مراجعات فيلمية

«Loving».. حكايات عن التضحية والتفرقة العنصرية

عبدالستار-ناجي «كان» ـ  عبد الستار ناجي

تستعيد السينما الاميركية والمخرج جيف نيكولاس على وجه الخصوص واحدة من الحكايات الخالدة في مواجهة العنصرية من خلال فيلم «محب ـ Loving» الذي يذهب الى واحدة من حكايات التضحية والارادة من اجل تحقيق العدالة والمساواة.

يعتمد فيلم «لوفينج» على سيناريو قام بكتابته جيف نيكولاس بنفسه اعتمادا على كم من الوثائق التي ترصد حكاية ذلك الثنائي الذي واجه العنصرية. حيث حكاية الحب الكبير بين الشاب الابيض ريشتارد لوفينج جويل ادغارتون والفتاة ذات الاصول الاميركية الافريقية السمراء، ميلدريد لوفينج روث نيجا. اللذين جمعت بينهما قصة حب تطورت الى القرار بالارتباط الذي تم في ولاية تقبل الزواج بين البيض والسمر ولكن عند عودتهما الى حيث اقامتهما في واشنطن تبدا الممارسات العنصرية والتي اقلها الاعتقال والسجن وصولا الى الحصول على حكم قضائي بعدم دخول الولاية لمدة 25 عاما عقابا على تصرفهما المنافي للقوانين والتشريعات في تلك الولاية.

 مما يضطرهما الى الانتقال الى ولاية اخرى تقبل بهذا الارتباك حيث ينجبان ثلاثة ابناء ولدان وبنت ولكنهما في الحين ذاته يبتعدان عن اهلهما واصدقائهما مما يخلق لهما الكثير من المشاكل مع اسرهما.

thumb_1589_film_film_big

وتمر الايام والمحاولات من اجل الحصول على حكم يلغى الحكم السابق ولكن هيمنة العناصر العنصرية وغياب التشريعات والتعاطف اللهم من القلة راح يعطل كل شئ في مسيرتهما وحياتهما الاجتماعية وجعلهما يعيشان متخفين بعيدا عن الأسرة  والصحبة والاصدقاء.

الشاب كان يقضى وقته في العمل في بناء المنازل بحثا عن لقمة العيش الكريم لزوجته التي يحبها واطفاله الذين يعيشون بعيدين عن اطفال الاسرة وافرادها.

نضال حقيقي ومكابدة من اجل الحصول على الاعتراف بذلك الزواج يتطور يوميا خصوصا مع تزايد التظاهرات المناهضة للعنصرية.

رحلة بدأت منذ منتصف الخمسينيات حتى عام 1967 حيث كانت المواجهة الكبرى. والتي سبقتها مبادرة الزوجة بارسال رسالة الى المرشح الاميركي روبرت كينيدي لطلب مساعدته والذي قام بدوره بتحويل الرسالة الى احد المحامين الشباب ضمن فريقه وسرعان ما تطور الامر حيث صدرت العديد من الاحكام التي كانت دائما ضد ذلك الزواج بل ان بعض تلك المحاكم كانت تعتبر الاطفال نتيجة هذه العلاقة هم فاسدون.

thumb_1587_film_film_big

وتصل القضية الى المحكمة العليا المحكمة الاتحادية العالية والتي سبقها الكثير من الحملات الاعلامية والدعم الاعلامي الكبير من كبريات الصحف ومن بينها مجلة لايف والعديد من القنوات التلفزيونية والاذاعية التي طورت حملة مكثفة كان نتيجتها المساهمة في صدور الحكم عام 1967 بالاعتراف بالزواج والاطفال. بل ومباركة الزواج باعتباره احد الحقوق الاساسية.

قصة حب ظلت صامدة ضد كل الاجراءات العنصرية وأيضا ضد العنف والقوانين والتشريعات. والتي أقلها الرفض من الجميع ومن بينهم والدة الشاب التي رفضت الامر ولكنها لبت دعوة ابنها بان تكون هي من تقوم بعملية توليد زوجته بوصفها جدة ابنائه.

مشكلة هذا العمل ان جميع نقاد السينما العالمية هم على علم ومعرفة تامة بالشخصيات والاحداث وهو أمر يقلل من حالة الترقب والمتابعة رغم ان المخرج جيف نيكولاس او نيكولا كما ينطق بالفرنسية. اشتغل باسلوب ومنهجة عمل تختلف عن النسبة الأكبر من أعماله السينمائية السابقة.

thumb_5308_film_film_big

ونشير هنا الى اننا امام مخرج كبير استطاع خلال زمن قصير ان يحقق بصمته السينمائية العالية ومن افلامه نشير الى حكاية اطلاق نار 2007  والملجـأ 2011 ومود 2012 و منتصف ليلة خاص 2016 وفي ذات العام حقق فيلمه الاخير لوفينج.

سينما تذهب الى قضية ومن اهم القضايا التي عصفت سنوات طويلة بالمجتمع الاميركي عبر حكاية عن الارادة والتضحية والتحمل لمواجهة القدر امام حب كبير وعلاقة زوجية ثرية بالمضامين والدلالات.

ثنائي الفيلم يمتلكان حضورا طاغيا ونقصد جويل ادغرتون وروث نيجا بالاضافة لعدد آخر من الاسماء لادوار الام وايضا شقيقة الفتاة التي عارضت في البداية العلاقة لانها تعرف بأنها ستخسر شقيقتها بحكم القوانين العنصرية الجائرة.

thumb_5371_film_poster_big

في الفيلم مدير تصوير مقتدر هو ادم ستون وموسيقى ثرية صاغها الموسيقار دايفيد وينجو.. منحا الفيلم قيمة اضافة الى قيمة ومكانه القضية المطروحة وهو الزواج في مواجهة القوانين والتشريعات العنصرية.

ويبقى ان نقول بان استعادة هذه الحكاية بعد مرور زمن واجيال هو احتفاء بتضحيات الرواد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى