«حملة فريزر».. أهدر فرص رائعة للكوميديا والضحك
«سينماتوغراف» ـ محمد جابر
في كرة القدم، يخسرُ المدرب حين يفكِّر أنّه كلما زاد عدد المهاجمين، ستأتي الأهداف في مرمى الفريق المنافس، لأن اكتمال الفريق يحتاج أيضاً لـ”صانع ألعاب” يمنح لهم الكرة. في الأفلام الكوميدية، الأمر مشابه. أن تمتلك عدداً كبيراً من المُضحكين بشخصيّات مختلفة، ومساحات كبيرة على الشاشة، لا يعني أنّك ستخلق بالتأكيد كوميديا وضحكاً، لأن كل الكوميديين في هذه الحالة هم مهاجمون، دون وجود “صانع لعب” يقوم بالتمهيد، أو إبراز الكوميديا في الشخصيات الأخرى. وفيلم “حملة فريزر”، وعلى الرغم من قوّة أغلب عناصره، سواء من ناحية الفكرة، أو التنفيذ التقني، أو امتلاك ممثّلين لديهم حضورٌ كبيرٌ لدى المشاهد، إلا أنّه افتقد لقوة الكتابة الكوميدية والتنظيم الذي يسمح بالاستفادة من كل تلك الطاقات، وأصبح الفيلم أقرب إلى فرصة رائعة مهدورة.
يتناول الفيلم فكرةً فانتازية حول تغيُّر مناخ مصر، إذ يصبحُ مناخاً جليديّاً. وكمحاولة لإنقاذ البلاد، تبدأ المخابرات في مهمة بإيطاليا، هدفها الحصول على جهاز قادر على إيقاف الصقيع. ومن أجل تنفيذ تلك المهمّة، يتنكّر الممثلون في هيئة صناع فيلم سينمائي. إذ أنّ الممثل المغمور في سياق الفيلم، مديح البلبوصي، يصبح بطلاً، وشريكته هي فتاة الليل، تباهي، تحت قيادة المخرج، سراج الدين بعتذر.
الفكرة مثيرة، وطازجة الأجواء منحت الفيلم بالفعل كوميديا مختلفة في بدايته، إذ أنَّ الضحك قائم على علاقة المصريين بتغيَّرات المناخ، وعن كيفية التصرّف لمّا تصبح البلاد جليدية، وأثر ذلك على حياتهم اليومية. ولكن مع تقدم الفيلم للأمام، تتراجع أهمية الفكرة التي قام عليها، ويتحول لفيلم مغامرات تقليدية، و”ثيمة” المهمة التي يقوم بها أشخاص غير أكفاء. ويصبح ثقل الكوميديا بالكامل متركّزاً على تعامل البلبوصي أو سراج الدين مع المهام المكلفين بها، أو على شخصيات أخرى في الفيلم، مثل الشخص الذي يتحدث الإيطاليَّة بلكنة بورسعيدي، أو عميل المخابرات الذي يقود كل شيء.
ليست مشكلة الاختبار بأنّه تقليديٌّ فقط، وبأنّه قد تم استخدامه مراراً وتكراراً، وفي أفلام ناجحة قد يكون آخرها “كتكوت” لمحمد سعد، و”لا تراجع ولا استسلام” لأحمد مكي، وحتى بشكل ما في فيلم الثلاثي الأخير “الحرب العالمية الثالثة”، ولكن مشكلة هذا الاختيار، هو أن كل ممثل كوميدي في الفيلم بدا وكأنّه يسبح في وادٍ غير الآخر. وبدا كل شخص وكأنّه يعملُ بشكل منفرد، كأنه مهاجم يأخذ الكرة، ويريد أن يصل بها وحده إلى المرمى/الضحك، دون كتابة وعلاقات وسياقات متناغمة بين الأبطال والأحداث والشخصيات.
أثَّر هذا الأمر تماماً على مقدار الضحك، بل وأصبحت المواقف و”الإيفيهات” التي تُقال مُكرَّرة جداً، وتعتمد بالأساس على “كاريكتر” كل شخص، مثل الممثل الفاشل، أو قائد المهمّة الغاضب، أو الإيطالي البورسعيدي. وهذه المشكلة هي مسؤوليّة كاتبة السيناريو، ولاء الشريف، في المقام الأول. والمخرج، سامح عبد العزيز، في المقام الثاني. فالسيناريست، الذي استعان به هشام ماجد وشيكو لكتابة فكرتهم، يقوم كل تاريخه على كتابة المسلسلات، و”السيت كومز”، وهو أمر مختلف عن إيقاع الكتابة للسينما، أو شكل رسم المواقف والأحداث السينمائية، وعدم الاعتماد فقط على “كاريكاتيرية” الشخصيات.
أمّا المخرِج، سامح عبد العزيز، الذي قدم أفلاما كوميديّة متوسّطة أو ضعيفة النجاح سابقاً، ورغم تميُّزه التقني الكبير في الفيلم، وتقديمه صورة ومؤثّرات ممتازة فعلاً، إلا أنّه في المُجمل فشل في النتيجة الأهم في أي فيلم كوميدي، وهو “خلق الضحك”. وعند مقارنة تأثيره واستفادته من الشخصيات بالمخرج، أحمد الجندي، مثلاً في فيلم “الحرب العالمية الثالثة”، أو خالد الحلفاوي في “عشان خارجين”، تتوضح مقدار الإضافة التي يمنحها مخرج متمرّس في الكوميديا.