مكفوفو البصر في مصر يشاهدون فيلم «فندق ترانسلفانيا»
القاهرة ـ «سينماتوغراف»
كيف يشاهد مكفوفي البصر أفلام السينما؟، هل يذهبون بصحبة ذويهم الذين يقومون بترجمة المشاهد واللقطات، وماذا اذا لم يكن لديهم من يقوم بهذه المهمة، هل يمتنعون عن المشاهدة، فما الرؤية الا القدرة على الفهم كما تقول د.ايلينا دى جيفانى الاستاذة بجامعة سيراتا الايطالية وصاحبة عدة مؤلفات عن الوصف السمعى البصرى. من أجل ذلك أخذت سينما «زاوية» بالقاهرة على عاتقها تقديم عروض خاصة لهذه الفئة تتيح لها متابعة الفيلم بشكل مختلف من خلال تقنية الوصف السمعى، وهو عبارة عن سرد إضافى يشرح الحركة ولغة الجسد وتعبيرات الوجه، بالاضافة الى المناظر والملابس، ويقع الوصف بين الجمل الحوارية ولايتداخل مع الصوت والمؤثرات الموسيقية الهامة.
شهد مساء أمس اقامة عرض فيلم «فندق ترانسلفانيا 2» بسينما زاوية التى تنظمه بالتعاون مع مصرية ميديا، وحضره أطفال وشباب من الجنسين ونساء ورجال من كل الأعمار ومن جمعيات رعاية المكفوفين لمشاهدة أحدث أفلام الرسوم المتحركة من سونى، فى ثالث تعاون بين زاوية ومصرية ميديا، الذى بدأ الصيف الماضى وحقق تجاوبا كبيرا مع حضوره من فاقدى البصر حيث عرض فيلم الملحمة الكلاسيكية ليوسف شاهين «الناصر صلاح الدين» وقد عرض مرتين لاتاحة مشاهدته لأكبر قدر من الجمهور المستهدف، وحضرت العرض الثانى بطلة الفيلم الفنانة الكبيرة نادية لطفى التى أشادت بهذه المبادرة، التجربة فى حد ذاتها أغرت الكثيرين للحضور والتعرف على ماهية الوصف السمعى البصرى للافلام، ورغم أن الفيلم يناسب الأطفال أكثر الا أنه شهد حضورا لرجال وسيدات من المكفوفين وحضره الناشط د.أحمد حرارة الذى فقد بصره خلال احداث الثورة المصرية.
بدأ العرض وسط حالة من الفرحة بين الأطفال من طلاب المدارس للمراحل المختلفة وصاحبه تسجيل صوتى تقوم من خلاله بترجمة كل مايجرى على الشاشة فى عبارات موجزة، تصف اذا كان المشهد ليلى أم نهارى وحركة الصورة على الشاشة بما تتضمنه من تفاصيل كاملة.
وعقب العرض التقت «سينماتوغراف» بمجموعة من فاقدى البصر الذين عبروا عن رأيهم فى التجربة والفيلم، حيث أبدى الطفل «نور-11سنة» سعادته بالفيلم وقال شاهدت جزئه الأول، لكن طريقة الوصف السمعى كانت أكثر فائدة، وقال زميله طارق: الفيلم ملئ بالمشاهد التى تعتمد على الصورة وليس الحوار وهذا الوصف جعلنا اكثر قدرة على متابعته، ولم تتحمس أمانى الجامعية فى «النور والأمل» للفيلم فقالت كان يجب اختيار فيلم مصرى لنتفاعل معه، لان فيلم الرسوم المتحركة يناسب الأطفال بشكل أكبر وكان يمكن عمل تخصيص عرض للصغار وآخر للكبار، وقالت منال العازفة بأوركسترا النور والأمل للكفيفات، رغم ان الفيلم لم يستهوينى لكن فكرة تقديم وصف سمعى للافلام ستجعلنا نقبل أكثر على مشاهدة الأفلام، وأتمنى ان يتم تعميمها على كافة الأفلام الحديثة لنتمكن من متابعتها، فيما أكدت السيدة آمال فكرى نائب رئيس جمعية النور والأمل لرعاية الكفيفات ان هذه مبادرة شجاعة للاهتمام بفاقدى البصر وحقهم فى مشاهدة الأفلام والمسرحيات.
وكان المخرج الشاب أمير رمسيس حريصا على حضور العرض مؤكدا انه جاء ليرصد التجربة التى تعنيه كمخرج يرى ان السينما يجب أن تصل للجميع، وان نتيحها لمن تمنعه ظروفه من مشاهدتها، قائلا أن العالم يتعامل باهتمام مع هذه الفئات، فشرائط الافلام الـ «دى فى دى» فى الخارج تكون لها نسخ خاصة بذوى الاحتياجات الخاصة اعترافا بحقهم فى الاستمتاع بالفيلم المعروض.
فيما قالت عائشة سليم مديرة الدوبلاج بمصرية ميديا المنظمة لهذه العروض مع «زاوية» لقد حضرت مهرجان برلين السينمائى قبل عامين والتقيت د.ايلينا دى جيفانى التى تدربت من خلالها على عروض المكفوفين وتقنية الوصف السمعى، الذى يتطلب حسا خاصا لدى من يقوم به لانتقاء مايرى انه يستحق الوصف وكيفية وصفه، وقد قدمنا عرضا فى مهرجان سينما الاطفال العام الماضى خلال حضورها المهرجان، ونحن سعداء بما حققه العرض من تجاوب، وخاصة أنه تحول لاحتفالية بالصغار الذين تجاوبوا مع الفيلم ونسعى لتقديم عروض مماثلة للمكفوفين فى كل محافظات وقرى مصر، ونحرص عقب كل عرض على عمل استبيان مع مشاهدى العرض للتعرف على أرائهم والعمل على تحقيق تطلعاتهم فى التجربة.
وذكرت المنتجة ماريان خورى، صاحبة «زاوية» أن العرض سيقدم فى الاسكندرية وطنطا خلال الايام المقبلة، كما سيقدم فى دور العرض التابعة لـ«زاوية» وهذه مجرد خطوة تأتى من أجل ادماج فاقدى البصر فى المجتمع، من منطلق ايماننا بالدور الذى تلعبه الفنون، والسينما على وجه الخصوص فى تنمية المجتمع وأهمية تقديم السينما للجميع بالطريقة التى تساعدهم على الاستمتاع بها، ليس فاقدى البصر فقط، بل الصم والبكم أيضا الذين قدمنا لهم أفلاما تخاطبهم فى بانوراما الفيلم الاوروبى بالقاهرة التى تقيمها زاوية أيضا، وأضافت قائلة، أتمنى أن يأتى اليوم الذى يدخل فيه المعاق قاعة السينما ويضع السماعة الخاصة به ويشاهد الفيلم دون حاجة لعروض خاصة به، وهو مايحدث فى الخارج، ونحن نتطلع لذلك ونسعى جديا لفكرة السماعة فى عروض السينما العادية ليستطيع فاقدى البصر متابعة الفيلم مثل كل الناس.