«من أرض القمر».. السينما الفرنسية على طريقة غارسيا
«كان» ـ عبدالستار ناجي
تعتبر نيكول غارسيا واحدة من رموز السينما الفرنسية كممثلة ذات كعب عال وكمخرجة تمتاز باحترافيتها العالية بالذات على صعيد اختيار الموضوعات التي تمزج بين السينما والرواية. وخلال مسيرتها حققت سبعة أعمال سينمائية ونحن اليوم بصدد الفيلم الثامن وهو بعنوان «من أرض القمر» الذي عرض في المسابقة الرسمية لمهرجان كان السينمائي.
وقبل ان ننتقل للحديث عن الفيلم الجديد نشير الى ان من أبرز أعمالها يأتي فيلم «يوم احد طيب» 2014 و«بالون على البحر» 2010 و«صالون شارلي» 2006 و«بالس فاندوم» 1998 وغيرها من النتاجات التي رسخت حضورها كمخرجة محترفة تجيد صناعة أعمالها وادارة عناصرها الفنية.
الفيلم الجديد «من أرض القمر» يعتمد على نص روائي بنفس الاسم تعاونت نيكول غارسيا في كتابة السيناريو مع كل من جاك فيشي ونتالي كارتر. ويأخذنا الفيلم الى حكاية (غابرييلا ـ ماريون كوتيار) القادمة من قرية صغيرة في جنوب فرنسا والتي تصل مع زوجها خوزية الى مدينة ليون برفقة ابنهما من أجل المشاركة في مسابقة لعزف البيانو وقبل الوصول الى مكان المسابقة، تقوم غابرييلا بالنزول من السيارة بعد ان تقرأ اسم احد الشوارع وعند الوصول الى العنوان الذي تعرفه تعود بها الذاكرة الى قريتها حيث كانت تعيش تحت مظلة أسرتها، وهي تعاني من ألم حاد يداهمها في خاصرتها. وتحاول ان تجذب اليها معلمها المتزوج ولكنه يرفض مما يجعل والدتها تفكر جديا في ان تزوجها لاحد العاملين في الحقول وهو من اصول اسبانية.
وحينما تتزوج تعترف لزوجها بأنها لا تحبه وأنها تزوجت بناء على رغبة أسرتها. وبعد ان تفقد جنينها الثاني نتيجة الألم الذي يداهمها في الخاصرة ينصح الجميع زوجها بأان يرسلها الى احدى المصحات السويسرية من أجل تفتيت حصوة كبيرة تستقر في كليتها. وفعلا تذهب الى المصحة ويطلب منها الاطباء البقاء في المصحة لستة اسابيع مما يدعو زوجها للعودة لارتباطه بعمل وايضا ببناء منزل الزوجة.
هناك تتعرف على ضابط فرنسي مصاب في الحرب الفرنسية الصينية «اندوشين» وهو يعاني من ألم موجع يجعله دائما تحت المخدر لتخفيف الألم وتتطور العلاقة بينهما بحضور احد المساعدين من أصول صينية . ضابط يعيش أيامه الاخيرة يحبها وهي تبادله الحب تعويضا عن الحب الذي لم تجده عند زوجها الذي صارحته منذ البداية بأنها لا تحبه ونتابع الأيام الاخيرة للضابط الذي يذهب ذات يوم الى احدى المصحات في ليون. مما يجعلها تفقد الأمل به ولكن بعد ايام يعود اليها الضابط لتصل العلاقة بينهما الى ذروتها حتى حينما تنجب طفلا تعتقد بانه نتيجة لعلاقتها بالضابط الذي كان يحب العزف على البيانو الموسيقى الكلاسيكية ولهذا تحاول ان تعلم ابنها العزف على البيانو حتى يصبح عازفا مرموقا.
وتعود بنا الحكاية من جديد الى اللحظة التي ذهبت بها الى العنوان قبيل حضور المسابقة لتكتشف من الضابط الصيني المرافق للضابط المصاب الذي ارتبطت به عاطفيا بأنه قد توفي منذ اليوم الذي نقل به الى ليون وانه لم يعد من جديد الى المصحة وعندها تحاول ان تكتشف الحقائق حيث تكتشف بأنها كانت تعيش وهم عودته وان الطفل الذي حملت بانه كانت نتيجة علاقتها مع زوجها حيث زارها أكثر من مرة في المصحة حتى انها قامت بالتقاط صورة على ان الضابط الى جوارها وحينما تذهب الى حقيبتها القديمة لتكشف انه لا أحد الى جوارها في الصورة وان الصورة لها وحدها فقط وهذا ما يؤكد لها انها كانت تعيش وهم العلاقة.
وحينما تسأل زوجها عن حقيقة ما جرى يخبرها بأنه تركها تعيش كما تريد لأنه يريدها ولهذا أمن لها كل شيء ولابنهما حتى انه وافق على خيالاتها التي ذهبت الى أبعد من المعقول والمنطق.
أداء متميز للنجمة الفرنسية ماريون كوتيار وهو ليس بالامر المستغرب عليها وهي من فازت بالأوسكار عن الفيلم التحفة الحياة الوردية حيث تقمصت شخصية المطربة الفرنسية اديث بياف . معها في الفيلم لويس جاريل بدور الضابط واليكس برندمهل زوجها خوزية.
فيلم فرنسي على طريقة المخرجة نيكول غارسيا حيث الدراما السينمائية والحكاية المقرونة بالغموض والاسرار وايضا الرحلة التي تطوف بنا من جنوب فرنسا الى ليون ثم سويسرا في مساحة بصرية تسعد المشاهد.
ويبقى ان نقول.. نيكول غارسيا تصنع ما تريد بطريقتها ومواصفاتها التي تمتع جمهور السينما والتلفزيون على حد سواء.