«هي».. السينما على طريقة بول فيرهوفن
«كان» ـ عبدالستار ناجي
سيدة فرنسية تدير شركة كبرى لالعاب الفيديو تواجه أزمة كبرى حينما يداهم منزلها احدهم اعتدى عليها جنسيا فكيف ستكون ردة فعلها؟، هذا هو المحور الذي اشتغل عليه المخرج الهولندي بول فيرهوفن الذي عرف عالميا من خلال افلام المغامرات الشهيرة التي قدمها وفي مقدمتها فيلم «روب كوب».
ونترك فيرهوفن وتاريخه لنعود اليه لاحقا. متوقفين امام فيلمه الجديد «هي» او «ايل» كتب له السيناريو فيرهوفن نفسه وجسدت شخصيته المحورية النجمة الفرنسية القديرة ايزابيل هوبير.
وتعالوا نذهب الى الفيلم الذي يرتكز على لحظة نادرة. ففي الوقت الذي تكتشف السيدة «ميشيل» ايزابيل هوبير ان قطتها قد خرجت الى البلكونة وان عليها استعادتها يداهمها احدهم يرتدي قناعا ليسقطها ارضا ويقوم ايضا بالاعتداء عليها جنسيا ويفر هاربا.
ميشيل لا تخبر البوليس بل تبدا عملية بحثها على ذلك الشخص المجهول. في الحين ذاته تبدا بتطوير قدراتها القتالية يوما بعد اخر حتى تتحول الى قوة ضاربة لمواجهة أي احتمال كذلك الاحتمال الذي واجهته وايضا التحضير للانتقام. وعلى طريقة برامج العاب الفيديو التي تصممها شركتها تبدا لعبتها الحقيقية لتلك المواجهة الضاربة ومحاولة اصطياد ذلك المجهول الذي دمر حياتها وحولها الى انسانة اخرى مشغولة بالانتقام والتحدي والمواجهة القاتلة.
لعبة المواجهة التي تذهب الى منطقة خارج السيطرة بل خارج التصوير عندما تتحول تلك السيدة الهادئة الوديعة الى كتلة من الاحاسيس المتفجرة بالانتقام والتحدي والعنف الارعن. العنف هل يواجه بالعنف.. او العقل والحكمة؟ اسئلة تظل حاضرة ونحن نلهث وراء احداثيات هذا الفيلم الذي يظل رغم قيمته الفكرية مشغولا بالمغامرة وهي طريقة ونهج مخرج يعرف ادواته ويجيد صناعة افلامه التي تظل تحمل بصمته.
تمضي الاحداث سريعة التي تجعل السيدة مشغولة بنفسها على حساب شركتها وتقضي الساعات الطويلة التي تتدرب خلالها على حمل السلاح والرماية وغيرها من الفنون القتالية وكأنه لاهم لديها الا تلك اللحظة من المواجهة التي كادت ان تدمر حياتها ومستقبلها بل ومستقبل شركتها.
في خط متواز يتابع ابنها تلك اللحظات من التغيير ليسير معها في اللعبة بحثا عن حيثيات ذلك التغيير الذي عصف بوالدته التي عرفها انسانة هادئة نذرت حياتها له ولتلك الشركة.
فيلم يجعل المشاهد يلتصق بكرسيه وهو يتابع ايزابيل هوبير تخطط للانتقام ومواجهة العنف بالعنف. حيث تأتي رسالة الفيلم وبكل وضوح وقسوة وهي لا للعنف الا بالعنف.
في الفيلم النجمة الفرنسية ايزابيل هوبير التي تذهب الى منطقة جديدة في الاداء وايضا المضامين فبعد ان كانت بعيدة كل البعد عن افلام المغامرات التي تتوقف معها بفيلم من توقيع فيرهوفن.
في الفيلم ايضا عدد من الاسماء ومنهم لوران لافيتي واني كونسجينى وشارلز بيرلينج وكم اخر من النجوم. خلف الكاميرا مدير التصوير ستيفان فونينين الذي لطالما كان الى جوار فيرهوفن الذي بدا مشواره في الستينيات من القرن الماضي بالفيلم الوثائقي بورت فان ادريان 1968 لتمضي المسيرة وصولا الى فيلم «روب كوب» 1987 وفيلم «غريزة اساسية» 1990 و «توتال ريغال» 1992.
افلام فيرهوفن هي سينما المغامرات وهو هنا يذهب الى تلك المنطقة التي تجمع بين القضية والمغامرة بل العمق في الطرح والمغامرة. والتي ظلت حاضرة بلا تكلف او مبالغة.
ويبقى ان نقول ان فيلم «هي» حتى في ظل الحضور الطاغى لايزابيل هوبير فانه يظل فيلما على طريقة الهولندي بول فيرهوفن.