أبو السعود الإبياري.. رائد الكوميديا الراقية فى زمن «الأبيض وأسود»
«سينماتوغراف» ـ محمود درويش
اذا كنت لاتزال تجلس مسحورا أمام سعاد حسنى وهى تقفز فى مرح وتغنى ببراعة وبراءة فى «صغيرة على الحب» أو شادية وهى تغنى لعش الحب فى «الزوجة الـ13» أو عبد المنعم ابراهيم وهو يفجر الضحكات وعبد الفتاح القصرى يطارده فى «سكر هانم » أو أفلام اسماعيل يس التى لاتزال تسكن ذاكرتنا، فاعلم أن وراء هذه الكوميديا الراقية اسم كبير هو المؤلف الراحل أبو السعود الأبيارى الذى أثرى السينما المصرية بأجمل أفلامها وانتزع من الجمهور ولايزال أجمل ضحكاتهم، ورغم سنوات رحيله البعيدة ظلت أفلامه تستقطب جمهورا جديدا مع كل مرة يعاد عرضها.
كانت الكتابة ولاتزال مشكلة يواجهها أغلب نجوم الكوميديا فى كل العصور، لكن ظهور كاتب بقيمة وقامة أبو السعود الأبيارى، كان كفيلا بظهور موجة من الأفلام الكوميدية التى تجاوزت الـ 500 فيلم، على مدى أكثر من ثلاثين عاما لعب بطولتها كبار نجوم عصره، وحققت نجاحا جماهيريا كبيرا جعلته المؤلف الأكثر طلبا من السينمائيين، كما اثرى هذه الأفلام بما يقرب من 300 أغنية ومونولوجا واسكتشا واستعراضا بقيت طويلا فى ذاكرة المشاهد العربى.
ولد الإبياري في 9 نوفمبر عام 1910 بحي باب الشعرية بالقاهرة، ورحل يوم 17 مارس1969.
والراحل كاتب سيناريو ومؤلف أغاني وكاتب صحفي مصري كتب الزجل وهو لايزال صغيرا في مجلة (الأولاد) وأعجب بالكاتب الكبير بديع خيري كزجال ومؤلف مسرحي وتتبع خطاه وشجعه بديع وكان أول مونولوج يكتبه أبو السعود الإبياري هو (بوريه من الستات) للمونولوجست سيد سليمان وحقق نجاحاً كبيراً.
كما كتب إسكتشات فكاهية لفرقة بديعة مصابني وكتب أول رواية (إوعى تتكلم) عام1933 وانطلق قوياً متدفقاً غزير الإنتاج يستمد قوة إبداعاته من المفردات اللغوية التي يرددها الناس في الشوارع والحارات والمقاهي حيث كان يجلس في كازينو بديعة الذى استمد منه كثير من مفرداته البسيطة.
ووقع فى غرام السينما فكتب لها أفضل وأشهر الكوميديا، اذ كتب معظم أفلام إسماعيل يس ومحمد فوزي وفريد الأطرش، وأتقن تصوير الشخصيات المصرية الأصيلة وكتب الحوار السلس الذي اشتهر به منذ فيلم (لو كنت غني) لبشارة واكيم عام 1942، ومن أفلامه الكوميدية الشهيرة (الزوجة -13الزوجة السابعة – أنت حبيبي – تعالى سلم – نشالة هانم – عفريتة هانم – صغيرة على الحب – جناب السفير – هارب من الزواج – شباب مجنون جداً – طاقية الإخفاء– سكر هانم – المليونير – حواء والقرد – البحث عن فضيحة).
إلى جانب سلسلة أفلام (إسماعيل يس في..) التى أبدعها للفنان الذي قام باكتشافه وكون معه ثنائياً فنياً شهيراً حينها إسماعيل يس، فقد كتب سيناريو وحوار أغلب أفلامه، وأسس معه فرقة إسماعيل يس المسرحية والتي قدما من خلالها أكثر من 65 مسرحية. ومن أجمل حواراته الشهيرة : (يا صفايح السمنة السايحة، يا براميل القشطة النايحة، يا حلو يا لوز) من فيلم “لو كنت غني” لعبد الفتاح القصري وبشارة واكيم، و(أنا جنب منك أبقى مارلين مونرو) لعبد الفتاح القصري في فيلم “سكر هانم” لعبد المنعم إبراهيم، و(عفركوش ابن برطكوش من الجن الأخضر) من فيلم “الفانوس السحري” لإسماعيل يس.
لكن براعته كمؤلف كوميدى لم تمنعه من تقديم أفلام تطرح قضايا اجتماعية بل وتميل الى الميلودراما مثل تلك التى لعبت بطولتها الفنانة فاتن حمامة ومنها (اليتيمتين – ست البيت – ظلموني الناس – أخلاق للبيع) وكان هو من اكتشف الفنانة لبلبة وأطلق عليها هذا الاسم الفني شقية، وهو أيضاً من منح البطولة البطولة السينمائية لعادل إمام وميرفت أمين من خلال فيلم (البحث عن فضيحة)، الذى يعد آخر افلامه وقد عرض بعد وفاته.
ولأبوالسعود الإبياري عدد كبير من الأغاني الشهيرة والتى تعدت الثلاثمائة أغنية ومنها : (يا نجف بنور يا سيد العرسان لعبد العزيز محمود – يا وله يا وله لعبد الغني السيد – البوسطجية اشتكوا لرجاء عبده – تاكسي الغرام لعبد العزيز محمود – واحد إتنين لشادية – – عاوز أروح لسعاد مكاوي – سلم علَّي لليلى مراد – لقيته وهويته لشادية – يا عوازل فلفلوا لفريد الأطرش – قلبي دليلي لليلى مراد – الحب له أيام لمحمد فوزي وشادية – العدس الليلة ليلة عيده لنعيمة عاكف – يا رايحين للنبي الغالي لليلى مراد – معانا ريال لفيروز – قالوا البياض أحلى ولا السمار أحلى لسعاد مكاوي – يا حسن يا خولي الجنينة لشادية – إحنا التلاتة سكر نباتة للثلاثي شاديةوإسماعيل يس وشكوكو).عمل ابو السعود الإبياري في الخمسينيات من القرن الماضي فكان يكتب بمجلة “الكواكب” أسبوعياً ومجلة “أهل الفن” تحت عنوان “يوميات أبو السعود الإبياري”.
لقب الراحل بعدة ألقاب منها “موليير الشرق” و”أستاذ الكوميديا” و”النهر المتدفق” و”جوكر الأفلام” و”منجم الذهب” و”الجبل الضاحك”، وأصبح أبو السعود الإبياري أكبر مؤلف له عدد من أفلام السينما المصرية، حيث ألف أكثر من 500 فيلم أي يعادل 17% من تاريخ السينما المصرية، وقد صار أبنائه على دربه وقدم أحمد ويسرى الأبيارى عروضا مسرحية ناجحة وأسسا فرقة مسرحية.