52 فيلما في مشوار نادر جلال السينمائي
صاحب أول تجربة لفيلم مصري تحت الماء مع مدير التصوير سعيد شيمي
«سينماتوغراف» ـ هشام لاشين
ينتمي المخرج نادر جلال، رحمه الله، لعائلة فنية من المقام الرفيع، فهو ابن المخرج الراحل أحمد جلال، ووالدته الممثلة الرحلة ماري كويني وهما إثنان من العمالقة الرواد اللذين ساهموا في تدشين صناعة السينما في مصر في أعوام مبكرة جدا من عمر هذه الصناعة. واذكر أنني التقيت الراحلة ماري كويني وقدمت معها وعنها سلسلة حلقات في مجلة الكواكب في عام 1988 واعدت نشرها في كتيب تكريم بمهرجان الإسكندرية السينمائي وحدثتني كثيرا عن طفولة نادر جلال الذي عشق السينما منذ كان عمره اربع سنوات، إذ نشأ وترعرع في “استديو جلال” وكانت هي بحسها قد إكتشفت مبكرا ميوله الفنية لذا طلبت من المونتير كمال أبو العلا أن يدرب ابنها على فنون التوليف وكان لا يزال في الخامسة عشرة من عمره. ثم التحق بالمعهد العالي للسينما وكلية التجارة، فحصل على شهادتين في التجارة والسينما معاً، وبعد ذلك بدأ حياته الفنية مساعداً لعدد من كبار المخرجين المصريين: صلاح ابو سيف وتوفيق صالح ويوسف شاهين وعباس كامل، لمدة سبع سنوات، واخرج الفيلم الروائي القصير: “هاشم وروحية” 1969، وكان قد شارك أثناء طفولته بالتمثيل في أفلام والده.
وفي 1972، أخرج أول أفلامه الروائية الطويلة: “غداً يعود الحب” من بطولة نيللي ونور الشريف وكتب بنفسه السيناريو والحوار عن قصة لوالده احمد جلال وانتاج والدته، ثم أخرج في نفس العام فيلم “ولدي”.
في العام التالي، اخرج فيلمين: “رجال لا يخافون الموت” و”ابو ربيع”. وأخـرج “بدور” 1974 وكـان كاتباً للحـوار والسيـناريو، ثم “وعـادت الحياة” و”لا وقت للدموع” 1976، وفي 1977 أخرج أربعة أفلام: “جنون الحب” و”عندما يسقط الجسد” و”القاضي والجلاد”، و”أقوى من الأيام”. وتعاون مع عادل إمام في عدد من الافـلام النـاجحة منها “خمـسة بـاب” و”سـلام يا صاحبي” و”جزيرة الشيطان” و”الارهابي” و”بخيت وعديلة”، كما تعاون مع نادية الجندي في عدد كبير من افلامها مثل: “جبروت امرأة” و”مهمة في تل ابيب” و”الشطار” و”امرأة هزت عرش مصر” و”اغتيال”
وقد قدم نادر جلال 52 فيلما خلال مشواره السينمائي حققت إيرادات ضخمة ، كما يعتبر صاحب أول تجربة في السينما المصرية مع مدير التصوير الكبير سعيد شيمي بتصوير فيلم تحت الماء: “جحيم تحت الماء” ثم “جزيرة الشيطان”.
المعالجات الاجتماعية
تصدت مجموعة من أفلام نادر جلال لمعالجة مجموعة من المشاكل الإجتماعية مثل فساد الإنتخابات كما في فيلمي (بخيت وعديلة والجردل والكنكة) .. أو مناقشة حرب أكتوبر في فيلم مثل بدور، ولكن من خلال قصة رومانسية حيث النشالة الشابة التي تقع في حب عامل المجاري الفقير صابر وعندما يستقيم حالها على يديه يستدعي للحرب.. ومن أبرز أفلامه (الشطار) عن قصة للأديب الكبير خيري شلبي، وهو أول من ناقش ظاهرة الإرهاب في السينما في فيلم يحمل نفس الإسم (الإرهاب) 1989 .. وان كان نمط الإرهابي في هذا الفيلم غير ما هو متعارف عليه، فلم تكن هناك أهداف واضحة لتنفيذه لهذه العمليات الإرهابية، وإنما كان التركيز أكبر على اتخاذ كافة الحيل لنجاحها.. وبعدها بعدة سنوات تصدي جلال مرة أخري لموضوع الإرهاب تحت مسمي مباشر أيضا في فيلم (الإرهابي) 1994 الذي رصد لظاهرة العنف في ذات الوقت كاغتيال المفكر فرج فودة 1992 ورجال الشرطة ومهاجمة أتوبيس سياحي فهي عمليات شهيرة انتشرت في تلك الأونة.. وكان الفيلم الأول من بطولة نجمة الجماهير نادية الجندي والثاني من بطولة نجم الجماهير ايضا عادل امام وقد إستثمر العملين الظاهرة أكثر منهما عملين جادين يناقشان بموضوعية هذه الظاهرة ربما لإشتهار نادر جلال بالتميز في أفلام الأكشن ومن هنا كان يفضل التصدي لهذه النوعية التي تحتاج لمجهود خاص في تنفيذ هذه المشاهد..
