصوير ولم أكن بمفردي في مواجهة حكايات السجناء وتجاربهم الموجعة”.
وجميع المعتقلين في سجن المسكوبية وغيره من السجون الإسرائيلية هم معتقلون سياسيون أو سجناء إداريون ممن لا توجه إليهم أي تهمة ولا يحاكمون من قبل السلطات الإسرائيلية.
ويركز الفيلم على أن الاعتقال يطال الآباء والأبناء على حد سواء ومن كل الأعمار. وتشير تقارير حقوقية، أبرزها تقرير لمنظمة “هيومن رايتس ووتش” إلى ازدياد حالات اعتقال أطفال ومراهقين يتعرضون لأساليب الترهيب والضرب والتعذيب نفسها التي تعتمد مع الكبار.
وقالت سارة بشاي، مديرة مكتب “هيومن رايتس ووتش في إسرائيل وفلسطين في تقرير أخير إن “الأطفال الفلسطينيين يعاملون بأساليب كفيلة بإرهاب البالغين وإصابتهم بالصدمة.”
ويهدي المخرج فيلمه إلى المعتقلين الفلسطينيين جميعاً، وخصوصاً إلى معتقل سابق أعيد اعتقاله بعد تصوير الفيلم.
وينقل الفيلم انعكاس فترة السجن على المعتقلين بعد خروجهم من السجن.
فيروي أحدهم كيف اعتقل وهو في مقتبل العمر ليخرج بعد ثماني سنوات من دون أن يذوق مرة طعم الحب.
وغالباً ما يلجأ المعتقلون الفلسطينيون إلى الإضراب عن الطعام، احتجاجاً على احتجازهم الإداري من دون توجيه أي تهمة إليهم.