«شيطان النيون».. الشكل على حساب المضمون
«كان» ـ عبد الستار ناجي
فيلم من توقيع الدانماركي نيكولاس ويندنج ريفن وهو عمل مشبع بالعنف فكل الطرق عند هذا السينمائي تتجه صوب العنف الذي يراه انعكاسا للواقع المعاش وان ذهب في أحيان كثيرة الى نتاجات تعتمد لغة مبتكرة من العنف الضارب .
بدأ ريفن مشواره السينمائي عام 1996 من خلال فيلمه «بوشر» ليسير على نفس النهج حيث العنف الضارب وبوحشية وهو يستحضر قضية هامشية من أجل تمرير الشكل الذي عرف من خلاله مع مساحات غير محتملة من العنف الذي لا يمكن ان نتصور وحشيته . وتوالت أعمال ريفن عاما بعد آخر وصولا الى فيلم «دريفن» 2011 وفيلم «الله وحده الذي يغفر» 2013 وفي تلك النتاجات وصل الى ذروة الاساليب العنيفة المبتكرة التي قدمها .
وفي جديده الذي قدمه ضمن المسابقة الرئيسية في الدورة التاسعة والستين لمهرجان كان السينمائي يأتي فيلمه «شيطان النيون ـ The Neon Demon» عبر سيناريو بعنوان في كتابته مع كل من ماري لويس وبولي ستنهام وهو هنا وكما هي عادته يأتي بالحكاية كذريعة لتقديم الشكل الذي يمتلك رؤية بصرية عالية الجودة.
ونذهب الى الحكاية حيث الصبية جيسيكا «ايل فاننج» التي جاءت لوس انجلوس قادمة اليها بعد ان فقدت والديها بحثا عن فرص العمل كموديل «مانيكان» حيث تبدأ مشوارها للتعاون مع احد المصورين الشباب الذي يلتقط لها مجموعة من الصور التي تنال استحسان احدى الوكالات المتخصصة التي توقع معها عقدا للاحتكار .
من هناك تبدأ رحلتها الى عالم النجومية والشهرة وتتحرك الامور في مجموعة من المحاور اولها اقامتها في نزل متواضع وعلاقتها مع المصور الشاب الذي تتجاوزه كما تتجاوز مقر اقامتها الى احدى الفتيات المثليات التي تعمل كمصممة مكياج والتي تساعدها طمعا بها وبجمالها اما المحور الذي فيتحرك في اطار الغيرة الضاربة من قبل عدد من عارضات الازياء اللواتي يشعرن بالغيرة والحقد اتجاهها لتبدأ المكائد كل ذلك يأتي عبر رؤية بصرية فكل من المشاهد يأتي من خلال تصوير رفيع ورسم متفرد للمشهد وتصميمه على الاضواء والظلال والزوايا بالاضافة الجمال المذهل لنجمات العمل.
فيلم يعري عالم الازياء وظروفه وشخوصه من كبار المصورين الى أبرز المصممين مرورا بالماكييرات وغيرهم من الشخصيات حيث تطغى العلاقات المثلية وغيرها من المفردات السلبية في ذلك العالم المقرون بالجمال . الصراع على المقدمة يأتي مقرون بكم من الحقد والعنف حتى يصل الامر بعدد من عرضات القمة اللواتي باتت الصبية الشابة تهدد مستقبلهن مع خبيرة الماكياج التي رفضت الصبية اقامة علاقها معها الى الاتفاق على قتلها بل الذهاب الى ما هو أبعد من ذلك حيث التهام جسدها بكافة اعضاءها.. عبر نهاية دموية تحول الشاشة البيضاء الى اللون الاحمر الذي يبدأ منذ المشهد الاول حتى الاخير .
في فيلم «شيطان النيون» مديرة التصوير الشهيرة ناتاشا براير التي لطالما عملت في افلام ريفن والتي تقدم له رؤية بصرية عالية الجودة مدهشة . وايضا الموسيقار كليف مارتينيز حيث اضافت الموسيقى بعدا جديدا لمناخ ونكهة العنف السائدة .
وفي الفيلم ايضا مجموعة من الجمال ومنهن ايل فاننيج وجينا مالون وابي ليا وبيلا هيثكوت وفي الفيلم عدد من ضيوف الشرف بينهم كيانو ريفز الذي ظهر بدور حارس الفندق الذي تقيم به جيسيكا والذي يطمع بالحصول عليها .
يبقى ان نقول ان ريفن كما هو في جميع أعماله يذهب الى القصة من أجل سببين هما تقديم الشكل الذي يريده والثمينة التي يشتغل عليها دائما وهي العنف بل العنف المبتكر والقاسي الذي يجعل نسبة كبيرة من جمهور النقاد والمشاهدين يغمضون عيونهم ورغم ذلك يبقى ريفن وأفلامه عنوانا للعنف في السينما.