مخرج الجماهير
ومن المؤكد أن أفلاما ناجحة قد رشحت نادر جلال لهذه النوعية مثل (سلام ياصاحبي) الذي حقق نجاحا كبيرا عند عرضه ويناقش مفهوم الصداقة بين إثنين مرزوق وبركات اللذين يعملان مع البائعة المتجولة بطة على عربتها في تجارة البطيخ، ويعجب بهما الملك الجبار والذي يعمل بتجارة السيارات المسروقة، ويعملان معه إلى أن ينافساه ويصبحا تهديداً لنفوذه، فيقرر إزاحتهما من طريقه.. ويحتوي الفيلم علي مشاهد حركة مصنوعة بحرفية تناسب الفترة التي صنع فيها الفيلم.. وهناك أيضا (بطل من ورق) الذي انتج عام 1988 عن سيناريست ساذج يقوم بكتابة سيناريو فيلم جريمة متكاملة من قتل وتفجير مقابل طلب مبلغ من المال من قبل الحكومة ولكن لسوء الحظ يقع سيناريو الفيلم بأيدي كاتب آلة كاتبة مضطرب نفسيا. والفيلم كتبه ابراهيم الجرواني بطريقة ممتعة ومثيرة غلب عليه الكوميديا المشوقة بحبكة بولسية مقبولة كما نجح في تنفيذها ببراعة تؤكد على تمكنه وتحكمه في استخدام أدواته والتكنيك الكامل ﻹخراج مثل هذا العمل من الافلام الحركية نادر جلال.. هناك أيضا افلام مهمة تنتمي لنفس مدرسة الحركة قدمها نادر جلال وحققت نجاحا كبيرا مثل (جزيرة الشيطان) و(ملف سامية شعراوي) و(حرب الجواسيس) وكلها افلام حققت إيرادات كبيرة في شباك التذاكر بما يؤهل مخرجنا الراحل للقب مخرج الجماهير علي غرار نجمي الجماهير اللذين قدم لهما عدة أفلام ناجحة .
الدراما التلفزيونية والتكريمات
وفي السنوات الأخيرة اتجه نادر جلال للدراما التلفزيونية مثل قطاع من مخرجي جيله بعد أن شعر بحالة من الإستبعاد حيث قال في احد تصريحاته : لقد تم تغييبنا واستبعادنا أنا وجيلي من السينما بعد دخول جيل جديد والمفروض أن تتواصل الأجيال ويعمل الجميع بخبراتهم ولا يتم إقصاء جيل من أجل جيل آخر، هذا خطأ كبير ويؤثر سلباً على الخبرات المطلوبتوافرها بالساحة الفنية. وأضاف: لذا اتجهت مع جيلي مثل خيري بشارة وعلي عبدالخالق إلى الدراما التليفزيونية وأعتقد اننا حققنا فيها أيضاً النجاح ولمسة خاصة على الصورة.
وهكذا قدم في مشواره التليفزيوني سلسلة بدأت مع مسلسل “آخر المشوار” وحقق نجاحاً كبيراً وتوالت النجاحات في الدراما مثل مسلسلات “عباس الأبيض” و”كفر عسكر” و”درب الطيب” و”أماكن في القلب” و”ظل المحارب” و”حرب الجواسيس” وغيرها من مسلسلات حققت بصمة مع المشاهد العربي..أما التكريمات والجوائز فلم يكن نادر جلال يهتم بها بإعتبار أن الجمهور هو الأهم بالنسبة له كمخرج ورغم ذلك فقد تم تكريمه في عام 2007 في مهرجان الإسكندرية السينمائي في دورته الـ23.