شخصيات سينمائية

27 فيلماً تحمل 300 أغنية بصوت لا يُنسى لـ «ليلى مراد»

 ـ أسامة عسل

هل رأيت من قبل ابتسامة تتكلم؟.. إن كنت تحب أن تسمع بقلبك، فتابع قراءتك بلا تردد، وإن كنت حقاً من عشاقها ـ تستطيع الآن ـ أن تراجع صورتها في ذاكرتك، إذ أن ليلى مراد وحدها فقط تتميز بابتسامة لا صوت لها، لكنها تحدثك عن الدلال والسحر والجاذبية، وتتركك مع صوت جميل يمطرك رقة ويذيبك إحساساً.

صوت ليلى مراد لا يُنسى، لأنه جزء من ذاكرتنا العاطفية، وسنوات التكوين، فمن منا لم يكتب أغنياتها في كراسات القلوب، ويحفر بألحانها نغمات تمد النبض بمعنى الحياة.

يا أعز من عيني قلبي لقلبك مال ..

شارياك وشاريني وإيش يعملوا العزال

تعودنا للأسف أن نذكر فضل الناس بعد الموت، تعودنا جميعاً أن نستيقظ، فقط عندما يرحل هؤلاء الذين نحبهم، ونملأ المكان والزمان والأوراق، بكان وكانت وكانوا، لكننا سنترك كلماتنا مع أغنيات ليلى مراد، تجدد العزاء في فنها الجميل الباقي، علنا نطلق زفير الراحة ونترحم على أغنيات زمان.

اللي يقدر على قلبي يخطفه وأنا أجري وراه ..

واللي يقدر على حبي يقطفه وأنا أعيش وياه

عندما أراد الممثل العالمي كلارك غيبل، أن يقنع شركة مترو غولدن ماير بمضاعفة أجره قال لها: إن هناك ممثلة ومغنية في مصر اسمها ليلى مراد تتقاضى 10 آلاف دولار عن الفيلم الواحد وهذا صحيح، لأن ليلى تقاضت عن فيلم غزل البنات 12 ألف جنيه مصري، وهو مبلغ كبير في ذلك الوقت، ومع هذا ماتت مستورة، ومن دون أن تجمع الملايين كما يفعل البعض حالياً. وفي الحقيقة، لم يكن غريباً على كلارك غيبل أو غيره من الممثلين العالميين، أن يسمع عن ليلى مراد، لأنها كانت تمثل أسطورة لا تقل موهبة وحضوراً أبداً عن ريتا هيوارت مثلا أو غيرها من علامات السينما العالمية.

الحب جميل للي عايش فيه ..

له ألف دليل أسألوني عليه

هي أول نجمة بالمعنى الدقيق للكلمة في السينما المصرية، ورغم أنها انسحبت من الحياة الفنية، وهي في قمة مجدها وتألقها، إلا أن أغنياتها، وأفلامها بقيت مطلباً للمستمع والمشاهد.

قدمت ليلى مراد 27 فيلماً، كان آخرها الحبيب المجهول عام 1955، وظهرت في 18 فيلماً منها باسمها الحقيقي ليلى، وحملت 6 أفلام اسمها للاستفادة من نجوميتها مثل أفلام ليلى بنت الأكابر، وليلى بنت الريف، وليلى بنت الفقراء.. وأطلق اسمها على صخرة في مدينة مرسى مطروح الساحلية، وسمي الشاطئ باسم فيلمها شاطئ الغرام، الذي صورت عدد من مشاهده على رماله وصخوره، ولها أغنية تتغزل بجماله.

استفاد أنور وجدي من نجومية ليلى مراد، فقدمها في 7 أفلام من إنتاجه وإخراجه بعد أن تزوجها، ومنها قلبي دليلي، عنبر، وغزل البنات. وفي أفلامها قدمت 300 أغنية ناجحة، وهي أعمال ستظل دليلاً على هذه الموهبة المتدفقة بالعذوبة والروعة.

وكانت فساتين ليلى مراد أغلى من الذهب، وفستانها الذي كانت ترتديه في أغنية أنا قلبي دليلي احتاج إلى خمسة أمتار سعر الواحد منها 80 جنيهاً، بينما كان سعر الجنية الذهب في ذلك الوقت يساوي 27 جنيهاً.

يا حبيب الروح فين أيامك ..

وحشتني ووحشني خصامك

صوت ليلى مراد يملأ القلب بالحب والشجن، يدفع المرء إلى استرجاع الذكريات الأيام واللحظات التي أفلتت من بين أصابعه، لا يمكن أن تسمعها وتتجاهلها، أنت مجبر على الصمت، ومجبر على متابعة صوتها كأنها تطير بك إلى عالم آخر لم تره من قبل، ولا تستطيع الوصول إليه، إلا بصوت ليلى مراد الذي لا يمر من دون أن يترك علامة في القلب.

سنتين وأنا أحايل فيك ودموع العين تناديك ..

يا سبب تعذيبي والاسم حبيبي

كانت ليلى مراد يهودية الديانة، ثم أشهرت إسلامها في منتصف الأربعينات، وقد طاردتها شائعة خبيثة ومدبرة في عام 1952، تقول إنها تبرعت لإسرائيل ب50 ألف جنية مصري، اهتز الوسط الفني في ذلك الوقت، واهتزت قلوب عشاق الفنانة الرقيقة بعد هذا الخبر، الذي نزل عليهم نزول الصاعقة، لكن ليلى اعتبرت الأمر مجرد شائعة، وبررت ذلك بكونها فنانة مشهورة، وعليها أن تدفع ضريبة النجاح.

وعندما تناقلت وكالات الأنباء هذا الخبر، أحست ليلى مراد بالقلق والغضب، ونفت بشدة أن تكون لها صلة من بعيد أو قريب بإسرائيل، وقدمت مستندات رسمية تؤكد عدم صحة الشائعات، وبعد تحريات جهات الاختصاص في هذا الموضوع، تبين أن ليلى مراد لم تسافر إلى إسرائيل، ولا صحة لما نشر عن تبرعها لحكومة إسرائيل بأي مبلغ.

وفي هذا السياق، نذكر أن إسرائيل بعد توقيع اتفاقية السلام مع مصر، عرضت على الفنانة ليلى مراد الإقامة فيها، وقدمت إليها إغراءات كثيرة، إلا أن الفنانة الكبيرة رفضت ذلك بشكل قاطع، وأكدت أنها لن تغادر مصر أبداً، وستبقى فيها حتى الموت وقد فعلت.

ليه خلتني أحبك لا تلومني ولا أعاتبك ..

فين أهرب من حبك روح منك لله

في الساعة الرابعة قبل فجر يوم 21 نوفمبر 1995، استيقظت ليلى مراد ولم تضئ الأباجورة، فسقطت على وجهها ونقلت إلى المستشفى، حيث أسلمت الروح لبارئها، وتكلفت إجراءات جنازتها ودفنها حوالي 30 ألف جنيه دفعها أولادها، ولم يذهب للعزاء في منزل الفنانة الراحلة سوى النجمة ليلى علوي.

دوس على الدنيا وأجري عليها ..

أنا ولا أنت لينا مين فيها

ومع رحيلها، انقضت حقبة من الغناء الجميل، وربما كانت ليلى مراد تتمتع ببعد نظر عندما آثرت الاعتزال المبكر، لأنها كانت تعرف أنه سيأتي زمن على الغناء، سيكون من الرداءة، ليس لأن هناك من لا يحسن الغناء، بل لأن هناك أيضاً من لا يحسن السمع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى