أسباب فشل الجزء الثاني من فيلم «يوم الاستقلال»
«سينماتوغراف» ـ محمد جابر
قبل ثلاثة أعوام قررت شركة “فوكس” السينمائية إنتاج جزء ثان من فيلمها، يوم الاستقلال Independence Day، إنتاج عام 1996 والذي كان واحداً من أنجح أفلام التسعينيات وأكثرها جلباً للإيرادات، والخلطة في فكرة “فوكس” كانت واضحة: استغلال النوستالجيا وحنين الناس لفيلم أحبوه صغاراً وشخصيات شاهدوها مراراً وتكراراً وهي تنقذ كوكب الأرض من الغزو الفضائي، كانت خسارة للشركة حين رفض ويل سميث بطل الفيلم الأصلي الانضمام للجزء الثاني بسبب خلافات على الأجر، ولكنهم اعتقدوا أن وجود بقية الشخصيات كافياً، مع خلطة من المفترض نجاحها: قصة الغزو الفضائي، المزيد من المؤثرات.. العاطفة والكوميديا وخلق “يوم استقلال جديد”، وضعت الشركة 165 مليون دولار ميزانية في يد نفس المخرج الذي وصل للسماء في الجزء الأول، والنتيجة؟ فشل مدو!
لماذا فشل الجزء الثاني من يوم الاستقلال؟ الإجابة الأبسط والمختزلة لدرجة خاطئة ترتبط بغياب ويل سميث، ولكن الأمر في نقطة أعمق مرتبط بأن النوستالجيا بكافة أشكالها لم تعد كافية أبداً لنجاح فيلم وسط صخب العصر الحالي، العالم قد تغير وغزو الأرض لم يعد قصة جاذبة في ذاتها لمشاهدي الأفلام وشريحة الشباب الضخمة الذين يذهبون إلى السينما، نحن في عصر يحارب فيه الأبطال الخارقين بعضهم ويتم الجمع بين “باتمان” و”سوبرمان” وتدهش فيه “بيكسار” المشاهدين بأفلام “كارتون” ذات أفكار عظيمة، نحن في عصر حين عادت فيه الديناصورات إلى الحياة واندلعت فيه “حرب نجوم” جديدة واحتل Jurassic World وStar Wars قمة إيرادات العام الماضي لم يكن هذا بسبب “مجرد نوستالجيا”، ولكن لأنها أفلام جيدة فعلاً.
منذ البداية فقصة الفيلم بها الكثير من الاستسهال، تكتفي بأنها مجرد إعادة صنع لنفس قصة الجزء الأول، حيث قوى خارجية مجهولة تقرر أن تغزو الأرض، وتقرر كافة الدول بقيادة الحكومة الأمريكية أن تتحد معاً من أجل مواجهة الخطر.
الفيلم يفتقد للدهشة في أي لحظة من لحظاته، على عكس الجزء الأول الذي كان ثورياً في عصره، وكانت المرة الأولى التي يشاهد فيها الجمهور مؤثرات بهذا الشكل وبهذا التصور، لتصبح اللقطة التي يتم فيها تدمير البيت الأبيض بشعاع ذري قادم من السماء لحظة سينمائية خالدة، والنكات التي يطلقها ويل سميث طوال الوقت رغم ما يحدث من دمار هي علامة مرتبطة به، حتى الخطب واللحظات الحماسية والقطعات على مشاهد دمار في دول مختلفة حول العالم، كل هذا كان “جديداً” وبعضه “مدهش” عام 96، فلماذا يتكرر في 2016 بنفس الصورة ويعتقد صناعه أنه كافياً لجلب مئات الملايين؟
اختيار المخرج “رونالد إيمريتش”، مخرج الجزء الأول، يختزل تماماً مشكلة الفيلم التي أدت لفشله، فهو مخرج لم يتحرك قيد أنملة بعيداً عن التسعينيات التي عاش بها أكثر لحظات نجاحه مع “يوم الاستقلال” ثم Godzilla، وظل طوال الـ16 عاماً الماضية يحاول تكرار نفس نمط النجاح عن طريق أفلام تعيد نفس الحكاية عن دمار العالم، مثل The Day After Tomorrow و 2012، وفي كل مرة كان يفشل في إدراك أن ذائقة الجمهور تغيرت ولم نعد أبداً في القرن العشرين، لذلك فحين عاد من جديد في جزء ثان من فيلمه الأنجح فقد صنعه أيضاً بنفس قواعد وأساليب ومناطق إبهار التسعينيات دون أن يدرك أن الزمن قد غادر تلك اللحظة، لتكون النتيجة فيلما ثقيلا وجامدا ومزعجا حتى في بزخه البصري ومؤثراته التي لا تنتهي.