مراجعات فيلمية

«ولدي» مرثية الآباء في مواجهة الدواعش

الجونة ـ «سينماتوغراف»: انتصار دردير

في أحدث أفلامه “ولدي” يأخذنا المخرج التونسي محمد بن عطية إلي عذابات الآباء في مواجهة قضية باتت تهدد المجتمع العربي، بعدما نجحت الجماعات الإرهابية في استقطاب بعض الشباب من صغار السن والمراهقين الذين يمكن التأثير عليهم بسهولة للانضمام إليهم تحت دعوي الجهاد في سوريا.

لا يتطرق المخرج إلي أسباب أو دوافع عن انضمام شاب لأسرة مستقرة لا تعاني من اية مشاكل، وانما يعني بشكل خاص بالآباء ووقع ذلك عليهم وحيرتهم المجنونة في مواجهة عدو خفي تسلل إلي أغلي ما يملكون، فلذات أكبادهم.

في أول مشاهد الفيلم يستيقظ الأب علي صوت ابنه الشاب (19 عاماً) الذي يعاني متاعب مفاجأة ويتعرض للقيء ويصاب بدوار فيحمله بمساعدة الأم إلى غرفته ونلحظ قلقهما الشديد واصطحاب الأب له لإجراء تحاليل ومناقشته مع الطبيبة حتى يطمئن على حالته ويطمئن ابنه الوحيد الذي ينشغل الاب والام بكل شيء يتعلق بحياته ودراسته وامتحاناته في السنة النهائية للمرحلة الثانوية.

اختار المخرج الممثل المخضرم محمد ظريف ليؤدي دور الأب بعد غياب طويل منذ قدم فيلمه الأول “ريح السد” مع المخرج نوري بوزيد عام 1986، ويبدو أنه اختزن كل خبراته كممثل من أجل هذا الدور الذي نجح في أدائه بشكل صادق، معبراً عن أدق مشاعر القلق والرعب حين يستيقظ ذات يوم ليكتشف اختفاء ابنه من المنزل وبينما يفكر أين ذهب في ذلك الوقت، وهل تعرض لمكروه يتفاجأ بأن الأبن قد جمع ملابسه ومتعلقاته وخرج دون أي مقدمات تنبئ بذلك.

بينما يبدو حضور الأم أقل تأثيراً رغم اجتهاد الممثلة مني ماجري في أداء دورها، وذلك عن قصد من المخرج الذي أراد التركيز بشكل أكبر علي الأب، ولذلك غيب أيضاً الممثل الشاب زكريا بن عياد الذي يؤدي دور الأبن والذي يظهر في مشاهد معدودة وفي حوارات قليلة ثم يختفي في النصف الثاني من الفيلم ويصبح الغائب الحاضر على لسان الأب.

تتوالى أحداث الفيلم بإيقاع بطيء لا يتناسب وسخونة الحدث، مما يبعث الملل في كثير من مشاهده التي تسير على خط مستقيم بشكل نمطي دون محاولة للقفز بأحداث جديدة ومثيرة تليق بالقضية الخطيرة التي يتعرض لها، وأعتقد أن السيناريو الذي كتبه المخرج محمد بن عطية مسئولاً عن ذلك. فقد أخلص تماماً لعنوان الفيلم “ولدي” فانشغل برحلة الأب إلي سوريا بعدما علم بسفر ابنه وانضمامه لاحد التنظيمات الارهابية وإصراره على استعادته، ليؤكد لوعة الأب وضياعه الاكبر مع ضياع ابنه.

فيلم “ولدي” يعرض لنفس القضية التي طرحها فيلم “زهرة حلب ” الذي لعبت بطولته قبل عامين النجمة هند صبري، وجسدت دور الأم التي تسافر الي سوريا وتتخفي بين التنظيمات الإرهابية للبحث عن ابنها، لكنها تفقد حياتها برصاصة من ابنها الشاب الذي لم يتصور أنها أمه، وكان “زهرة حلب” في رأيي أقوى في طرح القضية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى