سينمانامراجعات فيلميةمهرجان القاهرةمهرجاناتنقد
يوم صعب.. خفة روح بجانب التشويق والإثارة
السيناريو والمونتاج والاخراج ثلاثة عناصر تضافرت لصالح الفيلم
“يوم صعب” .. خفة روح بجانب التشويق والإثارة
“سينماتوغراف” ـ عمار محمود
يوم صعب (A Hard Day) ، هو الفيلم الثاني للمخرج كيم سيونج هون (Kim Seong-Hun) من كوريا الجنوبية، بعد توقف دام ثماني سنوات من فيلمه الأول (كيف يؤثر نقص الحب على رجلين 2006 – How the Lack of Love Affects Two Men).
“يوم صعب” أحد أفلام الاثارة والتشويق، والذي شارك في برنامج “مهرجان المهرجانات بالقاهرة السينمائي، ويستمد قوته من الحكاية، وطريقة سردها، وليس من مشاهد القتال، والتي لا توجد فيه بكثرة، وهي الميزة الأساسية للفيلم، الذي يحكي عن المحقق جن سو، والذي تحدث له العديد من المواقف الصعبة ليلة وفاة أمه، فى ذلك التوقيت الغريب، والضيق جدا لحلها.
ففي أثناء ذهابه لحضور مراسم تجهيز تابوت أمه، تطلب منه زوجته الطلاق، ثم يصطدم في طريق ذهابه برجل فيقتله بالخطأ، وفي تلك الأثناء أيضا، يتصل به أحد زملاء عمله منبها إياه بأن هناك حملة للتفتيش عن بعض جرائم الفساد المتهم فيها جن سو.
والحكايات المتعددة تلك، تأخذه في دوامة من الرعب النفسي، والتي تؤثر على العديد من قراراته، ومن ثم تخلق أحداثا جديدة، تضيف لقصة الفيلم الكثير من التشويق.
وتأتي قوة الفيلم من ثلاثة اتجاهات رئيسية، تضافرت كلها لتحقق رؤية المخرج وإيقاع العمل المتصاعد دائما.
– السيناريو
التصاعد السريع جدا للأحداث وكثرتها، وارتباطها كلها ببعضها، وتكثيف وجودها على الشاشة وقصر مدة عرضها، عناصر تشكل الميزة الرئيسية للسيناريو.
فعندما يصطدم جن سو بالرجل ويحاول أن يخبئ جثته، تأتي سيارة للشرطة في تلك الأثناء مباشرة، وعندما يحاول أن يرتب طريقة للتخلص من الجثة، يتوقف في لجنة تفتيش على أحد الطرق، ويكون تحت تأثير كأس خمر، فيشك فيه ضباط الشرطة، وعندما يحاول الفرار، يتم القبض عليه، وكل تلك الأحداث، لا تستغرق على الشاشة أكثر من ربع ساعة.
كما أنه في الأحداث التالية، تبقى الذروة مشتعلة حتى نهاية الفيلم، فكل حدث وورطة ترسله لورطة أخرى، ودائما يجد حلا متأخرا في توقيته، يضعه في مصيبة أخرى، كما حدث في مشهد جنازة أمه، عندما حاول اخفاء أثر الجثة.
كما أن تركيز السيناريو على مدة زمنية قصيرة في حياة المحقق، تقريبا يومان أو ثلاثة، وتجاهله لعلاقته بزوجته، والتي ليس لها أثر في الأحداث سوى متأخراً، هو ما كثف جرعة الإثارة، والتي هي الهم الرئيسي للفيلم.
– الإيقاع
تتميز عادة الأفلام البوليسية بالإيقاع السريع، الذي يأتي من مصادر كثيرة كمشاهد المعارك أو التفجيرات أو المطاردات، ولكن في هذا الفيلم، تم الاستغناء عن تلك المشاهد إلا في قليل من اللقطات.
فالايقاع السريع في هذا الفيلم، يأتي من المونتاج الجيد، والذي أخذ الطابع الهيتشكوكي، خاصة في مشاهد الإختباء والمونتاج المتوازي بين السلالم، وفي الشقة يحاول الضحية العثور على منفذ للهرب.
كما أن كثرة الأحداث في المشهد الواحد، ووجود أكثر من مصدر للمشاكل، هو الذي أضاف ميزة تسريع الإيقاع، والذي كثف قيمته المونتاج في المقام الأول.
– الإخراج
اللقطات القصيرة هي الحل الأمثل لأفلام الحركة، والطابع الليلي دائما يضيف للجو العام للفيلم بعض الغموض الذي يتسق مع غموض الأحداث أصلا، لكن الفيلم كان به ليل ونهار، وكان هنالك توازن وتكثيف من السيناريو لعدد أيام الحدث، والذي وضع المخرج تحت ضغط السيناريو، ونجح في توفيق رؤيته الإخراجية للأحداث مع السيناريو المتصاعد دائما.
وتلك الرؤية كانت من خلال الحركة المستمرة دائما للكاميرا، وهي الخيار الشائع لتلك النوعية من الأفلام، وأسهل طريقة للوصول إلى الهدف.
فالمخرج فضل أن يلعب في المضمون، ولا يجدد، سوى في موضوع السيناريو الذي كتبه، والذي يأتي إيقاعه السريع من الإثارة والتشويق وليس من الحركة، أي مشاهد المعارك. والأداء الجيد للممثلين، حقق التوازن بين الكوميدي والدرامي، واضفى خفة روح للفيلم، وأضاف متعة جديدة له ، بجانب التشويق والإثارة.