مراجعات فيلمية

«وجه».. رؤية فلسفية للمشاعر والمظاهر الإنسانية

الجونة ـ «سينماتوغراف»: انتصار دردير

هل يمكن أن تتغير حياة المرء على هذا النحو المفاجئ فيصبح غريباً بين أهله مكروهاً بين محبيه لملامحه المخيفة بعد أن كان نموذجاً للوسامة؟!.

يطرح الفيلم البولندي Mug الذي يعرض في القسم الرسمي (خارج المسابقة) بمهرجان الجونة السينمائي من اخراج مانجورزاتا شوموفسكا، رؤية فلسفية لذلك من خلال قصة بطله الذي يتعرض لحادث فيحيل حياته إلى جحيم.

يبدأ الفيلم بمشهد كوميدي لا يُنبئ عن طبيعة أحداثه لكنه يكشف قدر المعاناة التي يعيشها سكان البلدة، حيث يعلن أحد المتاجر عن تخفيضات هائلة مشترطاً أن يخلع الناس ملابسهم ويبقون بالملابس الداخلية ليحصلوا على السلع المجانية، فيسارع الجميع رجال ونساء بخلع ملابسهم قبل الدخول ويتحول الأمر إلى سباق وصراع لحمل ما استطاعوا من سلع وأجهزة.

يداعب حلم الهجرة إلى بريطانيا أو أمريكا الجميع بل إنه يثير أزمة بين امرأة وزوجها حينما يحاول اثناء شقيقها الشاب عن السفر، مؤكداً له صعوبة ذلك وأنه سيضطر لغسل الأطباق فتنهره بشدة وترفض أن يحبط من عزيمة شقيقها لعله يستطيع في وقت لاحق أن يأخذ بيدها وأطفالها.

وبينما البلدة كلها تتطلع لإقامة أكبر تمثال للسيد المسيح، يبدو الجميع مهتمون بهذا الحدث، حيث تتواصل ترانيم الكنيسة في كثير من مشاهد الفيلم.

يشارك “فوستيك” عامل البناء الوسيم في بناء التمثال وخلال عمله يسقط في حادث وتجري له جراحة هي الأولي من نوعها بزراعة وجه آخر له ليصبح حديث البلدة ووسائل الإعلام وسكان القرية.

الفيلم يكاد ينقسم إلى قسمين قبل وبعد الحادث في مقارنة أرادها المخرج ليكشف من خلالها الكثير مما يعتمل في نفوس ابطاله بدءاً من فوسيتك وأسرته واستغلال شركات الدعاية له والضغوط التي يتعرض لها مع تغير كل شيء حوله.

هل نصافح الناس بوجوهنا فقط، وماذا لو تغير الوجه وتبدلت الملامح بينما القلوب لاتزال تنبض بالحب؟، يطرح السيناريو تساؤلات عديدة وبطله يواجه رفض الجميع وأولهم حبيبته.

وفوق نفس الجسر الذي طلبها فيه للزواج وعانقها وحملها بين ذراعيه، يعود ويلتقيها بعد الجراحة وحينما يذكرها بما مضي ترد أنها لا تفهم كلامه بعدما تأثر نطقه عقب الجراحة، وتخرج من حياته بينما يتابعها في مشاهد تالية وهي تراقص آخر.

تستعرض الكاميرا الأجواء الباردة في القرية والتي تعكس برودة الحياة التي صار على فوستيك أن يحياها مع نظرة الجميع باشمئزاز له حتى أمه التي تعترف للقس (لم أعد أشعر أنه ابني).

ورغم المشاهد التي يحفل بها الفيلم عن الارتباط الأسري حيث يلتقي الجميع على مائدة واحدة والتدين في حرصهم على الذهاب للكنيسة واستشارة الواعظ في أدق مشاكلهم وأسرار حياتهم، إلا أن الفيلم أراد التأكيد على أن تلك المظاهر سقطت أمام أزمة البطل الذين تخلوا عنه ونبذوه، ويؤدي دوره ببراعة كبيرة في الشخصيتين الممثل Mateusz kosciuklewicz.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى