«يوم حزين» للسينما المصرية
* أســامة عســل يكتب لـ«سينماتوغراف»
لماذا فاتن حمامة؟.
لأنها عندما تظهر على الشاشة في أفلامها المعادة والمكررة آلاف المرات، يجد الإنسان ما يمكن أن يمتعه «شكلا ومضمونا» في كل مرة يشاهد فيها هذه الأعمال مهما كان عدد مرات تكرارها، وكأن حضورها أمام أعيننا يسعدنا بلحظات مسروقة من زماننا العصيب والصعب.
لأنها كانت يوما سعيدا حقا للسينما المصرية، وليس اسما فقط للفيلم الأول الذي ظهرت فيه وعمرها ثمانية أعوام، حيث أدهشت المخرج محمد كريم وأضحكت الموسيقار محمد عبد الوهاب، وأجبرت «أنيسة» وهي شخصيتها في الفيلم أن تتكلم كثيرا بعد أن كان دورها كومبارس، لتبدأ رحلة ثرية مع الفن السابع.
لأنها رغم غيابها واعتزالها الحياة العامة وكذلك رحليها عن دنيانا خلال الساعات الماضية ستبقى تتربع القمة، بعد أن أهدت للسينما ما تجاوز المائة فيلم، تركت بعضها العلامات المضيئة في هذا التاريخ الطويل، وستظل حالة فريدة بما ملكته من قدرات وطاقات فنية مذهلة، جعلتها تحول ما تقدمه من شخصيات درامية في أفلامها إلى شخصيات تنبض بالحياة.
لأنها ظلت في ذاكرة الجماهير العربية لأكثر من خمسين عاما مثل المناطق المحرمة التي لا يجوز الاقتراب منها، فهي من الشخصيات الفنية القليلة التي حافظت على صورتها ومكانتها عبر السنين، ولم تتورط مثل غيرها في تفاهات تفسد على الناس ما يحتفظون به من ذكريات عن أفلامها التي عاصرت تطور السينما عبر كل المراحل.
لأنها بفنها ووجودها الطاغي كانت حلما لكل الأجيال، فهي النموذج المثالي للفنان القدوة، وكان كل من يدخل مجال التمثيل يحلم أن يكون له الحظ في أن يقف أمامها ولو في مشهد واحد.
لأنها مميزة ومهمة في كتاب سينمائي ضخم، أغلقت صفحاته منذ ساعات قليلة، ورغم ذلك، مايزال في الكتاب صفحات تحتاج إلي مزيد من القراءة ، ومازالت أوراقه غير المتصفحة كثيرة، ولايزال البحث مستمرا عن التنوع والعبقرية والذكاء الفني والموهبة الفريدة، التي جعلتها في مكانة وقمة عاليتين لا ينافسها فيهما أحد، لتستحق عن جدارة لقب «سيدة الشاشة العربية» بلا منازع.
ولأنها أكدت كينونة المرأة العربية وجدارتها في مسيرة صناعة الفن السابع في المنطقة العربية كلها، وكانت خير من عبر عنها في جميع أعمالها.
ولأنها لكل الأسباب السابقة، ولأمور كثيرة أخرى، لا تعد ولا تحصى، حرصت «سينماتوغراف» أن يكون هذا الملف العاجل جدا ـ استثناء ـ وخاصا عنها، لتوثيق واستعراض بعض ما اقتطفناه من رحلتها الفنية، ليواكب قدسية رحليها بعد أن منحتنا ابداعها وفنها الذي لن يغيب أو يرحل معها.